( وَمَا هُوَ بِقَوْلِ
شَيْطَانٍ رَجِيمٍ) لما ذكر جلالة كتابه وفضله
بذكر الرسولين الكريمين، اللذين وصل إلى الناس على أيديهما، وأثنى الله عليهما بما
أثنى، دفع عنه كل آفة ونقص مما يقدح في صدقه، فقال: ( وَمَا
هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ) أي: في
غاية البعد عن الله وعن قربه، ( فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) أي:
كيف يخطر هذا ببالكم، وأين عزبت عنكم أذهانكم؟ حتى جعلتم الحق الذي هو في أعلى
درجات الصدق بمنزلة الكذب، الذي هو أنزل ما يكون [ وأرذل] وأسفل الباطل؟ هل هذا
إلا من انقلاب الحقائق. القرآن الكريم - التحرير والتنوير لابن عاشور - تفسير سورة الرحمن - الآية 6. ( إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ
لِلْعَالَمِينَ) يتذكرون به ربهم، وما له من
صفات الكمال، وما ينزه عنه من النقائص والرذائل [ والأمثال] ، ويتذكرون به
الأوامر والنواهي وحكمها، ويتذكرون به الأحكام القدرية والشرعية والجزائية،
وبالجملة، يتذكرون به مصالح الدارين، وينالون بالعمل به السعادتين. ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ
يَسْتَقِيمَ) بعدما تبين الرشد من الغي، والهدى من الضلال. ( وَمَا
تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) أي:
فمشيئته نافذة، لا يمكن أن تعارض أو تمانع. وفي هذه الآية وأمثالها رد على فرقتي
القدرية النفاة، والقدرية المجبرة كما تقدم مثلها [ والله أعلم والحمد لله].
- القرآن الكريم - التحرير والتنوير لابن عاشور - تفسير سورة الرحمن - الآية 6
- القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة الفلق
- الاحترام بين الناس - الطير الأبابيل
- التقوى معيار الاحترام والمفاضلة بين الناس
- أهمية ومزايا الاحترام المتبادل بين الناس | مقالات وآراء
القرآن الكريم - التحرير والتنوير لابن عاشور - تفسير سورة الرحمن - الآية 6
أقسم تعالى بهذه الآيات
العظيمة، على النفس المفلحة، وغيرها من النفوس الفاجرة، فقال:
(
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) أي: نورها، ونفعها الصادر
منها. ( وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) أي:
تبعها في المنازل والنور. القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة الفلق. ( وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا) أي:
جلى ما على وجه الأرض وأوضحه. ( وَاللَّيْلِ
إِذَا يَغْشَاهَا) أي: يغشى وجه الأرض، فيكون ما
عليها مظلمًا. فتعاقب الظلمة والضياء، والشمس
والقمر، على هذا العالم، بانتظام وإتقان، وقيام لمصالح العباد، أكبر دليل على أن
الله بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه المعبود وحده، الذي كل معبود سواه
فباطل. وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا) يحتمل أن « ما » موصولة،
فيكون الإقسام بالسماء وبانيها، الذي هو الله تبارك وتعالى، ويحتمل أنها مصدرية،
فيكون الإقسام بالسماء وبنيانها، الذي هو غاية ما يقدر من الإحكام والإتقان
والإحسان، ونحو ذلك قوله: ( وَالأرْضِ وَمَا طَحَاهَا) أي:
مدها ووسعها، فتمكن الخلق حينئذ من الانتفاع بها، بجميع وجوه الانتفاع. ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا) يحتمل
أن المراد نفس سائر المخلوقات الحيوانية، كما يؤيد هذا العموم، ويحتمل أن المراد
بالإقسام بنفس الإنسان المكلف، بدليل ما يأتي بعده.
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة الفلق
تفسير السعدي _ سورة الشمس - YouTube
عطف على جملة { الشمس والقمر بحسبان} [ الرحمن: 5] عطف الخبر على الخبر للوجه الذي تقدم لأن سجود الشمس والقَمر لله تعالى وهو انتقال من الامتنان بما في السماء من المنافع إلى الامتنان بما في الأرض ، وجعل لفظ { النجم} واسطة الانتقال لصلاحيته لأنه يراد منه نجوم السماء وما يسمى نجماً من نبات الأرض كما يأتي. وعطفت جملة { والنجم والشجر يسجدان} ولم تفصل فخرجت من أسلوب تعداد الأخبار إلى أسلوب عطف بعض الأخبار على بعض لأن الأخبار الواردة بعد حروف العطف لم يقصد بها التعداد إذ ليس فيها تعريض بتوبيخ المشركين ، فالإِخبار بسجود النجم والشجر أريد به الإِيقاظ إلى ما في هذا من الدلالة على عظيم القدرة دلالة رمزية ، ولأنه لما اقتضى المقام جمع النظائر من المزاوجات بَعد ذكر الشمس والقمر ، كان ذلك مقتضياً سلوك طريقة الوصل بالعطف بجامع التضاد. وجُعلت الجملة مفتَتَحة بالمسند إليه لتكون على صورة فاتحة الجملة التي عطفت هي عليها. وأتي بالمسند فعلاً مضارعاً للدلالة على تجدد هذا السجود وتكرره على معنى قوله تعالى: { ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدوّ والآصال} [ الرعد: 15]. و { النجم} يطلق: اسمَ جمع على نجوم السماء قال تعالى: { والنجم إذا هوى} [ النجم: 1] ، ويطلق مفرداً فيُجمع على نجوم ، قال تعالى: { وإدبار النجوم} [ الطور: 49].
الاحترام هو أحد القيم الإنسانية ويعني تقدير الإنسان للآخر بغض النظر عن لونه أو نسبه أو ثقافته، بل التقدير راجع لصفته الإنسانية فقط. وقد يشمل الاحترام تقدير المعاني كاحترام الأنظمة والحقوق والمواقف المشرفة والإبداعات المتميزة كما أن الاحترام يشمل العلاقات الدولية إذ إن فقدان الاحترام بين الدول قد يُثير أزمات سياسية فاحترام الحدود بين الدول واحترام رعايا الدولة وقوانينها من الأمور الأساسية لكل دولة. كما أن الاحترام يشمل العلاقة بين المواطن والدولة إذ يجب على كل مواطن احترام وطنه وقيادته وشعبه كما أن الدولة مطالبة باحترام حقوق مواطنيها المتعددة كالرأي الذي يخدم الصالح العام ورعاية سُبل الكرامة الإنسانية والمساواة والعدالة بين المواطنين. وفي عهد الجاهلية العربية لم يكن للاحترام أي اعتبار إلا في إطار العصبية القبلية، فمنسوبو القبيلة مطالبون باحترام رئيس قبيلتهم ورؤساء القبائل يحترم بعضهم البعض الآخر لخشية بعضهم البعض.. أما المرأة وفقراء المجتمعات والمماليك فحدِّث عنهم ولا حرج من الاحتقار والإقصاء وعدم الاحترام. ويأتي في قمة الاحترام المتبادل ما يلي: احترام الوالدين احترام الإنسان لوالديه أمر حتمي باعتبار ذلك طاعة لله ولرسوله مصداقاً لقوله تعالى في هذا الشأن: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً}.. وكذلك قوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}.. التقوى معيار الاحترام والمفاضلة بين الناس. الآيتان (23-24) من سورة الإسراء.
الاحترام بين الناس - الطير الأبابيل
وهذا ما أكده المحدثون عندما ذكروا عدة مواقف: الأول: أنّ النبي صلى الله عليه وآله كان يُكرم من يدخل عليه ويُؤْثره بالوسادة، أي إذا كان متكئاً على وسادة ودخل عليه شخص قدَّم له ذلك المتكأ، كي يعطي أعظم الدروس في احترام الآخرين. الثاني: دخل أحد الأشخاص على النبي صلى الله عليه وآله في مسجده وكان المسجد خالٍ (فيه متسع) فتزحزح النبي صلى الله عليه وآله عن مكانه، فالتفت ذلك الداخل عليه وقال له: "يا رسول الله إنّ في المكان لمتسع" فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وآله وقال: (( إن حق المسلم على المسلم إذا رآه يريد الجلوس أن يتزحزح له))، أي يشعره بعناية واحترام وتقدير لشخصه، وبالتالي إذا تم تبادل هذا الاحترام بين الناس أصبحت مكارم الخُلق هي التي تسود علاقات المجتمع وأفراده. الثالث: قضية توزيع غنائم حنين، فعندما قَسّم النبي صلى الله عليه وآله تلك الغنائم على زعماء قريش الذين دخلوا الإسلام حديثاً، ولم يُعطِ الأنصار شيئاً، فتأثروا من ذلك، لكونهم قدّموا الكثير للنبي صلى الله عليه وآله ولم يحصلوا على شيء.
التقوى معيار الاحترام والمفاضلة بين الناس
وإن المرء بأخلاقه ودينه يسع الناس ولا يسعهم بماله وأملاكه، واحترام الناس وتوقيرهم أدب رفيع يتحلى به الموفقون من عباد الله المسددون من الناس، ويتصف به كبار الهمم، وعالي القمم، الذين ارتفعوا بطاعة ربهم حتى زينهم بها، قد هذبهم دينهم، وأدبتهم صلاتهم، وأثرت فيهم خشيتهم من الله -تعالى- وصفت قلوبهم، وطهرت سرائرهم، فتواضعوا لله -تعالى- ولانوا لإخوانهم، وحرصوا على هداية الناس. باحترامهم للناس أدخلوا الناس في دين الله، وأنقذوهم من النار بتوقير عباد الله وقّرهم الله، وأعلى مكانتهم بين عباده، فكانوا مصابيح للعباد وسرجاً للناس يبصرون بهم بعد الله -تعالى- طريق الهدى ودرب الرشاد، يقول تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلمَ-: ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الحجر: 88]، ويقول له: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159]. لقد تزين باحترام الناس سيد الخلق محمد -عليه الصلاة والسلام- فكان مضرب الأمثال في احترامه للناس حتى أعجب به أعداؤه قبل أصحابه يتبول إعرابي في المسجد، فيهم الصحابة بضربه، والاعتداء عليه، فيمنعهم عليه الصلاة والسلام، ويأمرهم بتركه، حتى يتم بوله، ثم يناديه ويعلمه مكانة المسجد ومقامه؛ بأنه لا يصلح إلا للصلاة والذكر وقراءة القرآن، ولا يصلح لمثل هذه القاذورات، فيعجب الأعرابي من خلق هذا النبي الكريم ويتوجه إلى الله داعياً أن يرحمه ومحمداً ولا يرحم معهما أحدا.
أهمية ومزايا الاحترام المتبادل بين الناس | مقالات وآراء
تنبيه: أصل هذه الورقة خطبة منبرية ألقيتها: يوم الجمعة 10 جمادى الآخر 1434 هـ، الموافق 19 فبراير 2013 م. تم تنقيحها ومراجعتها والزيادة عليها يوم السبت 12 ربيع الأول 1436 هـ، الموافق 03 يناير 2015 م.
وفي السنّة الشريفة سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: (إيمان بالله ورسوله ثم بر الوالدين).. ويأتي احترام الوالدين لكونهما سبباً لاجتماع الأسرة ووحدتها ولأنهما سبب لوجود الإنسان وتربيته ورعايته.. ومن مظاهر احترام الوالدين مخاطبتهما بالألفاظ اللائقة وعدم النظر إليهما بحدة وقسوة ومساعدتهما في حمل أغراضهما وإلقاء السلام عليهما عند لقاء أي منهما وحفظ أسرارهما. احترام كبار السن وذلك بتوقيرهم وتجنُّب المزح غير اللائق معهم واستقبالهم عند قدومهم بالفرح والترحيب وحسن الاستماع إليهم وعدم مخاطبتهم بأسمائهم المجرَّدة، بل بألقابهم أو كنياتهم. احترام العلماء والمعلمين وذلك لدورهم في مجال التوعية والتربية والإرشاد إلى الطريق الصحيح قال عليه الصلاة والسلام: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه).. ويقول المولى عز وجل: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.. الآية (11) سورة المجادلة. ويقول الشاعر: العلم أشرف مطلوب وطالبه لله أفضل من يمشي على قدم وسُئل أحد الحكام السابقين لم تُكرّم معلمك فوق كرامة أبيك فقال: إن أبي سبب حياتي الفانية ومعلمي سبب حياتي الباقية.
يقول آلبير كامو: "ليس هناك أكثر دناءة من الاحترام القائم على الخوف. " وكل انتهاك لحقوق الإنسان يمكن اعتباره عدم احترام لإنسانيته، وعدم تصدي الناس لمثل هذه السلوكيات يمكن أن يجعلهم في المستقبل عرضة للوقوع ضحية نفس الانتهاكات، وما هو أشد فداحة، فالاحترام يجب أن يسود المجتمع، وأن يُعامل كل إنسان بالاحترام اللائق الذي يحفظ عليه حقوقه. إن الاحترام سلوك عام يمكن أن يشمل كل مناحي الحياة، فتحترم حق الكائنات الآخرى في الوجود والحياة، وتحترم المكان الذي تسكنه والدولة التي تعيش بها، وهذا الكوكب الصغير الذي يضم بين جنباته الحياة. يقول جبران خليل جبران: "الاحترام فوق كل شيء، فوق الصداقة وفوق القرابة وفوق الحب أيضاً. " موضوع تعبير عن احترام أراء الآخرين قال تعالى: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" فالله قد خلق الناس مختلفين ليتعارفوا لا ليتحاربوا أو ليدعي أحدهم أنه يمتلك وحده الحقيقة المطلقة، وأنه يحق له ما لا يحق لغيره. ولذلك كان من الضروري أن تسود لغة الحوار والتفاهم بين الناس، وأن يعرض كل منهم وجهة نظره ويناقش فيها الآخرين، وإلا ستسود لغة القمع والقهر وتشتعل الحروب وينتشر الخوف والقلق وتعم الكراهية، ويرغب كل طرف في فناء الطرف الآخر.