والسمة البارزة في تفسيره هي الميل إلى الاختصار بقدر الإمكان مع التلخيص والجمع للأقوال، لذا يكتفي غالبا بالإشارة، كما يهتم بأسباب النزول، والقراءات والإعراب، ويكثر من ذكر السؤال والجواب. هذه نبذة يسيرة عن كتاب التسهيل لعلوم التنزيل، وأجد من المناسب بعدها ذكر ما أورده المؤلف -رحمه الله تعالى- في مقدمة كتابه التسهيل إذ يقول:
"فإنّ علم القرآن العظيم: هو أرفع العلوم قدرا، وأجلها خطرا، وأعظمها أجرا، وأشرفها.
التسهيل لعلوم التنزيل Pdf
يظهر كتاب: "التسهيل لعلوم التنزيل" لابن جزي الغرناطي المتوفى (741 هـ) العقل المنهجي لصاحبه بجلاء، فقد سلك فيه طريقا متفردا جعله من أهم كتب التفسير بالمأثور رغم تأخر زمان صاحبه، وهو تفسير -حسب رأيي- لا يستغني عنه العالم المتبحر في الدراسات القرآنية ولا الشادي في هذا العلم، وذلك لأنه جمع ثلاث صفات هامة، هي: الاكتناز والاختصار والتبسيط. وابن جزي عالم مجاهد توفي شهيدا في إحدى معارك الاسترداد الأندلسية وهي معركة طريف، حيث كان هناك يحرض الجيش على القتال، ولعل هذه الروح الجهادية العملية هي التي دفعته إلى تأليف كتابه بهذه الطريقة المختصرة حجما الزاخرة علما، فلعله كان يريد له أن يكون دفاتر خفيفة المحمل في أيدي المجاهدين فلا يفوتهم فضل تدبر القرآن ولا تشغلهم التفريعات والتطويلات عن واجب الذود عن الحمى. أوضح المؤلف أنه بصدد تخليص تفسيره، من المباحث التي أتخم بها المفسرون كتبهم، وهي مباحث -في نظره- ليست لها علاقة مباشرة بالمعنى القرآني، وإنما تتعلق بعلوم أخرى لها مصنفاتها الخاصة مثل الحديث والفقه والأصول والنحو والبلاغة وغير ذلك، فاكتفى من كل ذلك بما يسهم في إيضاح المعنى الصلب للآية المفسَّرة، فجاء كتابه إلماعات دقيقة من استنباطاته، ونُخالةً ناضجة من كتب المفسرين، "بعد تلخيصها وتمحيصها وتنقيح فصولها، وحذف حشوها وفضولها"، وهي كتب كانت حسب وصفه" مختلفة الأوصاف متباينة الأصناف".
كتاب التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي
العنوان المعروف: التسهيل لعلوم التنزيل. المؤلف: أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن جُزي الكلبي الغرناطي. ولادته: ولد في سنة 693هـ - 1293م ، وتوفي في سنة 741هـ - 1340م. مذهب المؤلف: مالكي أشعري. اللغة: العربية. تاريخ التأليف: بعد 735هـ. عدد المجلدات: 2. طبعات الكتاب: الطبعة الأولى ، مصر ، المكتبة التجارية الكبرى ، سنة 1355هـ ، الحجم 28سم. الطبعة الثانية ، بيروت ، دار الكتاب العربي ، 1393هـ - 1972م ، أربعة أجزاء في مجلد كبير. الطبعة الثالثة ، القاهرة ، دار الكتب الحديثة ، تحقيق عبد المنعم اليونسي وإبراهيم عطوة عوض ، سنة 1973م ، الحجم 30سم. حياة المؤلف
هو أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن جُزي ، الكلبي الغرناطي ، كان من مشاهير العلماء بغرناطة وعلى طريقة مثلى من العكوف على العلم والاشتغال بالنظر والتقييد والتدوين. وأيضاً من المجاهدين المحاربين. ولد سنة 693هـ بغرناطة عاصمة الأندلس ، ودرس فيها واشتغل بالفقه والتفسير وجمع بينهما وكثير من الفنون. وقد ألف كتباً كثيرة في فنون شتى من علوم القرآن ، والفقه ، والأصول والتفسير والحديث. قرآ ابن جُزي على الأستاذ ابي جعفر بن الزبير ، وأخذ عنه العربية والفقه والحديث والقرآن ، ولازم الخطيب أبا عبد الله بن رشيد ، ومن الشايخ الآخرين الذين تلقى العلم عنهم كانوا رجالاً مؤثرين في الحياة الأندلسية والمغربية ، وعلماء عاملين.
2. ذكر نكت عجيبة وفوائد غريبة ، قلما توجد في كتاب. 3. إيضاح المشكلات.. وبيان المجملات. 4. تحقيق أقوال المفسرين السقيم منها والصحيح ، وتمييز الراجح من المرجوح) (3). قد ذكر المفسر مقدمات في علوم القرآن في اثني عشر باباً ، منها:
في نزول القرآن ، السور المكية والمدنية ، المعاني والعلوم التي تضمنها القرآن ، في فنون العلم التي تتعلق بالقرآن ، أسباب الخلاف بين المفسرين ، في ذكر المفسرين وجوامع القراءة ، في الفصاحة والبلاغة وأدوات البيان. وهي تشبه الى حد كبير بمقدمة تفسير (المحرر الوجيز) لابن عطية. وقد اعتمد في تفسير اعتماداً كبيراً على تفسير ابن عطية (المحرر الوجيز) وتفسير الزمخشري (الكشاف). ونقل عن أعلام المفسرين واللغويين (4). منهجه
كانت طريقة ترتيب تفسيره حسب ترتيب سور المصحف ، فيورد جزءاً من الآية ، فيفسر أهم الجمل فيها مع توضيح مفرداته ، تاركاً الواضح منها دون تفسير ، وقد يترك في تفسيره الآية ، والآيتين ، بدون تفسير وذلك إما لأنه قد فسر آية أو آيات شبيهة بها ، أو لأنها من الوضوح بحيث لا تحتاج الى تفسير ، ثم ينقل الأقوال مع الاختصار ويذكر سبب النزول – ان كان لها سبب للنزول – وبيان المناسبات والقراءات والأعراب والاشتقاق ونقل الأحكام المتعلقة بالآيات من دون رعاية دقيقة لترتيب هذه الأمور.
وللمناسبة ذكرنا هذا من باب ما يسمى بالإعجاز العددي في القرآن. 14. وأخيرًا فإن لفظ " منقعر " المذكر جاء في سورة "القمر" المذكر، ولفظ " خاوية " المؤنث جاء في سورة "الحاقة" المؤنثة. أعجاز نخل خاوية...!. والله تعالى أعلم حيث يضع كلماته. أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
الكلمات الدلالية (Tags):
لا يوجد
مشارك نشيط
تاريخ التسجيل: _December _2007
المشاركات: 45
قال الزمخشري ذكَّرَ صفة نخل على اللفظ ولو حملها على المعنى لأنَّثَ كما قال (اعجاز نخل خاوية). قال الصاوي قال منقعر ولم يقل منقعرة وأنث في الحاقة فقال خاوية ولم يقل خاوٍ باعتبار معنى الجماعة. قال الشربيني منقعر صفة لنخل باعتبار الجنس وأنث في الحاقة فقال (نخل خاوية) باعتبار معنى الجماعة. قال الزركشي كل ما ورد عليك من هذا الباب فلك أن ترده إلى اللفظ تذكيرا ولك أن ترده إلى المعنى تأنيثا وهذا من قاعدة أن اسم الجنس تأنيثه غير حقيقي فتارة يلحظ معنى الجنس فيذكر وتارة معنى الجماعة فيؤنث قال تعالى في قصة شعيب (وأخذت الذين ظلموا الصيحة) وفي قصة صالح (وأخذ الذين ظلموا الصيحة) وقال (إن البقر تشابه علينا) وقرىء تشابهت. قال السهيلي في الروض الأنف إذا قلت عبيد ونخيل فهو اسم يتناول الصغير والكبير من ذلك الجنس قال الله تعالى (وزرع ونخيل) وقال (وما ربك بظلام للعبيد) وحين ذكر المخاطبين منهم قال العباد ولذلك قال حين ذكر التمر من النخيل (والنخل باسقات) و(أعجاز نخل منقعر) فتأمل الفرق بين الجمعين في حكم البلاغة واختيار الكلام.
أعجاز نخل خاوية...!
ولما رأوا الشدة التي حلت بهم، بادروا إلى حفر الأرض، وإقامة السراديب، ثم الاختباء في أعماقها، مخافة الهلاك والفناء، إلا أن قوة الريح وعتوها انتزعتهم من أعماق تلك السراديب، وقذفت بهم فوق سطح الأرض صرعى، كأنهم أصول أشجار نخل، اقتلعت من جذورها العميقة، وقذف بها خاوية مهملة. قال صاحب الكشاف: "كانوا يتساقطون على الأرض أمواتاً، وهم جثث طوال عظام، كأنهم أعجاز نخل، وهي أصولها بلا فروع، منقعر: منقلع عن مغارسه. وقيل: شبهوا بأعجاز النخل؛ لأن الريح كانت تقطع رؤوسهم، فتبقى أجساداً بلا رؤوس". فالآية الكريمة شبهت قوم عاد المطروحين على الأرض بأصول النخيل المقطوعة، التي تُقلع من منابتها ؛ إذ تزول فروعها، ويتحات ورقها، فلا تبقى إلا الجذوع الأصلية؛ فلذلك سميت أعجازاً. وذكرت بعض كتب التفسير ، أن هذا التشبيه لقوم عاد بالنخل، إنما مرده إلى ما كانوا عليه من طول في القامة، ومتانة في الأبدان، تمكنهم من مواجهة البأساء والضراء، ومع ذلك فلم يغن عنهم ذلك من أمر الله شيئاً، وحاق بهم العذاب؛ جراء عتوهم، وتكبرهم، وتجبرهم. التشبيه الثاني: قوله سبحانه: { فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة من الآية:7] ؛ التشبيه في هذه الآية يصف النخل بـ "الخواء"، فيُحتمل أن يكون وصفاً لـ "القوم"، فإن الريح كانت تدخل أجوافهم، فتصرعهم كالنخل الخاوية الجوف، ويحتمل أن تكون "(الخاوية" بمعنى "البالية"؛ لأنها إذا بليت، خلت أجوافها، فشُبهوا بعد أن أُهلكوا بالنخيل البالية.
اقرأ أيضا: هل من اللازم أن يستجيب الله لكل من يدعوه؟ (الشعراوي يجيب)