وهذا يدل على كمال توحيده – صلى الله عليه وسلم - ولن يخيب عبد تعلق بالله ولو كادته السماوات والأرض إلا جعل الله له من بين أطباقهن فرجًا، فالمؤمن الكامل لا يدخل الخوف قلبه أبدًا. وقيل: المراد بالأمن أمن الآخرة إذا خرج الناس من قبورهم حفاة عراة وبدت من الآخرة أهوالها وأصبح الناس في خوف شديد وفزع عظيم: ﴿ أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إ ﴾ [سورة فصلت آية: 40]. ومن ثمرات الإيمان ثبات القلوب، فمن أعظم المصائب تقلب القلوب عن طاعة الله: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [سورة إبراهيم آية: 27]، فأهل الإيمان أهل ثبات ويقين لا تضرهم الفتن مهما عظمت، ولا تقلبهم المحن مهما اشتدت لأنهم تمسكوا بحبل الله المتين. من ثمرات الإيمان | موقع الشيخ محمد بن عبد الله السبيل. ألزم يديك بحبل الله معتصما فإنه الركن إن خانتك أركان ومن ثمرات الإيمان الهداية والرحمة: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [سورة التغابن آية: 11]، وقال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [سورة الأنعام آية: 82]، أي الهداية التامة في كل أحوالهم وفي جميع شئونهم، الهداية التي لا ضلال معها.
من ثمرات الإيمان بالغيب
5- الرفعة في الدين والإمامة فيه؛ قال جل وعز { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة: 24] ، ولا أدل على ذلك من إمامة أهل الدين واليقين بالله، فقد خلد الله ذكرهم، وأبقى مآثرهم وهم بين أطباق الثرى؛ فأعيانهم مفقودة، ولكن آثارهم وأخبارهم في الحياة موجودة. الإيمان بالله صلة بين الضعيف وربه، كما أن القوي يستمد منه قوته. 6- محبة الله للمؤمنين، قال تعالى { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] ، وقال { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96]
7- الحياة الطيبة في الدارين، قال جل وعز { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97] ، فأين الباحثون عن الحياة الطيبة والسعادة؟!! حياة بلا إيمان موت محتوم... من ثمرات الايمان بالقدر. مقلة بلا إيمان عمياء.. لسان بلا إيمان أخرس.. يد بلا إيمان شلاء..
8- محبة الله للمؤمن، ومحبة المؤمن له، يقول جل وعز { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] ؛ أي: يحبهم ويجعل لهم المحبة بين الناس.
8- السعادة الحقيقية والراحة النفسية؛ مما يجعله يشعر بأنه في جنة الدنيا من السعادة وراحة البال؛ لأن له رب واحد هو الله جل وعز، ونبي واحد هو محمد بن عبدالله ﷺ، ومنهج واحد هو اتباع رضوان الله، وهدف واحد هو جنة عرضها السماوات والأرض. من ثمرات الايمان – المحيط. وإنك لتلتفت يمينًا وشمالًا فترى العيادات النفسية تمتلىء بالمرضى، وتستمع للشكاوى والهموم والغموم والأرق وقلة النوم والهواجس والكوابيس؛ فتعلم علم اليقين أن هذا كله بسبب الابتعاد عن الإيمان الحق بالله جل وعز، وبسبب الركون للدنيا والتعلق بها؛ فالماديات قد طغت على الجوانب الروحية، والإنسان بحاجة ماسة لإشباع الجانب الروحي، ولا يكون ذلك إلا بالإيمان الحق بالله جل وعز والتعلق به ومداومة ذكره، والإيمان بالملائكة وبالكتب وبالرسل وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، حلوه ومره من الله جل وعز. المهم أن كثيرًا من الخلق قد غفل عن دواء القلب، وعن راحة الصدر، وعن جنة الدنيا لهثًا وراء حطام الدنيا الفانية، فلا هو حقق ما يريد، ولا هو استراح من أول الطريق. وإشباع الجانب الروحي لن يحصل إلا بالإيمان؛ لأن الروح من عند الله، والجسد خلقه الله من تراب، فكلما أشبعت الجانب الروحي سمت نفسك وارتقت واطمأنت وارتفعت عن سَفَاسِف الأمور، وكلما أهملت هذا الجانب انحدرت نفسك إلى الطبيعة الحيوانية الشهوانية، وزاد ضِيقها وضَنَكها، وأظلمت الدنيا في عينيها.
والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ولكل من يصلح له. أى: أخبرنى- أيها الرسول الكريم- أرأيت وعرفت أسوأ وأعجب من حال هذا الإنسان الذي يكذب بيوم الدين، أى: بيوم البعث والجزاء والحساب وينكر ما جئت به من عند ربك من حق وهداية. مما لا شك فيه أن حال هذا الإنسان من أعجب الأحوال، وعاقبته من أسوأ العواقب... والرؤية في قوله أَرَأَيْتَ يحتمل أن تكون بصرية، فتتعدى لواحد هو الاسم الموصول، كأنه- تعالى- قال: أأبصرت أسوأ وأعجب من هذا المكذب بيوم الدين. ويحتمل أن تكون علمية، فتتعدى لاثنين، أولهما: الاسم الموصول والثاني: محذوف، والتقدير: أعرفت الذي يكذب بالدين من هو؟ إننا نحن الذين نعرفك صفاته، وهي: البغوى: مكية ( أرأيت الذي يكذب بالدين) قال مقاتل: نزلت في العاص بن وائل السهمي وقال السدي ومقاتل بن حيان وابن كيسان: في الوليد بن المغيرة. ارايت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم. قال الضحاك: في [ عمرو] بن عائذ المخزومي. وقال عطاء عن ابن عباس: في رجل من المنافقين. ومعنى " يكذب بالدين " أي بالجزاء والحساب. ابن كثير: مكية يقول تعالى: أرأيت - يا محمد - الذي يكذب بالدين ؟ وهو: المعاد والجزاء القرطبى: تفسير سورة الماعون وهي سبع آيات وهي مكية في قول عطاء وجابر وأحد قولي ابن عباس وغيره ومدنية في قول له آخر وهو قول قتادة بسم الله الرحمن الرحيم أرأيت الذي يكذب بالدين قوله تعالى: أرأيت الذي يكذب بالدين أي بالجزاء والحساب في الآخرة; وقد تقدم في ( الفاتحة).
بسم الله الرحمن الرحيم أرأيت الذي يكذب بالدين
أما آية وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ فقد نزلت لأن المنافقون كانوا يبررون لأنفسهم بخلهم على الفقراء والمساكين. وآيتي فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) نزلتا لينذر الله تعالى بها المنافقين الذين لا يبالون بصلواتهم ويتركونها استخفافًا بعقاب تركها، فكانوا يتركون وقت أدائها يخرج. ارايت الذي يكذب بالدين سعود الشريم. وآية وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ نزلت لأنه قد جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أن الكفار كانوا يرفضون مساعدة المسلمين ويرفضون طلباتهم في استعارة أشياء مثل القدر والدلو والفأس. وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا والذي أوضحنا لكم من خلاله أرأيت الذي يكذب بالدين تفسير وسبب نزول السورة وصفات المشركين فيها، تابعوا المزيد من المقالات على الموسوعة العربية الشاملة. المراجع
1
2
3
4
5
وقوله: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}: الماعون: الخير والبِر والمعروف. إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الماعون- الجزء رقم18. وهو من العون: أي ما يُعينهم على قضاء حوائجهم. والمعنى: أن هؤلاء المكذِّبين المنافقين يمنعون الخير والبِر والمساعدة عن الضعفاء والفقراء والمساكين، لقسوة قلوبهم، وسُوء طباعهم، وجفاء نفوسهم. هذه هي صفات المكذبين المنافقين، أما المؤمن الحقيقي، المُنقاد والمستسلم لله ربِّ العالمين، هو الذي يؤمن بالغيب، والبعث والحساب والجنة والنار، ويتصف بالصفات الحميدة، من الشفقة والرَّحمة باليتيم، والعطف عليه، وتقديم يد العون إليه، فضلًا عن حثِّ الأغنياء على إطعامهم، وحُسْن معاملتهم، وكذلك المؤمن هو الذي يُحافظ على الصَّلاة في أوقاتها بخشوعٍ وخضوعٍ لله ربِّ العالمين، دون تضييع أو تغافل، يبتغي من صلاته وعباداته وجه الله - عزَّ وجل -، لا رياءً ولا سمعةً، ويحرص على تقديم يد العون والمساعدة للضُّعفاء والمحتاجين، ولا يمنع عنهم الخير والبِرِّ والمعروف.
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الماعون- الجزء رقم18
الرئيسية
الأخبار
الخميس 29/أبريل/2021 - 08:40 ص
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
واصل الدكتور هنيدي هنيدي عبدالجواد، مدرس التفسير وعلوم القرآن وعضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، تفسيره لآيات كتاب الله الحكيم من خلال آيات سورة الطاعون. وقال في تفسير قوله - تعالى -: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 1 - 7]، إن هذه السورة الكريمة تُبيِّن الصفات الذَّمِيمِة، والأفعال القبيحة، والنوايا السيِّئة، للمكذِّبين بالله ورسوله، والجاحدين لنِعمه وآلائه، والقاسية قلوبهم، والمنافقين المرائين لأعمالهم، وتوعُّدُهم بالعذاب الأليم يوم الحساب. وبين أن قوله: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ}: الاستفهام: تعجبي. بسم الله الرحمن الرحيم أرأيت الذي يكذب بالدين. والرؤية: بمعنى العلم والمعرفة. والخطاب: للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولكل من يصلح للخطاب. والمراد بالدِّين: يوم البعث والقيامة والحساب. والمعني: أعلمت وعرفت ـ أيها النبي الكريم ـ أعجب من حال هذا الذي يُكذِّب بيوم البعث والقيامة، ويُنْكر الحساب والجنة والنار، ولا يؤمن بالغيبيات وإنما بالماديات والمحسوسات.
تفسير قوله تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴾
وقال تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الماعون: 1 - 3]. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الماعون - قوله تعالى أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم - الجزء رقم31. قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الآيات التي فيها الحث على الرفق باليتامى ونحوهم من الضعفاء، قال: وقال تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الماعون: 1 - 3]. ﴿ أَرَأَيْتَ ﴾ يقول العلماء: إن معناها أَخبِرْني، يعني أَخبِرْني عن حال هذا الرجل وماذا تكون. والدِّين: الجزاء؛ يعني يكذِّب بالجزاء وباليوم الآخر ولا يصدِّق به، وعلامة ذلك أنه يَدُعُّ اليتيم؛ يعني يدفعه بعنف وشدة ولا يرحمه. ﴿ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾؛ أي: لا يحثُّ الناس على طعام المسكين، وهو بنفسه لا يفعله أيضًا، ولا يُطعِم المساكين، فحال هذا - والعياذ بالله - أسوأ حال؛ لأنه لو كان يؤمن بيوم الدِّين حقيقةً لَرَحِمَ من أوصى الله برحمتهم، وحضَّ على طعام المسكين.
إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الماعون - قوله تعالى أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم - الجزء رقم31
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القُرْآنَ، فَهو يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيْلِ، وآناءَ النَّهارِ، فَسَمِعَهُ جارٌ له، فقالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ ما أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعْمَلُ، ورَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا فَهو يُهْلِكُهُ في الحَقِّ، فقالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ ما أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعْمَلُ".
قال ابن العربي: لأن السلامة من السهو محال ، وقد سها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاته والصحابة: وكل من لا يسهو في صلاته ، فذلك رجل لا يتدبرها ، ولا يعقل قراءتها ، وإنما همه في أعدادها; وهذا رجل يأكل القشور ، ويرمي اللب. وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسهو في صلاته إلا لفكرته في أعظم منها; اللهم إلا أنه قد يسهو في صلاته من يقبل على وسواس الشيطان إذا قال له: اذكر كذا ، اذكر كذا; لما لم يكن يذكر ، حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى. الرابعة: قوله تعالى: الذين هم يراءون أي يري الناس أنه يصلي طاعة وهو يصلي تقية; كالفاسق ، يري أنه يصلي عبادة وهو يصلي ليقال: إنه يصلي. وحقيقة الرياء طلب ما في الدنيا بالعبادة ، وأصله طلب المنزلة في قلوب الناس. وأولها تحسين السمت; وهو من أجزاء النبوة ، ويريد بذلك الجاه والثناء. وثانيها: الرياء بالثياب القصار والخشنة; ليأخذ بذلك هيئة الزهد في الدنيا. وثالثها: الرياء بالقول ، بإظهار التسخط على أهل الدنيا; وإظهار الوعظ والتأسف على ما يفوت من الخير والطاعة. ورابعها: الرياء بإظهار الصلاة والصدقة ، أو بتحسين الصلاة لأجل رؤية الناس; وذلك يطول ، وهذا دليله; قاله ابن العربي.