والذي يظهر لي أن في الكلام استخداماً في ضميري { تغشاها} وما بعده إلى قوله: { فيما آتاهما} وبهذا يجمع تفسير الآية بين كلا الرأيين. و ( من) في قوله: { من نفس واحدة} ابتدائية. وعبر في جانب الأنثى بفعل جعل ، لأن المقصود جعل الأنثى زوجاً للذكر ، لا الإخبارُ عن كون الله خلقها ، لأن ذلك قد علم من قوله: { هو الذي خلقكم من نفس واحدة}. و ( من) في قوله: { وجعل منها} للتبعيض ، والمراد: من نوعها ، وقوله: { منها} صفة ل { زوجها} قدمت على الموصوف للاهتمام بالامتنان بأن جعل الزوج وهو الأنثى من نوع ذكرها وهذه الحكمة مطردة في كل زوجين من الحيوان. وقوله: { ليسكن إليها} تعليل لما أفادته ( من) التبعيضية. تفسير: (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع). والسكون مجاز في الاطمئنان والتأنس أي: جعل من نوع الرجل زوجه ليألفها ولا يجفو قربها ، ففي ذلك منة الإيناس بها ، وكثرة ممارستها لينساق إلى غشيانها ، فلو جعل الله التناسل حاصلاً بغير داعي الشهوة لكانت نفس الرجل غير حريصة على الاستكثار من نسله ، ولو جعله حاصلاً بحالة ألم لكانت نفس الرجل مقلة منه ، بحيث لا تنصرف إليه إلاّ للاضطرار بعد التأمل والتردد ، كما ينصرف إلى شرب الدواء ونحوه المعقبة منافع ، وفُرع عنه بفاء التعقيب ما يحدث عن بعض سكون الزوج إلى زوجه وهو الغشيان.
وهو الذي خلقكم من نفس واحدة من
فاذهب فما بك والأيام من عجب [ ص: 7] والرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف ، كأنه قيل: والأرحام كذلك ، على معنى: والأرحام مما يتقى أو والأرحام مما يساءل به ، والمعنى أنهم كانوا يقرون بأن لهم خالقا ، وكانوا يتساءلون بذكر الله والرحم ، فقيل لهم: اتقوا الله الذي خلقكم ، واتقوا الذي تتناشدون به واتقوا الأرحام فلا تقطعوها. أو واتقوا الله الذي تتعاطفون بإذكاره وبإذكار الرحم ، وقد آذن عز وجل إذ قرن الأرحام باسمه ، أن صلتها منه بمكان ، كما قال: ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا: [الإسراء: 23] ، وعن الحسن: إذا سألك بالله فأعطه ، وإذا سألك بالرحم فأعطه ، وللرحم حجنه عند العرش ، ومعناه ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه -: الرحم معلقة بالعرش فإذا أتاها الواصل بشت به وكلمته ، وإذا أتاها القاطع احتجبت منه ، وسئل ابن عيينة عن قوله عليه الصلاة والسلام: "تخيروا لنطفكم". فقال: يقول لأولادكم وذلك أن يضع ولده في الحلال. وهو الذي خلقكم من نفس واحدة ح8. ألم تسمع قوله [ ص: 8] تعالى: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام: وأول صلته أن يختار له الموضع الحلال ، فلا يقطع رحمه ولا نسبه فإنما للعاهر الحجر ، ثم يختار الصحة ويجتنب الدعوة ، ولا يضعه موضع سوء يتبع شهوته وهواه بغير هدى من الله.
وهو الذي خلقكم من نفس واحدة سخر الله له
القول في تأويل قوله: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة)، يعني بالنفس الواحدة: آدم، (8) كما: - 15497 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي, عن سفيان, عن رجل, عن مجاهد: (خلقكم من نفس واحدة) قال: آدم عليه السلام. (9) 15498 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة)، من آدم. وهو الذي خلقكم من نفس واحدة فقط. (10) * * * ويعني بقوله: (وجعل منها زوجها)،: وجعل من النفس الواحدة, وهو آدم, زوجها حواء، (11) كما: - 15499 - حدثني بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة. (وحمل منها زوجها)،: حواء, فجعلت من ضلع من أضلاعه، ليسكن إليها. (12) * * * ويعني بقوله: (ليسكن إليها)،: ليأوي إليها لقضاء حاجته ولذته. (13) * * * ويعني بقوله: (فلما تغشاها)، فلما تدثَّرها لقضاء حاجته منها، فقضى حاجته منها =(حملت حملا خفيفًا)، وفي الكلام محذوف، ترك ذكرُه استغناءً بما ظهر عما حذف, وذلك قوله: (فلما تغشاها حملت)، وإنما الكلام: فلما تغشاها =فقضى حاجته منها= حملت.
وهو الذي خلقكم من نفس واحدة بمركز القوقعة بالجوف
وقوله: ( حملت حملا خفيفا) ، يعني ب " خفة الحمل ": الماء الذي حملته حواء في رحمها من آدم ، أنه كان حملا خفيفا ، وكذلك هو حمل المرأة ماء الرجل خفيف عليها. وأما قوله: ( فمرت به) ، فإنه يعني: استمرت بالماء: قامت به وقعدت ، وأتمت الحمل ، كما: -
15500 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبو أسامة ، عن أبي عمير ، عن أيوب قال: سألت الحسن عن قوله: ( حملت حملا خفيفا فمرت به) قال: [ ص: 305] لو كنت امرءا عربيا لعرفت ما هي ؟ إنما هي: فاستمرت به. 15501 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة: ( فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به) ، استبان حملها. 15502 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( فمرت به) قال: استمر حملها. تفسير قول الله تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} ودفع شبهة تقدُّم خلق حواء | مركز سلف للبحوث والدراسات. 15503 - حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط ، عن السدي ، قوله: ( حملت حملا خفيفا) قال: هي النطفة وقوله: ( فمرت به) ، يقول: استمرت به. وقال آخرون: معنى ذلك: فشكت فيه. ذكر من قال ذلك:
15504 - حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله: ( فمرت به) قال: فشكت ، أحملت أم لا ؟
ويعني بقوله: ( فلما أثقلت) ، فلما صار ما في بطنها من الحمل الذي كان خفيفا ، ثقيلا ودنت ولادتها.
وهو الذي خلقكم من نفس واحدة فقط
الثالث: قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189]. الرابع: قوله سبحانه: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الزمر: 6]. وأطبق المفسِّرون على أنَّ ظاهر الآياتِ دالٌّ على أن ابتداء خلق حواء من نفس آدم -عليهما السلام- وأنَّ آدمَ هو أصلُها الذي اختُرِعت وأُنشِئت منه، ويعضِّد هذا ويقوِّيه ما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: « استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خلقت من ضِلَع، وإنَّ أعوج شيءٍ في الضلع أعلاه، فإن ذهبتَ تقيمُه كسرتَه، وإن تركته لم يزل أعوجَ، فاستوصوا بالنساء » ( [8])، وقد جاء هذا المعنى صريحًا في كلام ابن عباس، ومجاهد، والسدي، وقتادة( [9]).
وهو الذي خلقكم من نفس واحدة ايجي
يقال منه: " أثقلت فلانة " إذا صارت ذات ثقل بحملها ، كما يقال: " أتمر فلان ": إذا صار ذا تمر. كما: -
15505 - حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط ، عن السدي: ( فلما أثقلت) ،: كبر الولد في بطنها. [ ص: 306]
قال أبو جعفر: ( دعوا الله ربهما) ، يقول: نادى آدم وحواء ربهما وقالا يا ربنا ، " لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين ". واختلف أهل التأويل في معنى " الصلاح " الذي أقسم آدم وحواء عليهما السلام أنه إن آتاهما صالحا في حمل حواء: لنكونن من الشاكرين. فقال بعضهم: ذلك هو أن يكون الحمل غلاما. 15506 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال: قال الحسن ، في قوله: ( لئن آتيتنا صالحا) قال: غلاما. هو الذي خلقكم من نفس واحدة - النفس وزوجها. وقال آخرون: بل هو أن يكون المولود بشرا سويا مثلهما ، ولا يكون بهيمة. 15507 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن زيد بن جبير الجشمي ، عن أبي البختري ، في قوله: ( لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين) قال: أشفقا أن يكون شيئا دون الإنسان. 15508 -... قال: حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن زيد بن جبير ، عن أبي البختري قال: أشفقا أن لا يكون إنسانا. 15509 -... قال: حدثنا محمد بن عبيد ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح قال: لما حملت امرأة آدم فأثقلت ، كانا يشفقان أن يكون بهيمة ، فدعوا ربهما: ( لئن آتيتنا صالحا) ، الآية.
وقال تعالى: { وكأيّنْ من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها مُعرضون} [ يوسف: 105]. فمعنى { فمرت به} لم تتفطن له ، ولم تفكر في شأنه ، وكل هذا حكاية للواقع ، وهو إدماج. والإثْقاللِ ثَقل الحمل وكلفته ، يقال أثقلت الحامل فهي مُثقل وأثقل المريض فهو مُثقل ، والهمزة للصيرورة مثل أوْرَقَ الشجر ، فهو كما يقال أقْرَبت الحامل فهي مُقْرب إذا أقرب أبان وضعها. وقد سلك في وصف تكوين النسل مسلك الإطناب: لما فيه من التذكير بتلك الأطوار ، الدالة على دقيق حكمة الله وقدرته ، وبلطفه بالإنسان.
إن الحديث عن مؤتمر الندوة العالمية للشباب الإسلامي هو تقديمه كمثال لاغتراب الفكر الإسلامي المعاصر عن قضايا التنمية وانشغاله بقضايا إسلامية عالمية أستطيع أن أقول إنها أدت إلى نشوء اغتراب زماني ومكاني لدى كثير من شباب المسلمين اليوم وبخاصة الشباب المرتبط بالعلوم الإسلامية والشرعية والذي يعيش كثير منهم في ظل ظروف مادية عسيرة نتيجة قلة الفرص الوظيفية التي يجدها خريجو كليات الدعوة والشريعة وكافة التخصصات النظرية في بلادنا. إن هذا الاغتراب أدى إلى أن يعيش كثير من الشباب في أوهام المجتمع المثالي الذي يتشوقون إليه مع كل حدث عالمي بل إن البعض منهم تعلق بالخطاب الإسلامي المتطرف الذي لا يرى العالم إلا من منظور الضلال والظلم والفساد والأجواء السوداء التي تحيط به من كل جانب. إن المتأمل في كثير من النشاطات العلمية الإسلامية في الجامعات والمساجد وحلقات الدروس وغيرها يلاحظ غياباً مفجعاً لمناقشة قضايا التنمية بمختلف أنواعها ومستوياتها، وإذا اضطر بعض الباحثين أو الكتاب أو الأئمة او الدعاة الى مناقشة القضايا التي تمس الناس في حياتهم المعيشية او ظروفهم العملية أو احتياجاتهم المستقبلية تناول جزئيات هنا وهناك بشيء من العمومية وبدون بحث عميق لأبعاد تلك القضايا وتأثيرها على المجتمع وعلى المستقبل ودورها في استقرار المجتمع وتنميته وتقدمه الحضاري.
رمضان الندوة العالمية تنفذ برنامج إفطار الصائم في إندونيسيا | سواح هوست
ننشر لكم اهم اخبار السعودية اليوم حيث بمناسبة اليوم العالمي.. وقالت: صارت مقصدًا للطلاب والباحثين والمتعلمين
أشادت الندوة العالمية للشباب الإسلامي، بمناسبة اليوم العالمي للتعليم في 24 يناير من كل عام، بما تبذله المملكة العربية السعودية من جهود مشكورة في دفع مسار التعليم كخيار أمثل للتنمية المجتمعية وارتقاء الشعوب؛ حيث وفرت الفرص والمنح التعليمية للراغبين من شباب العالم للالتحاق بجامعاتها المحلية أو تلك التي أسستها المملكة في الخارج، حتى صارت مقصدًا للطلاب والباحثين والمتعلمين. ولفتت الندوة العالمية إلى أن جهودها في ميدان التعليم تأتي استلهامًا من توجه المملكة في هذا الإطار؛ حيث اعتنت بميدانه، فأنشأت المدارس والجامعات والمعاهد والفصول الدراسية والمراكز البحثية في العديد من دول العالم؛ خاصة تلك التي تفتقر مجتمعاتها إلى الدعم اللازم لتعليم أبنائها. واستطاع برنامج المنح الدراسية بالندوة العالمية -بعون الله- أن يوفر آلاف الفرص التعليمية للشباب والدارسين في الجامعات السعودية والعالمية خلال السنوات الماضية وحقق نجاحًا كبيرًا في تخريج الكوادر العلمية المتميزة والكفاءات الدراسية المتفوقة من الطلاب في العديد من التخصصات العلمية والدراسية التي كان لها تأثيرها الإيجابي الهادف في نفع أوطانهم ومجتمعاتهم.
اخبار السعودية - &Quot;الندوة&Quot; تُشيد بجهود المملكة في التعليم ودعمها لمساره كخيار أمثل لتنمية المجتمعات - شبكة سبق
إنني أدرك أن هناك عددا من مجمعات الفقه مثل مجمع الفقه التابع لرابطة العالم الإسلامي وبعض الهيئات الاسلامية تدرس القضايا المعاصرة ولكن نتائج تلك الدراسات لا تصل الى المختصين والمفكرين وأصحاب القرار بل تبقى حبيسة محاضرها وملازمها العلمية اضافة الى أن اجتماعات تلك الهيئات لا تحظى بتغطية إعلامية وهي قاصرة عن ملاحقة سرعة تطور القضايا المعاصرة. إن الفكر الإسلامي المعاصر يحتاج الى ان يقتحم أبواب الاهتمامات الحياتية للمسلمين وعليه أن يغوص في أعماق قضايا التنمية ومشكلاتها وتحدياتها حتى يمكنه المشاركة في صياغة المستقبل. وعلى الفكر الإسلامي في بلادنا أن يدرك ان قضايا الشعوب المسلمة اليوم مختلفة ولا يمكن الحديث عن قضايا المسلمين بعمومية وكأن المسلمين اليوم بالفعل أمة واحدة، فعندما تعالج مشكلات التنمية في المملكة فكأنك تعالج مشكلاتها في بنغلادش أو نيجيريا أو اندونيسيا. إن الاهتمام بقضايا المسلمين ودعمهم مطلوب وواجب إسلامي، ولكن هذا جانب وإغفال القضايا المحلية ومشكلات المجتمع وعدم المشاركة الفاعلة في معالجة تلك القضايا جانب آخر. إن تقدم الأمة الإسلامية ورفعتها يبدأ من الداخل - داخل كل بلد إسلامي - فإذا تصدى المفكرون والعلماء في كل بلد للقضايا التي تعيق تنمية مجتمعاتهم وتمكنوا من إفراغ جهدهم وجهادهم في تطور بلدهم علمياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً فإن ذلك سوف يساهم في تطور المجتمعــــات الإسلامية وبالتالي أمة إسلامية متمكنة وقادرة على التعاون فيما بينها.
الخميس 17 جمادى الآخرة 1427هـ - 13 يوليو 2006م - العدد 13898
الأمين العام المساعد للندوة العالمية للشباب الإسلامي لـ «الرياض»:
الدكتور عبدالوهاب بن عبدالرحمن نور ولي الأمين العام المساعد بمنطقة مكة المكرمة.