والثّانية: (وإنّ الفجّار لفي جحيم). "الأبرار": جمع (بار) و"بَرّ" على وزن (حق)، بمعنى: المُحسن، و (البرّ) بكسر الراء - كلّ عمل صالح... والآية تريد العقائد السليمة، والنيات والأعمال الصالحة. "نعيم": وهي مفرد بمعنى النعمة، ويراد به هنا "الجنّة"، وجاءت بصيغة النكرة لبيان أهمية وعظمة هذه النعمة، التي لا يصل لإدراك حقيقتها إلاّ اللّه سبحانه وتعالى، واختيرت كلمة "نعيم" بصيغة الصفة المشبهة، للتأكيد على بقاء واستمرار هذه النعمة، لأنّ الصفة المشبهة عادة ما تتضمّن ذلك. "الفجّار": جمع (فاجر) من (فجر)، وهو الشقّ الواسع، وقيل للصبح فجر لكونه فجَرَ الليل، أيّ شقّه بنور الصباح، و (الفخور): شقّ ستر الديانة والعفة، والسير في طريق الذنوب. "جحيم": من (الجحمة)، وهي تأجج النّار، وتطلق الآيات القرآنية (الحجيم) على جهنّم عادة. ويمكن أنْ يراد بقوله تعالى: (إنّ الأبرار لفي نعيم الفجّار جحيم) الحال الحاضر، أيّ: إنّ الأبرار يعيشون في نعيم الجنّة حاليّاً، وإنّ الفجّار قابعون في أودية النّار، كما يفهم من إشارة الآية (54) من سورة العنكبوت: (إِنَّ جهنّم لمحيطة بالكافرين). فصل: إعراب الآيات (27- 29):|نداء الإيمان. وقال بعض: المراد من الآيتين هو حتمية الوقوع المستقبلي، لأنّ المستقبل الحتمي والمضارع المتحقق الوقوع يأتي بصيغة الحال في اللغة العربية، وأحياناً يأتي بصيغة الماضي.
يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله وان اليه راجعون
فالمعنى الأوّل أكثر انسجاماً مع ظاهر الآية، إلاّ أنّ المعنى الثّاني أنسب للحال، واللّه العالم. وتدخل الآية التالية في تفصيل أكثر لمصير الفجّار: (يصلَونها يوم الدين). فإذا كانت الآية السابقة تشير إلى أنّ الفجّار هم في جهنّم حالياً، فسيكون إشارة هذه الآية، إلى أنّ دخولهم جهنّم سيتعمق، وسيحسون بعذاب نارها، بشكل أشدّ. "يصلون": من (المصلى) على وزن (سعي)، و"صلى النّار": دخل فيها، ولكون الفعل في الآية قد جاء بصيغة المضارع، فإنّه يدل على الإستمرار والملازمة في ذلك الدخول. ولزيادة التفصيل، تقول الآية التالية: (وما هم عنها بغائبين). اعتبر كثير من المفسّرين كون الآية دليلاً على خلود الفجّار في العذاب، وخلصوا إلى أنّ المراد بـ "الفجّار" هم "الكفّار"، لكون الخلود في العذاب يختص بهم دون غيرهم. فـ "الفجّار": إذَن: هم الذين يشقون ستر التقوى والعفة بعدم إيمانهم وتكذبيهم بيوم الدين، ولا يقصد بهم - في هذه الآيات - اُولئك الذي يشقّون الستر المذكور بغلبة هوى النفس مع وجود حالة الإيمان عندهم. يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله من. وإتيان الآية بصيغة زمان الحال تأكيداً لما أشرنا إليه سابقاً، من كون هؤلاء يعيشون جهنّم حتّى في حياتهم الدنيا (الحالية) أيضاً... (وما هم عنها بعائبين)، فحياتهم بحدّ ذاتها جهنّماً، وقبورهم حفرة من حفر النيران (كما ورد في الحديث الشريف)، وعليه فجهنّم القبر والبرزخ وجهنّم الآخرة... كلّها مهيأة لهم.
يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله من
روى البغوي بإسناد الثعلبي عن أبي أمامة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (كاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات، فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشرا، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: دعه سبع ساعات، لعله يسبح أو يستغفر). وجدير بالذكر، أن اللّه عز وجل غني عن توكيل ملائكة بالعباد، فهو مطلع على كل شيء، لقوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)، ولكن كتابة أعمال الإنسان وأقواله تكون حجة عليه يوم القيامة، كما أن شعوره بملازمة الملائكة له تزيده رهبة وخشية وقربا من اللّه عز وجل.. إعراب الآيات (13- 16): {إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (15) وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ (16)}. إسلام ويب - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - سورة الانفطار - قوله تعالى يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله- الجزء رقم8. الإعراب: اللام المزحلقة للتوكيد (في نعيم) متعلّق بخبر إنّ، ومثله لفي جحيم.. (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (يصلونها)، الواو عاطفة (ما) نافية عاملة عمل ليس (عنها) متعلّق ب (غائبين)، (غائبين) مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما.. جملة: (إنّ الأبرار لفي نعيم) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (إنّ الفجّار لفي جحيم) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة. وجملة: (يصلونها) لا محلّ لها استئناف بيانيّ. وجملة: (ما هم عنها بغائبين) لا محلّ لها معطوفة على جملة يصلونها. البلاغة: الوصل: في قوله تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجّار لفي جحيم). في الكلام- من مقتضيات الوصل- اتفاق الجملتين في الخبرية والإنشائية مع الاتصال، أي الجامع بينهما هنا التضاد.. إعراب الآيات (17- 19): {وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)}. الإعراب: الواو استئنافيّة (ما) اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ في المواضع الأربعة (يوم) خبر المبتدأ ما الثاني والرابع (يوم) الثالث متعلّق بفعل محذوف تقديره يجازون، (لا) نافية (لنفس) متعلّق ب (تملك) بتضمينه معنى تقدّم الواو حاليّة (يومئذ) ظرف منصوب- أو مبنيّ- بدل من يوم الأخير (للّه) خبر المبتدأ (الأمر). جملة: (ما أدراك) لا محلّ لها استئنافيّة. يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله وانا اليه راجعون. وجملة: (أدراك) في محلّ رفع خبر المبتدأ (ما). وجملة: (ما يوم) في محلّ نصب مفعول به ثان لفعل أدراك. وجملة: (ما أدراك) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
العدد 10882 الخميس 24 يناير 2019 الموافق 18 جمادة الأول 1440
في حديث شريف لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول فيه عليه الصلاة والسلام: «اللهم بارك لأمتي في بكورها».. وكان صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم أول النهار. والمؤسف أن أغلب الناس ينسون هذا الوقت الفضيل وينامون حتى الظهر وخاصة أيام الإجازات الأسبوعية فتضيع عليهم هذه البركة، ولا يحصلون عليها.. وهؤلاء أبطلوا سنة الليل وسنة النهار مخالفة لسنة الله في خلقه، فقد جعل الله تعالى الليل لباسا والنوم سباتا، وجعله سكنا، بينما جعل النهار معاشا وحركة.. يقول الحق سبحانه وتعالى: «هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون» ويقول سبحانه: «وجعلنا نومكم سباتا. وجعلنا الليل لباسا. والنهار معاشا». فالذي ينام نهاره قد ضيع على نفسه غنيمتين أولها أنه ضيع صلاة الفجر في جماعة، ورسولنا الكريم يقول: «من صلى الصبح في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له أجر حجة وعمرة: تامة، تامة، تامة» وقوله عليه الصلاة والسلام: «من صلى الفجر في جماعة فكأنما قام ليلة». هل حديث بورك لأمتي في بكورها صحيح وما معناه - YouTube. والثانية أنه ضيع على نفسه بركة أول النهار وهو الوقت التي تقسم فيه الأرزاق، فمن ضيع حق الله الواجب عليه، فلا عجب أن عاش في قلق وكدر..
ومن هنا فإن على المسلم أن يحرص على أن يبدأ يومه مبكرا لأن في البكور بركة وزيادة ونماء لخيري الدنيا والآخرة.. يقول إبن القيم رحمه الله: «ونوم الصبحة – أي الصباح – يمنع الرزق، لأن ذلك وقت تطلب فيه الخليقة أرزاقها، وهو وقت قسمة الأرزاق، وقد قال بعض العلماء كلاما لطيفا في ذلك: «أول اليوم شبابه وآخر اليوم شيخوخته، ومن شب على شيء شاب عليه».
هل حديث بورك لأمتي في بكورها صحيح وما معناه - Youtube
12- رواه مسلم. 13- انظر (صلاح الأمة في علو الهمة د/ سيد بن حسين العفاني ط: مؤسسة الرسالة.. [ج3 ص 72]). 14- رواه الإمام مالك والإمام أحمد والحاكم والطبراني، وهو صحيح. (صحيح الجامع [رقم 5644]). 15- (انظر عمل اليوم والليلة للنسائي تحقيق د/ فاروق حمادة م/ الرسالة ص [133–135]). الحديث: بورك لأمتي في بكورها؟. 16- رواه ابن ماجه والطبراني والبزار وأبو يعلى، وصححه الألباني في الجامع الصغير [3913]. 17- مفتاح دار السعادة [1/142]. 18- انظر (تذكرة الحفاظ [1/8]. سير أعلام النبلاء [4/300]). 19- الطب النبوي لابن القيم.. حققه شعيب وعبدالقادر الأرنؤوط [ص242]).
بركة البكور - طريق الإسلام
البكور بركة وزيادة ونما لخيري الدنيا والآخرة، وأنه ينبغي لكل مسلم أن يحشد همته ويقوي إرادته للمسابقة لفعل الأعمال الصالحة في كل الأوقات. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد: تتميز شخصية المسلم بأنها شخصية جامعة لكل خصال الخير، فهي مؤمنة عالمة، قوية، شجاعة، متجردة، صبورة، مجاهدة، رحيمة، حريصة على كل ما ينفعها، مستعينة بالله تعالى، غير عاجزة ولا كسولة.. وهلم جرًا.. وإنّ من محاسن هذه الشريعة المطهرة: مراعاة جانب بركة البكور في مواضع كثيرة من أحكامها: منها: البكور في المحافظة على الجانب العبادي كالصلوات وغيرها. ومنها: البكور في المحافظة على الجانب العلمي كطلب العلم وتحصيله وقراءة القرآن والأذكار. بركة البكور - طريق الإسلام. ومنها: البكور في المحافظة على جانب المعاملات الأخلاقية كالبيع والشراء وغيرهما. ومنها: التنصيص والدعاء لهذه الأمة في بكورها لنيل خيري الدنيا والآخرة. فهذه المواطن وغيرها في الشريعة المطهرة توحي بأهمية بركة البكور لما فيه من إقامة الدين والدنيا، ولأن أعمار هذه الأمة المحمدية الإسلامية تتراوح بين الستين إلى السبعين، فحرصت الشريعة على إشغال هذا الجانب المهم في شخصية المسلم؛ ليأخذ بجانب الأهم فالمهم حسبما يوفق له من أعمال الخير والصلاح في الدنيا والآخرة.
الحديث: بورك لأمتي في بكورها؟
وأوردت دراسة أجريت في جامعة هايدلبرغ الألمانية، أن الاستيقاظ المبكر يقوي شخصية الإنسان فيجعلها أكثر تعاونا ومثابرة ووعيا، واعتمد البحث على عينة من 1231 مشاركا. - قبل أكثر من 14 قرناً قال النبي صلى الله عليه وسلم *" اللهم بارك لأمتي في بكورها "*
- وفِي رواية *"بورك لأمتي في بكورها"*
- كلتا الروايتين في صحيح الجامع
أهمية بركة البكور: 1- أنها سبب في سعادة العبد في الدنيا والآخرة.. قال العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله: "لما سمع القوم قول الله عز وجل: { فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ} [المائدة:48]، وقوله: { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ} [الحديد:21]، فهموا أن المراد من ذلك: أن يجتهد كل واحد منهم أن يكون هو السابق لغيره إلى هذه الكرامة، والمسارع إلى بلوغ هذه الدرجة العالية.. فكان تنافسهم في درجات الآخرة واستباقهم إليها، ثم جاء من بعدهم قوم فعكسوا الأمر، فصار تنافسهم في الدنيا الدنيئة وحظوظها الفانية" [1]. 2- أنها سبب لاغتنام الأوقات وعدم تضييعها: قال صلى الله عليه وسلم: « بادروا بالأعمال الصالحة: فستكون فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا، ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل » [2]. وقال صلى الله عليه وسلم: « نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ » [3]. ثانيًا: مواضع ومواطن البكور في الإسلام.. أهمها: 1- التنصيص والدعاء لهذه الأمة في بركة بكورها: كما في حديث صخر بن وداعة الغامدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اللهم بارك لأمتي في بكورها ».