الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته. اختيار هذا الخط
تفسير قوله تعالى " حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم "
ص4 - تفسير أحمد حطيبة - تفسير قوله تعالى حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم - المكتبة الشاملة الحديثة
ولعله مما يتفق مع هذه السمة افتتاح السورة بإيقاعات ذات رنين خاص: غافر الذنب. وقابل التوب. شديد العقاب. ذي الطول. لا إله إلا هو. إليه المصير.. فكأنما هي مطارق منتظمة الجرس ثابتة الوقع، مستقرة المقاطع، ومعانيها كذلك مساندة لإيقاعها الموسيقي! كذلك نجد كلمة البأس. وبأس الله. اسماء السور التي تبدا ب حم | المرسال. وبأسنا.. مكررة تتردد في مواضع متفرقة من السورة. وهناك غيرها من ألفاظ الشدة والعنف بلفظها أو بمعناها. وعلى العموم فإن السورة كلها تبدو وكأنها مقارع ومطارق تقع على القلب البشري وتؤثر فيه بعنف وهي تعرض مشاهد القيامة ومصارع الغابرين. وقد ترق أحيانا فتتحول إلى لمسات وإيقاعات تمس هذا القلب برفق، وهي تعرض حملة العرش ومن حوله يدعون ربهم ليتكرم على عباده المؤمنين، أو وهي تعرض عليه الآيات الكونية والآيات الكامنة في النفس البشرية. [ ص: 3066] ونضرب بعض الأمثال التي ترسم جو السورة وظلها من هذه وتلك..
من مصارع الغابرين: كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم، وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق. فأخذتهم. فكيف كان عقاب؟.. أولم يسيروا في الأرض، فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم، كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض، فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق.
القران الكريم |تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
ولات حين خلاص! وفي ظل هذا المشهد يوجه الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصبر والثقة بوعد الله الحق، والتوجه إلى إلى ربه بالتسبيح والحمد والاستغفار. فأما الشوط الثالث فيبدأ بتقرير أن الذين يجادلون في آيات الله بغير حجة ولا برهان إنما يدفعهم إلى هذا كبر في نفوسهم عن الحق، وهم أصغر وأضأل من هذا الكبر. ويوجه القلوب حينئذ إلى هذا الوجود الكبير الذي خلقه الله، وهو أكبر من الناس جميعا. لعل المتكبرين يتصاغرون أمام عظمة خلق الله; وتتفتح بصيرتهم فلا يكونون عميا: وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء. قليلا ما تتذكرون. ويذكرهم بمجيء الساعة، ويوجههم إلى دعوة الله الذي يستجيب للدعاء. فأما الذين يستكبرون فسيدخلون جهنم أذلاء صاغرين. ويعرض في هذا الموقف بعض آيات الله الكونية التي يمرون عليها غافلين. يعرض الليل سكنا والنهار مبصرا. والأرض قرارا والسماء بناء. ويذكرهم بأنفسهم وقد صورهم فأحسن صورهم. ويوجههم إلى دعوة الله مخلصين له الدين. ويلقن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يبرأ من عبادتهم، ويعلن نهي ربه له عن آلهتهم، وأمره له بالإسلام لرب العالمين. القران الكريم |تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ. ويلمس قلوبهم بأن الله الواحد هو الذي أنشأهم من تراب ثم من نطفة.. وهو الذي يحيي ويميت.
السور التي تبدأ بالحروف المقطعة | المرسال
ثم يعود فيعجب رسوله - صلى الله عليه وسلم - من أمر الذين يجادلون في الله; وينذرهم عذاب يوم القيامة في مشهد عنيف: إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون.. وإذ يتخلى عنهم ما أشركوا وينكرون هم أنهم كانوا يعبدون شيئا! وينتهي بهم الأمر إلى جهنم يقال لهم: ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين.. وعلى ضوء هذا المشهد يوجه الله رسوله إلى الصبر مرة أخرى، والثقة بأن وعد الله حق. ص4 - تفسير أحمد حطيبة - تفسير قوله تعالى حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم - المكتبة الشاملة الحديثة. سواء أبقاه حتى يشهد بعض ما يعدهم أو توفاه قبل أن يراه. فسيتم الوعد هناك..
اسماء السور التي تبدا ب حم | المرسال
ما المراد بالحروف المقطعة
الحروف المقطعة هي عبارة عن مقاطع أحرف توجد في أوائل سور القرآن الكريم (فواتح السور) تبتدأ بعض سور القرآن الكريم بهذه الفواتح، وتبلغ عدد السور التي ابتدأت بهذه الفواتح تسع وعشرون سورة قرآنية من سور القرآن. لم يوجد أي حديث للرسول صلى الله عليه وسلم يفسر معنى هذه الحروف ولا حتى الخلفاء الراشدين فقد اختلفوا في تفسير هذه الأحرف، لكن صدر عن فتاوى اللجنة الدائمة ج/ 4 ص/144فقال بعض العلماء الحكمة من هذه الحروف: "إن سبب ذكر هذه الحروف والعلم عند الله في أول السور القرآنية لبيان أعجاز القرآن الكريم، ولبيان أيضاً أن الناس الآخرين غير قادرون على الإتيان بمثل هذا الكلام (كلام الله عز وجل)، هذا مع أنه مزيج من الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها الناس، وهذا هو الذي نصره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وارتضاه أبو الحجاج المزّي رحمه الله فإن المراد بالحروف المقطعة في القران الكريم بيان أعجاز الفرآن الكريم.
تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) وقوله: ( تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم) أي: تنزيل هذا الكتاب - وهو القرآن - من الله ذي العزة والعلم ، فلا يرام جنابه ، ولا يخفى عليه الذر وإن تكاثف حجابه.
فأنت تستطيع بالعقل أنْ تبرهن على وحدانية الله، وعلى وجوده سبحانه، وأنه خالق هذا الكون كله، فالإنسان طرأ على هذا الكون كما هو الآن، الشمس والقمر والنجوم، السماء والأرض، الماء والهواء. لذلك لم يدَّع أحدٌ أنه خلقه، قال سبحانه { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ.. } [لقمان: 25] وقال: { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ.. } [الزخرف: 87]. هذا مشهد، وفي العقائد أمور أخرى غَيْبٌ نؤمن بها لأن الله أخبرنا بها، كأمور الآخرة والبعث والحساب والجنة والنار، خُذْ مثلاً من العبادات الصلاة نستطيع أنْ نفهم لها عللاً عقلية، فنقول: إن الله فرضها علينا خمْس مرات في اليوم والليلة ليتردد العبدُ على خالقه، وليستمدَّ منه القوة والعوْن، وليأنس بلقائه، وليأخذ من فيض عطائه وإشراقاته. والصلاة كذلك تُسوِّي بين العباد الغني والفقير، الرئيس والمرؤوس الكل ساجد لله، هذا استطراقٌ عبوديّ في الكون، هذا كله مشهد، لكن بالله قُلْ لي: لماذا كان الصبحُ ركعتين، والظهر أربعاً، والمغرب ثلاثاً؟ هذه غَيْبٌ نؤمن به كما هو، وكما أخبرنا به رسول الله المؤتمن على شرع الله.