فقال رسول الله: " ما ظنك باثنين الله ثالثهما " وقيل: لما دخل الغار وضع أبو بكر ثمامة على باب الغار ، وبعث الله حمامتين فباضتا في أسفله ، والعنكبوت نسجت عليه ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم أعم أبصارهم " فجعلوا يترددون حول الغار ، ولا يرون أحدا.
إذ هما في الغار - بوابة السيرة النبوية
وقيل: ألقوا الرعب في قلوب الكفار حتى رجعوا. وقال مجاهد والكلبي: أعانه بالملائكة يوم بدر ، أخبر أنه صرف عنه كيد الأعداء في الغار ثم أظهر نصره بالملائكة يوم بدر. ( وجعل كلمة الذين كفروا السفلى) وكلمتهم الشرك ، وهي السفلى إلى يوم القيامة ، ( وكلمة الله هي العليا) إلى يوم القيامة. قال ابن عباس: هي قول لا إله إلا الله. إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن. وقيل كلمة الذين كفروا: ما قدروا بينهم في الكيد به ليقتلوه ، وكلمة الله: وعد الله أنه ناصره. وقرأ يعقوب: " وكلمة الله " بنصب التاء على العطف ( والله عزيز حكيم).
أتاهم علي بالإبل والدليل، فركب رسول الله(ص) راحلته وركب أبو بكر أخرى، فتوجهوا نحو المدينة وقد بعثت قريش في طلبه، وفي رواية، وضربت العنكبوت على بابه ـ باب الغار بعشاش بعضها على بعض، وطلبته قريش أشد الطلب حتى انتهت إلى باب الغار، فقال بعضهم: إن عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد[1]. إذ هما في الغار - بوابة السيرة النبوية. كلمة الله العليا وكلمة الكفر السفلى
وتأتي هذه الآية لتثير أمامهم التفكير بالمعنى الإيماني العميق الذي يوحيه الإيمان بالله، في ما ينصر به رسله، ويدعم به رسالاته، فالله لا يحتاج إلى أيّ عبدٍ من عباده في تحقيق إرادته بالنصر، لأنه وليّ القوّة في الحياة كلها، فلا قوّة لأحدٍ إلاّ بإرادته، ولا سبب للقوّة إلاّ منه. وقد يكون السبب متصلاً بالنواميس الطبيعيّة التي أودعها في الأشياء، وقد يكون مرتبطاً بالأوضاع غير المألوفة في حركة الأسباب. وبذلك، فلا مجال لأحدٍ أن يتصوّر، من موقع وعي الإيمان، أن الناس إذا ابتعدوا عن نصرة النبي، فإنه يفقد مبررات النصر، ليبقى في جميع الظروف تحت رحمة الناس، فيستطيعون من خلال ذلك ممارسة كل ألوان الضغط المادي والمعنوي عليه في ما يريدون منه، وما لا يريدون، فإن الله قادرٌ على أن يحقق القوّة من أكثر من سببٍ غير مألوف، لأنه هو الذي أعطى للأسباب المألوفة سببيتها.