قال البيهقي فيه جابر الجعفي لا يحتج به ومن دونه أكثرهم ضعفا وقال ابن المنذر: اختلفوا في المأموم إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقالت طائفة يقول سمع الله لمن حمده اللهم ربنا ولك الحمد كذلك قال محمد بن سيرين وأبو بردة والشافعي وإسحاق ويعقوب ومحمد وقال عطاء يجمعهما مع الإمام أحب إلي. وقالت طائفة: إذا قال سمع الله لمن حمده فليقل من خلفه ربنا ولك الحمد هذا قول عبد الله بن مسعود وابن عمر وأبي هريرة والشعبي وبه قال مالك وقال أحمد إلى هذا انتهى أمر النبي صلى الله عليه وسلم. وأما المنفرد فقال الشافعي يجمع بينهما كالإمام والمأموم فكل مصل كذلك وبه قال ابن حزم الظاهري وعزاه لطائفة من السلف الصالح وممن قال يجمع المنفرد بينهما مالك وأحمد بن حنبل وإن ما يقولان ذلك في المأموم وقال صاحب الهداية من الحنفية والمنفرد يجمع بينهما في الأصح وإن كان يروى الاكتفاء بالتسميع ويروى بالتحميد انتهى. وقال ابن عبد البر لا أعلم خلافا في جمع المنفرد بينهما.
سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد المنان
وغاية ما في حديث الباب السكوت عن قول المأموم سمع الله لمن حمده وعن قول الإمام ربنا ولك الحمد فيستفاد ذلك من دليل آخر فأما جمع الإمام بينهما ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة ثم يقول وهو قائم ربنا ولك الحمد} وفي الصحيحين عن أبي هريرة أيضا قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده قال اللهم ربنا لك الحمد}. وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن أبي أوفى قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد}.
سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد الله
وأما حديث المسيء في صلاته فقد ذَكَرَ في الحديث الذي رويناه
تعليمَه ذلك ، وهي زيادة يجب قبولها ، على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم
يُعَلِّمهُ كُلَّ الواجبات ، بدليل أنه لم يُعَلِّمْهُ التشهد ولا السلام ، ويحتمل
أنه اقتصر على تعليمه ما رآه أساء فيه " انتهى. وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (3/433):
" والدليل على ذلك ما يلي:
أولا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم واظب على ذلك ، فلم يَدَعْ
قول " سمع الله لمن حمده " بأي حال من الأحوال. ثانيا: أنه شعار الانتقال من الركوع إلى القيام. ثالثا: قوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا قال سمع الله لمن حمده
فقولوا ربنا ولك الحمد) فعلى هذا يكون للتحميد ثلاثة أدلة ، وللتسميع دليلان فقط "
انتهى. كما يستدل بعض الحنابلة على الوجوب بحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُُّ صلى الله عليه وسلم: ( يَا
بُرَيْدَةُ! إِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ فَقُلْ: سَمِعَ اللَّهُ
لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ
الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَىْءٍ بَعْدُ) رواه الدارقطني (1/339).
• عن أبي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - قَالُ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ. ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ. ثُمَّ يَقُولُ: "سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ" حِينَ يُقِيْمُ صُلْبَهُ مِنَ الرُّكُوعِ. ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: "رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ" ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِداً. ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ. ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ. ثُمَّ يَفْعَلُ مِثْلَ ذٰلِكَ فِي الصَّلاَةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا. وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الْمَثْنَىٰ بَعْدَ الْجُلُوسِ, ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنِّي لأَشْبَهُكُمْ صَلاَةً بِرَسُولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وفي رواية: أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ. وَيُحَدِّثُ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم -كَانَ يَفْعَلُ ذٰلِكَ. وبنحوه جاء في الصحيحين من حديث عمران بن حصين وجاء أيضاً عند البخاري من حديث ابن عباس. تخريج الحديث:
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه مسلم " 392"، وأخرجه البخاري في " كتاب الأذان" " باب إتمام التكبير"
وحديث عمران - رضي الله عنه - أخرجه مسلم " 393"، وأخرجه البخاري في " كتاب الأذان " " باب إتمام التكبير" "835"، وأخرجه النسائي في " كتاب التطبيق" " باب التكبير للسجود" " 1081".