العبادات البدنية واللسانية: فمن العبادات اللسانية ذكر الله تعالى والشهادتين والنصيحة، والدعاء والثناء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بينما العبادات البدنية هي الحج والصلاة والنذر والجهاد وغيرها. من اعمال الجوارح تنقسم الأعمال التي يقوم بها العباد في الحياة الدنيا إلى كل من أعمال الجوارح وأعمال القلوب، وبالنسبة لأعمال الجوارح فهي من الأعمال التي يكون لها حد معلوم، بينما عمل القلب لا يكون هناك حد له/ وذلك يعود لأن مهما عظمت وكثرت أعمال الجوارح إلا أنه يبقى لها حد معلوم، بينما العبادات والأعمال القلبية فهي تكون ملازمة للانسان في جميع أوقاته، ومن الأمثلة على أعمال الجوارح ما يلي: بر الوالدين. الحج. الصلاة. تعليم الناس الخير. من اعمال الجوارح التوكل. قراءة القرآن. الصيام. الجهاد في سبيل الله. القيام والسجود والركوع. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لذلك يجب على المسلم أن يتقرب لله تعالى العبادة، إما بالعبادات القلبية أو العبادات اللفظية أو العبادات بالجوارح.
ما المقصود بأعمال الجوارح
ثالثًا: ولهذا العلم فوائد ضخمة:
• أما لزوم الظاهر للباطن، واستلزامُ الباطن للأعمال والأقوال الظاهرة ، فهو عمدةٌ وأساس في اعتبار ما يصدر من العبد كافيًا لبيانِ ما هو عليه، دون احتياج إلى شقِّ الصدور ومعرفةِ ما في الباطن، أو القول بأنك لا تعرف ما في قلبِه فلا تحكم عليه - فهذا كلامٌ مخالِف لهذه الأدلَّة؛ إذ إن هذا التلازمَ يجعل الأعمالَ والأقوال دليلاً على استقامةِ الباطن أو انحرافِه؛ ولهذا ردَّ الأئمةُ تصوُّر أن يكون الشخص معظِّمًا للرسول صلى الله عليه وسلم بقلبِه لكنه يسبُّه ويشتمه! أو أن هذا الشخص كاملُ الإيمان لكن لا يسجدُ لله سجدةً واحدة طولَ عمره ولو وُضِع السيفُ على رقبته! أو أن هناك مؤمنًا يسبُّ الدينَ أو يسبُّ أحكامَ الله ويتَّهمها بالتخلُّف أو الوحشية أو القصور! أو القول أن هذا رجلٌ تقيٌّ قارِئ للقرآن صوته حسنٌ ويَبكي ويُبكي الناسَ لكنه - فقط - يوالِي الكافرين لإبادة بلادِ المسلمين ويظاهِرهم على المسلمين لاجتياحِ بلادهم! ما المقصود بأعمال الجوارح. أو أن هذا رجلٌ عابد ومسلِم ولكنه يحرِق المساجدَ ويقتل المسلمينَ ويحرق جثَثَهم! فهذا قولٌ ساقِط بلا ريب - وإن قالَتْه رموزٌ حولها أضواء - عمَّا قليلٍ ستنطفئ. فكلُّ هذه الأقوال تُناقِض ما قرَّرَته الأدلَّةُ من أن الباطن يستلزمُ أعمالاً ظاهرة بحسب ما فيه من استقامة أو انحراف.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وهذه المسألة لها طرفان: أحدهما: في إثبات الكفر الظاهر. والثاني: في إثبات الكفر الباطن. فأما الطرف الثاني فهو مبني على مسألة كون الإيمان قولا وعملا كما تقدم ، ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة ، ولا يصوم رمضان ، ولا يؤدي لله زكاة ، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع ، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة ، لا مع إيمان صحيح " انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/616). وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: " لا خلاف بين الأمة أن التوحيد: لابد أن يكون بالقلب ، الذي هو العلم ؛ واللسان الذي هو القول ، والعمل الذي هو تنفيذ الأوامر والنواهي ، فإن أخل بشيء من هذا ، لم يكن الرجل مسلما. فإن أقر بالتوحيد ، ولم يعمل به ، فهو كافر معاند ، كفرعون وإبليس. وإن عمل بالتوحيد ظاهراً ، وهو لا يعتقده باطناً ، فهو منافق خالصاً ، أشر من الكافر والله أعلم " انتهى من "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" (2/124). وقال أيضا: " اعلم رحمك الله أن دين الله يكون على القلب بالاعتقاد وبالحب وبالبغض ، ويكون على اللسان بالنطق وترك النطق بالكفر ، ويكون على الجوارح بفعل أركان الإسلام ، وترك الأفعال التي تكفّر ، فإذا اختل و احدة من هذه الثلاث كفر وارتد " انتهى من "الدرر السنية" (10/87).