معنى دعاء "فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين"
س: فضيلة الشيخ! في نهاية هذا الدعاء: "فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين" ما معناه؟ جزاك الله الفردوس الأعلى ووالديك والمسلمين، وآسفة على كثرة الأسئلة. ج: الحمد لله أما بعد.. هذا جزء من دعاء جاء في عدة أحاديث منها: ما ثبت في سنن النسائي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها: "ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث, أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين". ومعناه: لا تتركني أي لحظة مهما قلت دون رعايتك وحفظك، وعليه فلا يُشرع أن يقال ما يقوله البعض بعده: (ولا أقل من ذلك) ؛ لأنه إذا عُرف المقصود فتكون هذه الزيادة من الاعتداء في الدعاء، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ترك ذكرها. ولا تكلني الى نفسي طرفة عين | معنى دعاء تكلني إلى نفسي طرفة. والله أعلم.
- ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا
- معنى .. ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين
- ولا تكلني الى نفسي طرفة عين | معنى دعاء تكلني إلى نفسي طرفة
ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها. وشرح ابن حجر قوله صلى الله عليه وسلم وكلت إليها بقوله: بضم الواو وكسر الكاف مخففا ومشددا وسكون اللام ومعنى المخفف أي صرف إليها، ومن وكل إلى نفسه هلك، ومنه في الدعاء: ولا تكلني إلى نفسي. معنى .. ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين. ووكل أمره إلى فلان صرفه إليه، ووكله بالتشديد استحفظه، ومعنى الحديث: أن من طلب الإمارة فأعطيها تركت إعانته عليها من أجل حرصه. ومن خلال ما سبق يتضح أن لا تعارض بين كون الله تعالى حي قيوم وبين أن يكل الإنسان إلى نفسه أي أن يترك إعانته، ويكون معنى لا تكلني إلى نفسي، أي لا تترك إعانتي ففيه طلب الإعانة من الله تعالى في كل لحظة، والمؤمن مأمور بطلب الإعانة من الله في كل حين كما في قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {الفاتحة: 5} وقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: إني لأحبك، لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني. وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 51438.
معنى .. ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين
قال النبي صلى الله عليه وسلم (( ألا أخبركم بشيء: إذا نزل برجل منكم كرْبٌ، أو بلاء من بلايا الدنيا، دعا به يُفرج عنه ؟ فقيل له: بلى, فقال: دعاء ذي النون))( [6]). و قولهصلى الله عليه وسلم (( دعوات المكروب)): أي الدعوات النافعة المزيلة للمكروب المغموم. (( اللَّهم رحمتك أرجو)): في تأخير الفعل (( أرجو)) دلالة على الاختصاص( [7])، أي نخصّك وحدك برجاء الرحمة منك، فلا نرجوها من أحد سواك، وتخصيص السؤال بصفة الرحمة؛ لأنها وسعت كل شيء قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾( [8])، فرحمته تعالى وسعت كل جزء وذرة في هذا الكون العظيم، ومنها عبيده. قوله: (( فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين)): فيه شدة الافتقار، والاحتياج إلى مولاه وخالقه عز وجل وأنه لا غنى له عن ربه طرفة عين في كل شأن من شؤونه، وقوله: (( طرفة عين)) خارج مخرج المبالغة. أي ولا لحظة واحدة. ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا. قوله: (( وأصلح لي شأني كله)): فيه سؤال اللَّه تعالى أن يصلح كل أحواله وشؤونه وأموره في كل جزئيةٍ من جزئياته، وكل جانب من جوانبه في حياته، وبعد مماته كما دلَّ قوله: (( كله)). ثم ختم بأحسن وأعظم الكلم (( لا إله إلا أنت)) إقرار، وإذعان، وإشهاد بالوحدانية الحقَّة [من الألوهية، والربوبية، والأسماء والصفات] للَّه تعالى، وفيه إشارة إلى أن الدعاء إنما ينفع المكروب, ويزيل همّه وكربه، إذا كان مع حضور وشهود، ومن شهد للَّه تعالى بالتوحيد والجلال، مع جمع الهمّة وحضور البال، فهو حريٌّ بزوال الكرب في الدنيا، والرحمة، ورفع الدرجات في العقبى))( [9]).
ولا تكلني الى نفسي طرفة عين | معنى دعاء تكلني إلى نفسي طرفة
وهذه في الحقيقة هي إحدى صور حقائق التوحيد، التي ينبغي على المسلم أن يفزع إليه، يقول شيخ الإسلام ابن القيم - رحمه الله - في إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان (2/ 135): "فالتوحيد ملجأ الطالبين، ومفزع الهاربين، ونجاة المكروبين، وغياث الملهوفين، وحقيقته إفراد الرب سبحانه بالمحبة والإجلال والتعظيم والذل والخضوع". والاستغاثة إحداها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى (1/ 111): "والاستغاثة برحمته استغاثة به في الحقيقة، كما أن الاستعاذة بصفاته استعاذة به في الحقيقة، وكما أن القَسَمَ بصفاته قَسَمٌ به في الحقيقة". ولذلك كانت هذه الكلمات والدعوات مناسبة للمكروبين؛ فعن أبي بكرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((دعوات المكروب: اللهم رحمتَك أرجو؛ فلا تكِلْني إلى نفسي طرفة عين، وأصلِحْ لي شأني كله، لا إله إلا أنت)) [2]. لأن في هذه الكلمات والدعوات كما قال شيخ الإسلام ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد (4/ 185): "من تحقيق الرجاء لمن الخير كله بيديه والاعتماد عليه وحده، وتفويض الأمر إليه، والتضرع إليه، أن يتولى إصلاح شأنه، ولا يكله إلى نفسه، والتوسل إليه بتوحيده مما له تأثير قوي في دفع هذا الداء".
ومع ذلك كله:- فلو وكل الإنسان إلى نفسه - ليس سنة أو سنوات ، بل طرفة عين - وتولى تدبير أمره ، دون عون من الله وتوفيق ، لهلك وخاب سعيه ، وأتاه الخذلان من حيث ظن الفلاح ، وحل عليه الخسران من حيث ظن الربح. ولو تفطن ابن آدم ، لعلم أن أمره كله بيد الله ، وناصيته ونفسه بيده سبحانه " وقلبه بين أصبعين من أصابعه ، يقلبه كيف يشاء ، وحياته بيده ، وموته بيده ، وسعادته بيده وشقاوته بيده ، وحركاته وسكناته وأقواله وأفعاله بإذنه ومشيئته ، فلا يتحرك إلا بإذنه ولا يفعل إلا بمشيئته. - إن وكله إلى نفسه ، وكله إلى عجز وضيعة ، وتفريط وذنب وخطيئة. - وإن وكله إلى غيره ، وكله إلى من لا يملك له ضرا ولا نفعا ، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. - وإن تخلى عنه ، استولى عليه عدوه ، وجعله أسيرا له. فهو لا غنى له عنه طرفة عين ، بل هو مضطر إليه على مدى الأنفاس ، في كل ذرة من ذراته باطنا وظاهرا " الفوائد لابن القيم ص 56
6
3
15, 847