9- ومن فضائلهن:أنهن ينعطفن حول عرش الرحمن ولهن دويٌ كدوي النحل ، يذكرن بصاحبهن ، ففي المسند للإمام أحمد ، وسنن ابن ماجة ، ومستدرك الحاكم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد ، ينعطفن حول العرش لهن دويٌ كدوي النحل تذكر بصاحبها ، أما يحب أحدكم أن يكون له ، أو لا يزال له من يذكر به)). قال البوصيري في زوائد سنن ابن ماجه: إسناده صحيح ، رجاله ثقات ، وصححه الحاكم. فأفاد هذا الحديث هذه الفضيلة العظيمة ، وهي أن هؤلاء الكلمات الأربع ينعطفن حول العرش أي يملن حوله ، ولهن دوي كدوي النحل ، أي: صوت يشبه صوت النحل يُذكرن بقائلهن ، وفي هذا أعظم حض على الذكر بهذه الألفاظ ، ولهذا قال في الحديث: (ألا يحب أحدكم أن يكون له أولا يزال له من يذكر به)). (المسند ( 4/268/271)، وسنن ابن ماجه رقم ( 3809) ، والمستدرك ( 1/503). 10- ومن فضائلهن:أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنهن ثقيلات في الميزان ، روى النسائي في عمل اليوم والليلة ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم ، وغيرهم عن أبي سلمى رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( بخ بخ ـ وأشار بيده بخمس ـ ما أثقلهن في الميزان: سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، والولد الصالح يُتوفى المرء المسلم فيحتسبه)) ، صححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وللحديث شاهدٌ من حديث ثوبان رضي الله عنه خرَّجه البزار في مسنده ، وقال: إسناده حسن.
قُولُوا: سُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ وَلا إِلَهَ إِلا الله وَالله أَكْبَرُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ
6- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال الحمد الله مائةَ مرة قبلَ طلوعِ الشمس وقبلَ غُروبها كان أفضلَ مِن مائة فِرسٍ يُحمَلُ عليها في سبيل الله " حسنه الألباني. 7- عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلّى الصبح، وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة فقال: " ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ؟ قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته " رواه مسلم. 8- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة ؟ قال: يسبح مائة تسبيحه، فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف خطيئة " رواه مسلم. 9- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال سبحان الله مئة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مئة بدنة " حسنه الألباني. 10- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال حين يصبح و حين يمسي سبحان الله العظيم و بحمده، مائة مرة، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ذلك وزاد عليه " صححه الألباني.
11- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة " صححه الألباني. 12- سُئلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الكلام أفضل ؟ قال: " ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده: سبحان الله وبحمده " رواه مسلم.
فضل قول سبحان الله والحمدلله والله اكبر بعد الصلاة – Sehaa
2ـ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنّهنَّ أحبُّ إليه مما طلعت عليه الشمس ( أي من الدنيا وما فيها):
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أحبُّ إلي ممّا طلعت عليه الشمس". قوله (أحب إلي مما طلعت عليه الشمس): أي من الدنيا وما فيها من الأموال وغيرها. قال الإمام ابن العربي رحمه الله:
أطلق المفاضلة بين قول هذه الكلمات وبين ما طلعت عليه الشمس ومن شرط المفاضلة استواء الشيئين في أصل المعنى ثم يزيد أحدهما على الآخر. وأجاب بما حاصله أفعل قد يراد به أصل الفعل لا المفاضلة كقوله تعالى خير مستقرا وأحسن مقيلا ولا مفاضلة بين الجنة والنار وقيل يحتمل أن يكون المراد أن هذه الكلمات أحب إلي من أن يكون لي الدنيا فأتصدق بها والحاصل أن الثواب المترتب على قول هذا الكلام أكثر من ثواب من تصدق بجميع الدنيا. 3 ـ ومن فضائلهن:
عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: مرّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: إنِّي قد كبرتُ وضعُفت ـ أو كما قالت ـ فمُرني بعمل أعمله وأنا جالسة. قال: "سبّحي اللهَ مائة تسبيحة، فإنَّها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل، واحمدي الله مائة تحميدة، تعدل لكِ مائة فرس مُسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله، وكَبِّري اللهَ مائة تكبيرة فإنَّها تعدل لك مائة بدَنة مُقلّدة متقبّلَة، وهلِّلي مائة تهليلة ـ قال ابن خلف (الراوي عن عاصم) أحسبه قال ـ: تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذ لأحدٍ عملٌ إلا أن يأتي بمثل ما أتيتِ به".
فإليك ـ أخي المسلم ـ هذه الفضائل فتأملها بأناةٍ عسى أن يكون فيها تحفيز للهمم ، وتنشيط للعزائم ، وعون على المحافظة على هؤلاء الكلمات ، والله وحده الموفق ، والمعين على كل خير ، ولا حول ولا قوة إلا به العلي العظيم. 1_ فمن فضائل هؤلاء الكلمات:أنهن أحب الكلام إلى الله ، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث سمرة ابن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أحبُّ الكلام إلى الله تعالى أربع ، لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر)) صحيح مسلم 2137. ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده بلفظ (( أربع هن من أطيب الكلام ، وهن من القرآن ، لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر)) مسند الطيالسي ( ص 122). 2- ومن فضائلهن:أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنهن أحب إليه مما طلعت عليه الشمس ـ أي: من الدنيا وما فيها ـ لما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لأن أقول: سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر أحبُّ إلي مما طلعت عليه الشمس)) صحيح مسلم 2695. 3- ومن فضائلهن:ما ثبت في مسند الإمام أحمد ، وشعب الإيمان للبيهقي بإسناد جيد عن عاصم بن بَهْدَلة ، عن أبي صالح ، عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني قد كبرت وضعفت ، أو كما قالت ، فمُرني بعمل أعمله وأنا جالسة.
فضل الكلمات الأربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر – عالم المعرفة
(وقوله في الحديث: (( بخ بخ)) هي كلمةٌ تُقال عند الإعجاب بالشيء وبيان تفضيله. ) ( والمستدرك السنن الكبرى ، كتاب: عمل اليوم والليلة ( 6/50)، وصحيح ابن حبان ( الإحسان) ( 3/114)رقم ( 338)، والمستدرك ( 1/512،511). فلله ما أعظم هؤلاء الكلمات ، وما أجل شأنهن ، وما أكبر الخير المترتب عليهن ، فنسأل الله أن يوقفنا للمحافظة والمداومة عليهن ، وأن يجعلنا من أهلهن الذين ألسنتهم رطبةٌ بذلك ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
والقيعان جمعُ قاع ، وهو المكانُ المستوي الواسعُ في وطاةٍ من الأرض يعلوه ماء السماء فيمسكه ويستوي نباته ، والمقصود أن الجنة ينمو غرسها سريعاً بهذه الكلمات كما ينمو غراس القيعان من الأرض ونبتها. 6_ ومن فضائلهن:أنه ليس أحدٌ أفضل عند الله من مؤمن يُعَمَّرُ في الإسلام يكثر تكبيره وتسبيحه وتهليله وتحميده ، روى الإمام أحمد ، والنسائي في عمل اليوم والليلة بإسناد حسن عن عبد الله بن شداد: أن نفراً من بني عُذرة ثلاثة أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا ، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( من يكفينيهم ؟)) ، قال طلحةُ: أنا ، قال: فكانوا عند طلحة فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثاً فخرج فيه أحدُهم فاستشهد ، قال: ثم بعث آخر ، فخرج فيهم آخر فاستشهد ، قال: ثم مات الثالث على فراشه. قال طلحة: فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة ، فرأيت الميت على فراشة أمامهم ، ورأيت الذي استشهد أخيراً يليه ، ورأيت الذي استشهد أولهم آخرهم ، قال: فدخلني من ذلك ، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما أنكرت من ذلك ، ليس أحدٌ أفضل عند الله من مؤمن يُعَمَّرُ في الإسلام يَكثر تكبيرُه وتسبيحهُ ونهليلهُ وتحميده)).
وقد وضعوا الرسول الكريم وصاحباه من بعده هذه الطاقة العلمية الفريدة في خدمة الإسلام والمسلمين. هذا هو النبي عليه الصلاة والسلام يرى جموع قريش تدخل في دين الله أفواج بعد فتح مكة، ويشعر بحاجة المسلمين الجدد إلى معلم كبير يعلمهم الإسلام ويفقههم بشرائعه. فيعهد بخلافته على مكة لعتاب بن أسيد ويستبقي معه معاذ بن جبل ليعلم الناس القرآن في دين الله. دعوة معاذ بن جبل أهل اليمن إلى الهداية في عهد
الرسول صلى الله عليه وسلم
ولما جاءت رسل ملوك اليمن إلى رسول الله صلوات الله عليه تعلن إسلامها وإسلام من ورائها، وتسأله أن يبعث معها من يعلم الناس دينهم. انتدب لهذه المهمة نفراً من الدعاة الهداة من أصحابه، وأمّر عليهم معاذ بن جبل رضي الله عنه. وقد خرج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يودع بعثة الهدى والنور هذه وطفق يمشي تحت معاذ. أعلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالحلال والحرام ها و. ومعاذ راكب وأطال الرسول الكريم مشيته معه، حتى كأنه كان يريد أن يتلمى من معاذ. ثم أوصاه وقال (يا معاذ، إنك عسى ألا تلقاني بعد عامي هذا ولعلك أن تمر بمسجدي وقبري)، فبكى معاذ جزعاً لفراق نبيه وحبيبه محمد صلوات وسلام الله عليه وبكى معه المسلمون. وصدقت نبوءة النبي الكريم، فما
اكتحلت عينا معاذ برؤية النبي عليه الصلاة والسلام بعد تلك الساعة، فقد فارق
الرسول الكريم الحياة قبل أن يعود معاذ من اليمن.
أعلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالحلال والحرام ها و
وكان شيخ بني سلمة يعنى بصنمه هذا أشد العناية، فيجلله بالحرير ويضمخه كل صباح بالطيب. فقام الفتيان الصغار إلى صنمه تحت جنح الظلام، وحملوه من مكانه وخرجوا به إلى خلف منازل بني سلمه، وألقوه في حفرة كانت تجمع فيها الأقذار. فلما أصبح الشيخ افتقد صنمه فلم يجده وبحث عنه في كل مكان حتى ألفاه مكباً على وجهه في الحفرة غارقاً في الأقذار. فقال ويلكم من عدى على آلهتنا في هذه الليلة، ثم أخرجه وغسله وطهره و طيبه و أعاده لمكانه وقال له: أي مناة و الله أني أعلم من صنع بك هذا لأخذيته. أعلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالحلال والحرام هوشنگ. فلما أمسى الشيخ ونام تسلل الفتية إلى صنمه وفعلوا به ما فعلوا به في الليلة السابقة. فما زال يبحث عنه حتى وجده في حفرة أخرى من تلك الحفر فأخرجه وغسله وطهره وعطر وتوعد من عدوا عليه أشد الوعد. فلما تكرر ذلك منهم استخرجهم من حيث ألقوه وغسله، ثم جاء بسيفه فعلقه عليه وقال يخاطبه: (والله إني ما أعلم من يفعل بك هذا الذي تراه فإن كان فيك خير يا مناة فدفع عن نفسك وهذا السيف معك). فلمى أمسا الشيخ ونام عدى الفتية على الصنم وأخذوا السيف المعلق في رقبته وربطوه في عنق كلب ميت وألقوهما في حفره من تلك الحفر. فلمى أصبح الشيخ جد في طلب صنمه حتى وجده ملقى بين الأقذار مقروناً بكلب ميت منكساً على وجهه، عند ذلك نظر إليه وقال (تالله لو كنت إله لم تكن أنت وكلب وسط بئر في قرن).
أعلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالحلال والحرام هو الحل
فهذا هُو النبيُّ عليه الصلاة والسلام يرى جُموع قريشٍ تدخُل في دين الله أفواجاً، بعد فتح مكة. ويشعرُ بحاجة المُسلمين الجُدد إلى مُعلمٍ كبير يُعلمهمُ الإسلام، ويفقهُهم بشرائعهِ، فيعهدُ بخلافتهِ على مكة لِعتاب بن أسيدٍ، ويستبقي معهُ معاذ بن جبلٍ ليعلم الناس القرآن ويفقههُم في دينِ الله. - ولما جاءَت رسلُ ملوك اليمنِ إلى رسول الله صلوات الله عليه، تعلنُ إسلامها وإسلامَ من ورائها، وتسأله أن يبعثَ معها من يُعلمُ الناس دينهم انتدَب لهذه المُهمة نفراً من الدُّعاة الهداة من أصحابه وأمّرَ عليهم معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه. وقد خرجَ النبي الكريمُ صلوات الله وسلامه عليه يودعُ بَعثة الهدى والنور هذه...
وطفِق يمشي تحتَ راحلةِ معاذٍ... أعلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالحلال والحرام هو الحل. ومُعاذ راكبٌ...
وأطالَ الرسول الكريم مشيَه معه؛ حتى لكأنه كان يريدُ أن يتملى من معاذٍ...
ثم أوصاه وقال له: ( يا مُعاذ إنك عسى ألا تلقاني بعدَ عامي هذا... ولعلكَ أن تمُرَّ بمسجدي وقبري.. )
فبكى معاذ جزعاً لفراقِ نبيِّه وحبيبه محمدٍ صلوات الله عليه، وبكى معه المسلمون. - وصَدقت نُبوءُة الرسولِ الكريم فما اكتحلتْ عينا معاذٍ رضي الله عنه برؤيةِ النبي عليه الصلاة والسلام بعد تلك الساعة...
فقد فارقَ الرسولُ الكريمُ الحياة قبل أن يعودَ مُعاذ من اليمن.
أعلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالحلال والحرام هوشنگ
وهم: معاذ بنُ جبلٍ وعُبادة بنُ الصّامتِ وأبو أيوبَ الأنصاريُّ وأبيُّ بنُ كعبٍ وأبو الدَّرداء وقال لهم: إن إخوانكم من أهل الشامِ قد استعانوني بِمن يُعلمُهم القرآن ويفقهُهم في الدين فأعينوني رحمكم الله بثلاثةٍ منكم؛ فإن أحببتم فاقترعوا وإلا انتدبتُ ثلاثة منكم. من هو قال فيه الرسول صلي الله عليه وسلم هو أعلم أمتي بالحلال والحرام من 4 حروف - موقع اسئلة وحلول. فقالوا: ولم نقترعُ؟
فأبو أيوبَ شيخ كبيرٌ، وأبيٌّ رجلٌ مريضٌ، وبقينا نحنُ الثلاثة، فقال عمر: ابدؤوا بحِمص فإذا رضيتم حال أهلِها؛ فخلفوا أحدكم فيها وليخرُج واحدٌ منكم إلى ذلك، والآخرُ إلى فلسطين. فقام أصحابُ رسول الله الثلاثة بما أمَرهم به الفاروقُ في حمصَ...
ثم تركوا فيها عُبادة بن الصامتِ، وذهبَ أبو الدرداء إلى دمشقَ ومضى معاذ بنُ جبلٍ إلى فلسطينَ. - وهناك أصيبَ معاذ بالوباء. فلما حضرَته الوفاة استقبلَ القبلة وجعلَ يردّدُ هذا النشيد:
مرحباً بالموت مرحباً...
زائرٌ جاءَ بعد غياب...
وحبيب وَفدَ على شوْق...
ثم جعل ينظر إلى السماء ويقول: اللهُم إنك كنت تعلمُ أني لم أكن أحبُّ الدنيا وطولَ البقاءِ فيها لغرسِ الأشجار، وجريِ الأنهارِ...
ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدةِ الساعات، ومزاحمة العلماءِ بالرُّكب عند حلق الذكر...
اللهمَّ فتقبل نفسِي بخير ما تتقبلُ به نفساً مؤمنة.
أعلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالحلال والحرام هوشمند
فإذا تكلم كأنما يَخرجُ من فيه نورٌ ولؤلؤ. فقلت: من هذا؟! فقالوا: معاذ بنُ جبل. - وروى أبو مسلم الخولانيُّ ( أحد كبار التابعين وهو من اليمن) قال: أتيتُ مسجدَ دمشقَ؛ فإذا حلقة ( مجلس العلم، وكانوا يتحلقون في هذه المجالس حول الشيخ) فيها كهولٌ من أصحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم. من أعلم أمة النبي صلى الله عليه وسلم بالحلال والحرام - إسألنا. وإذا شابٌ فيهم أكحلُ العين براق الثنايا، كلما اختلفوا في شيءٍ ردُّوه إلى الفتى؛ فقلت لجليسٍ لي:
من هذا؟! فقال: معاذ بنُ جبل. - ولا غروَ ( لا عجب) فمعاذ رُبِّيَ في مدرسةِ الرسول صلوات الله وسلامه عليه مُنذ نعومةِ الأظفارِ ( كناية عن صغر السن لأن الصغير تكون أظفاره ناعمة) وتخرَّج على يديهِ فنهل العلمَ من ينابيعِه الغزيرة. وأخذ المعرفة من معينها الأصيل، فكان خير تلميذٍ لخير مُعلمٍ. وحسبُ معاذٍ شهادةً ( يكفيه شهادة) أن يقولَ عنه الرسول صلوات الله عليه: ( أعلمُ أمّتي بالحلالِ والحرام مُعاذ بن جبلٍ)، وحسبُه فضلاً على أمة محمدٍ أنه كان أحَدَ النفر الستةِ الذين جمعُوا القرآن على عهدِ رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. ولذا كان أصحابُ الرسول إذا تحدَّثوا وفيهم معاذ بن جبلٍ نظروا إليه هَيبة له وتعظيماً لِعلمه. - وقد وَضعَ الرسولُ الكريمُ وصاحباهُ من بعدِه هذه الطاقة العلمية الفريدة في خدمةِ الإسلام والمُسلمين.
* لما أشرَقتْ جزيرة العرَبِ بنور الهُدى والحقِّ، كان الغلامُ اليثربيُّ ( نسبة إلى يثرب، وهي المدينة المنورة) مُعاذ ابنُ جبلٍ فتىً يافعاً. كان يَمتاز من أترابهِ بحِدَّة الذكاءِ، وقوةِ العارضةِ ( قوة البديهة) وروعةِ البيانِ، وعُلوِّ الهمةِ. أعلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالحلال والحرام - كنز الحلول. وكان إلى ذلك، قسيماً وسيماً ( بهي الطلعة جميلُ الملامحِ) أكحلَ العينِ جعدَ الشعرِ براقَ الثنايا، يَملأ عين مُجتليه ( الناظر إليه) ويملكُ عليه فؤاده. أسلمَ الفتى مُعاذ بنُ جبلٍ على يدي الداعيةِ المكيِّ مصعبِ بن عُميرٍ، وفي ليلة العقبة امتدت يدهُ الفتية فصافحتْ يدَ النبي الكريم وبايعته...
فقد كانَ مُعاذ مع الرهط ِالاثنينِ والسبعين الذين قصدوا مكةَ، لِيسعدوا بلقاءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويَشرفوا ببيعتهِ، ولِيخطوا في سفر التاريخِ أروع صفحةٍ وأزهاها...
* * *
- وما إن عاد الفتى من مكة إلى المدينةِ حتى كونَ هو ونفرٌ صغيرٌ من لدَاته جماعةً لكسرِ الأوثانِ، وانتزاعها من بُيوت المشركين في يثربَ في السرِّ أو في العلنِ. وكان من أثرِ حركةِ هؤلاء الفتيانِ الصّغار أن أسلمَ رجلٌ كبيرٌ من رجالاتِ يثرب، وهو عمرُو بنُ الجموح. - ولما قدِم الرسولُ الكريم على المدينةِ مهاجراً، لزِمَه الفتى معاذ بن جبلٍ مُلازمة الظلِّ لصاحبه، فأخَذ عنه القرآنَ، وتلقى عليه شرائِع الإسلام، حتى غدا من أقرأ الصحابة لكتاب الله، وأعلمِهم بشرعِه...
حدّثَ يزيدُ بنُ قطيبٍ قال: دخلتُ مسجد حمصَ فإذا أنا بفتىً جعد الشعرِ ( ذو شعر أجعد)، قد اجتمعَ حوله الناس.