القناعة في الحياة
بقلم: علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
مجلة الاتحاد – وندسور
عدد ك٢ 2000
الصفة الجميلة والمعبرة التي تطلق على الإنسان الذي يرضى بعيشته وما أعطاه الله من رزق هي كلمة " انسان قنوع " ، فهذه الكلمة المميزة تحمل بين طياتها العديد من المعاني والمرادفات المفيدة. القناعة في الحياة الواقعية. يقولون أن فلانا إنسان قنوع ويكتفي بما عنده وأحيانا تصل الأمور بالإنسان أن يكون زاهدا في هذه الحياة التي إذا تعمق المرء في دراستها جيدا يراها زائلة وفانية في آن معا. القنوع في الحياة هو ذلك المرء الذي يعيش حياة خالية من الحسد والنميمة والتعدي على الغير ، إنه الإنسان الطيب القلب المتسامح الذي لا يسمح بوجود البغضاء والكراهية في حياته مهما كانت الأسباب الموجبة لهذه الأمور. هذا الإنسان هو نفسه الذي إذا واجهته مصائب أو ملمات ، واجهها بكل واقعية ورباطة جأش وتمعن للوصول إلى حلول منطقية وبعيدة عن الغوغائية ، هو نفسه الانسان الواضح في التعامل مع الآخرين ، الصادق والوفي في آن ، في زمن طغت فيه ومع الأسف الشديد المادة على عقول وألباب عدد كبير من الناس ، وظنوا أن الإنسان يقاس بمدى الأملاك والسيارات والأموال التي يملكها ،متناسين الطيبة والأخلاق الحميدة ، والسيرة الطيبة التي يجب على كل إنسان في هذه الحياة أن يتحلى بها ، ويعمل جاهدا على إيصال الكلمة الحلوة العطرة ، والتحلي بأعمال الخير والمروءة والشجاعة في كل موقع وزمان ومكان.
القناعة في الحياة
[18] و قال كذلك: أغنى الغنى القناعة. [19] و قال أمير المؤمنين (ع): القناعة رأس الغنى. 5 طرق مفتاح القناعة في الحياة | مصر العربية. [20]
الآثار السلبية المترتبة على عدم القناعة
أ) الذل و الهوان: من لم يرض بما قدّر الله له، سيطمع بأموال الغير شاء أم أبى، و بالنتيجة سيمدّ يديه إليهم بالطلب و السؤال و هذا ما يؤدي إلى ذلّه و هوانه. قال الإمام الصادق (ع): مَا أَقْبَحَ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ تَكُونَ لَهُ رَغْبَةٌ تُذِلُّه. [21]
يقول العلامة المجلسي في شرح هذا الحديث: المراد الرغبة إلى الناس بالسؤال عنهم و هي التي تصير سببا للمذلة و أما الرغبة إلى الله فهي عين العزة. [22]
ب) الحزن و القلق الدائم: من آثار الحرص و الطمع، الحزن و التشويش. قال الإمام الباقر (ع): لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ و لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا اسْتَوَى رَسُولُ اللَّهِ ص جَالِساً ثُمَّ قَالَ مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ حَسَرَاتٍ عَلَى الدُّنْيَا و مَنِ اتَّبَعَ بَصَرُهُ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ طَالَ هَمُّهُ و لَمْ يَشْفِ غَيْظَهُ و مَنْ لَمْ يَعْرِفْ لِلَّهِ عَلَيْهِ نِعْمَةً إِلَّا فِي مَطْعَمٍ أَوْ مَشْرَبٍ قَصَرَ عِلْمُهُ و دَنَا عَذَابُهُ.
القناعة في الحياة الأسرية والزوجية
ومن طريف ما أثر عن القناعة ماكتبه المنصور العباسي إلى أبي عبدالله الصادق: لم لا تغشانا كما يغشانا الناس؟ فأجابه: ليس لنا من الدنيا مانخافك عليه، ولاعندك من الآخرة مانرجوك له، ولاأنت في نعمة فنهنئك بها، ولا في نقمة فنعزيك، وكتب المنصور:
تصحبنا لتنصحنا، فقال أبو عبدالله: «من يطلب الدنيا لاينصحك، ومن يطلب الآخرة لايصحبك».
القناعة في الحياة الواقعية
وممّا كان يحاسب أصحابه
وولاته إذا خرج أحدهم عن
حدّ القناعة ما كتبه الى
شُريح عندما بلغه أنّه
اشترى داراً في عهده: " اشترى
هذا المغترّ بالأمل، من
هذا المزعج بالأجل هذه
الدار بالخروج من عزّ
القناعة، والدخول في ذلّ
الطلب والضراعة " 14.
وقال ابن تيمية: وجدتُ القناعةَ ثوبَ الغنى *** فصرتُ بأذيالها أمتسكْ فألبسني جاهُها حلةً *** يمرُّ الزمانُ ولم تُنتهَكْ فصرتُ غنيًّا بلا درهمٍ *** أمرُّ عزيزًا كأنِّي مَلِكْ (غذاء الألباب؛ للسفاريني: [2/538]). وما أحسن قول الشافعي: خَبَرتُ بَني الدنيا فلم أرَ منهم *** سِوى خادعٍ والخبثُ حشوُ إهابِه فجرَّدتُ عن غِمدِ القناعةِ صارمًا[2] *** قطعتُ رجائي منهمُ بذُبابِه فلا ذا يراني واقفًا بطريقِه *** ولا ذا يراني قاعدًا عندَ بابِه غنيٌّ بلا مالٍ عن الناسِ كلِّهم *** وليس الغِنى إلا عن الشيءِ لا به (غذاء الألباب؛ للسفاريني: [2/543]). وقال آخر: إذا أظمأتك أكفُّ اللئامِ *** كفَتْك القناعةُ شِبَعًا ورِيَّا فكن رجلًا رِجله في الثَّرَى *** وهامةُ همَّتِه في الثُّريَّا أبيًّا لنائلِ ذي ثروةٍ *** تَراه بما في يديه أبيا فإنَّ إراقةَ ماءِ الحياةِ *** دونَ إراقةِ ماءِ المحيَّا[3] (الكشكول؛ للعاملي: [2/268]). ــــــــــــــــــــــــــ الهوامش والمراجع: [1]- (موقر: من الوقر الحمل الثقيل. لسان العرب؛ لابن منظور: [5/289]). ما معيار القناعة في زماننا؟ و ما هي الحياة التي يمكن وصفها بالاعتدال؟ - المجمع العالمی لمعرفة الشیعة. [2]- (الصارم: السيف القاطع. لسان العرب؛ لابن منظور: [12/335]). [3]- (المحيا: الوجه.
وحذف مفعول { تعلمون} للوجه الذي تقدم في { كلا سوف تعلمون} وجواب { لو} محذوف. وجملة: { لو تعلمون علم اليقين} تهويل وإزعاج لأن حذف جواب { لو} يجعل النفوس تذهب في تقديره كلَّ مذهب مُمكن. والمعنى: لو تعلمون علم اليقين لتبيَّن لكم حالٌ مفظع عظيم ، وهي بيان لما في { كلا} من الزجر. والمضارع في قوله: { لو تعلمون} مراد به زمن الحال. أي لو علمتم الآن علم اليقين لعلمتم أمراً عظيماً. ولفعل الشرط مع { لو} أحوال كثيرة واعتبارات ، فقد يقع بلفظ الماضي وقد يقع بلفظ المضارع وفي كليهما قد يكون استعماله في أصل معناه. وقد يكون منزّلاً منزلةَ غير معناه ، وهو هنا مستعمل في معناه من الحال بدون تنزيل ولا تأويل. كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين ما المقصود بعلم اليقين وعين اليقين في الآية الكريمة - ما الحل. وإضافة { علم} إلى { اليقين} إضافةٌ بيانية فإن اليقين علم ، أي لو علمتم علماً مطابقاً للواقع لبان لكم شنيع ما أنتم فيه ولكن علمهم بأحوالهم جهل مركَّب من أوهام وتخيلات ، وفي هذا نداء عليهم بالتقصير في اكتساب العلم الصحيح. وهذا خطاب للمشركين الذين لا يؤمنون بالجزاء وليس خطاباً للمسلمين لأن المسلمين يعلمون ذلك علم اليقين. واعلم أنَّ هذا المركب هو { علم اليقين} نقل في الاصطلاح العلمي فصار لقباً لحالة من مدركات العقل وقد تقدم بيان ذلك عند تفسير قوله تعالى: { وإنه لحق اليقين} في سورة الحاقة ( 51) فارجع إليه.
كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين ما المقصود بعلم اليقين وعين اليقين في الآية الكريمة - ما الحل
تفسير و معنى الآية 5 من سورة التكاثر عدة تفاسير - سورة التكاثر: عدد الآيات 8 - - الصفحة 600 - الجزء 30. ﴿ التفسير الميسر ﴾
ما هكذا ينبغي أن يلهيكم التكاثر بالأموال، لو تعلمون حق العلم لانزجرتم، ولبادرتم إلى إنقاذ أنفسكم من الهلاك. لتبصرُنَّ الجحيم، ثم لتبصرُنَّها دون ريب، ثم لتسألُنَّ يوم القيامة عن كل أنواع النعيم. ﴿ تفسير الجلالين ﴾
«كلا» حقا «لو تعلمون علم اليقين» علما يقينا عاقبة التفاخر ما اشتغلتم به. ﴿ تفسير السعدي ﴾
كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ أي: لو تعلمون ما أمامكم علمًا يصل إلى القلوب، لما ألهاكم التكاثر، ولبادرتم إلى الأعمال الصالحة. ﴿ تفسير البغوي ﴾
( كلا لو تعلمون علم اليقين) أي: علما يقينا ، فأضاف العلم إلى اليقين كقوله: " لهو حق اليقين " ، وجواب " لو " محذوف ، أي: لو تعلمون علما يقينا لشغلكم ما تعلمون عن التكاثر والتفاخر. قال قتادة: كنا نتحدث أن علم اليقين أن يعلم أن الله باعثه بعد الموت. كلا لو تعلمون علم اليقين. ﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أضاف- سبحانه- إلى كل ما سبق من تحذيرات، زواجر أخرى فقال: كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ.
• إن ظهور النقص في علم المخلوقين يدلُّ على كمال علم الخالق سبحانه وتعالى. • إن ظهور العلوم الجديدة والأفكار الجديدة لدى الخَلقِ تبيِّن أن الخالق سبحانه وتعالى قد وسِع كلَّ شيء علمًا. • وإنَّ تبايُن واختلاف العلماء يشير إلى عظمة الخالق وقدرته وتدبيره سبحانه وتعالى، فلقد بيَّن الله تعالى في كتابه الكريم عجز كثير من عباده عن معرفة كل شيء. والدليل على ذلك أن الله تعالى قد بيَّن لنا في كتابه الكريم أن هناك قبيلتين هما (يأجوج ومأجوج) في الأرض التي نسكن فيها، وسخَّر لنا الأقمار الصناعية، وعلم الأرض، واستخراج بعض الخيرات من باطن الأرض، ولكن حتى الآن لم يستطع أحد معرفة أين يسكنون، وسوف يأذن الله تعالى بإخراجهم في آخر الزمان؛ قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 96]. وهناك من العلوم الغيبية التي أخبر سبحانه وتعالى بأنه لا يعلمها إلا هو، وسماها مفاتح الغيب؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].