الهرج كما قال أهل العلم ومنهم الإمام النووي رحمه الله في شرح الحديث، الفتنة وأيام الفتن واختلاط أمور الناس، كذلك في حال القتل والحرب، كذلك في حال الخوف والذعر. مشقة أي مشقة و جهاد أي جهاد أن ينفرد المسلم بالعبادة وقت اشتداد الفتن و تواليها وغفلة الناس و الغرق في المعاصي حتى الرؤوس, حيث يقل الرفيق الصالح الذي يشجع على العبادة و الطاعة و يكثر من يثبط بل و يشد المؤمن نحو الفتن شداً و يجره إلى المعاصي جراً. يوم لا تتزين المجالس إلا بالأراذل و يصبح المؤمن الطائع بين القوم مشوهاً مبعداً كأنه أحمق لا يفقه من أمر دنياه شيئاً. قال صلى الله عليه و سلم: « العبادة في الهرج كهجرة إلي ». (رواه مسلم). معنى العبادة في الهرج | المرسال. قال النووي في شرح مسلم: المراد بالهرج هنا الفتنة واختلاط أمور الناس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ويشتغلون عنها، ولا يتفرغ لها إلا أفراد. و سنتحدث في محورين: أولاً: العبادة عند اشتداد الفتن و اختلاط أمر الناس و انتشار القتل و الحروب. ثانيا: العبادة وقت الغفلة و كثرة المعاصي.
- شرح حديث العبادة في الهَرْج كهجرة إليَّ
- معنى العبادة في الهرج | المرسال
- العبادة في الهَرْج كهجرة إليّ - موقع مقالات إسلام ويب
شرح حديث العبادة في الهَرْج كهجرة إليَّ
قال ابن العربي: وجْه تمثيله بالهجرة أن الزمن الأول كان الناس يفرِّون فيه من دار الكفر وأهله، إلى دار الإيمان وأهله، فإذا وقَعَت الفتن تعيَّن على المرء أن يفرَّ بدينِه من الفتنة إلى العبادة، ويَهْجُر أولئك القوم وتلك الحالة، وهو أحد أقسام الهجرة". في رحاب التوجيه النبوي
- ارتقت العبادة في زمن الغفلة والفتنة إلى المنزلة الرفيعة للهجرة لأسباب متعددة؛ ذكرها الأئمة في شروحهم للحديث، نورد منها ما يلي:
السبب الأول: أن الناس يَغْفُلون عنها ويَشْتَغلون عنها، ولا يتفرَّغ لها إلا أفراد، كما ذكر ذلك الإمام النووي رحمه الله. شرح حديث العبادة في الهَرْج كهجرة إليَّ. السبب الثاني: أن الناس في زمن الفتن يتَّبعون أهواءهم، ولا يرجعون إلى دين؛ فيكون حالهم شبيهًا بحال الجاهلية، فإذا انفرد من بينهم مَن يتمسَّك بدينِه ويعبد ربَّه، ويتَّبع مراضيه، ويجتنب مساخطه، كان بمنزلة مَن هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به، متبعًا لأوامره، مجتنبًا لنواهيه، كما ذكر ذلك الحافظ ابن رجب رحمه الله. السبب الثالث: أن المتمسك في ذلك الوقت، والمنقطع إلى العبادة، المنعزل عن الناس، أجرُه كأجر المهاجر إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، لأنه ناسبه من حيث إن المهاجر فرَّ بدينه ممن يصده عنه للاعتصام بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكذا هذا المنقطع للعبادة فرَّ من الناس بدينه إلى الاعتصام بعبادة ربه، فهو في الحقيقة قد هاجر إلى ربه، وفرَّ من جميع خلقه، كما ذكر ذلك الإمام القرطبي رحمه الله.
معنى العبادة في الهرج | المرسال
وإن معنى الهرج في قوله عليه الصلاة والسلام: "العبادة في الهرج" أي وقت الفتن واختلاط الأمور، ونجد في قول المناوي في فيض القدير: "قوله صلى الله عليه وسلم: ( العبادة في الهَرْج) أي: وقت الفتن واختلاط الأمور، ( كهجرة إلي): في كثرة الثواب، أو يقال: المهاجر في الأول كان قليلاً؛ لعدم تمكُّن أكثر الناس من ذلك، فهكذا العابد في الهَرْج قليل. قال ابن العربي: وجْه تمثيله بالهجرة أن الزمن الأول كان الناس يفرِّون فيه من دار الكفر وأهله، إلى دار الإيمان وأهله، فإذا وقَعَت الفتن تعيَّن على المرء أن يفرَّ بدينِه من الفتنة إلى العبادة، ويَهْجُر أولئك القوم وتلك الحالة، وهو أحد أقسام الهجرة". [1]
وإن تعريف كلمة مرج أي الفساد، و في الحديث الشريف: "كيف أنتم إذا مرج الدين"، أي فسد وقلقت أسبابه، ويتجلى أيضاً معنى المرج أي الخلط، وإن تعريف كلمة مرج في قاموس المعاني وقاموس معاجم اللغة:
مرج الأمر أي فسد والتبس واختلط واضطرب. مرج العهد أي قل الوفاء به. العبادة في الهَرْج كهجرة إليّ - موقع مقالات إسلام ويب. ويقال مرج الخاتم في الأصبع أي معناه جال. وقد قيل أن المرج هي أرض ذات كلأ يتم فيها رعاية الدواب، وجمعها مروج. ومعنى مريج أي التبس واختلط وفي التنزيل معناه فهم في أمر مريج، ويقول في ضلال.
العبادة في الهَرْج كهجرة إليّ - موقع مقالات إسلام ويب
السبب الرابع: إذا عَمَّت الفتن اشتغلت القلوب، وإذا تعبَّد حينئذٍ متعبِّدٌ، دلَّ على قُوَّة اشتغال قلبه بالله عز وَجل فيَكْثُر أجره، كما ذكر ذلك الإمام ابن الجوزي رحمه الله. - كيفية العبادة التي يريدها ويحبُّها الله عز وجل منا: يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "العبودية": العبادة هي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، فالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان للجار واليتيم، والمسكين، وابن السبيل، والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء والذكر والقراءة، وأمثال ذلك من العبادة. وكذلك حب الله ورسوله، وخشية الله، والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عذابه، وأمثال ذلك، هي من العبادة لله. وذلك أن العبادة لله هي: الغاية المحبوبة له والمرضية له التي خَلَق الخلق لها، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، وَبهَا أرسل جَمِيع الرُّسُل، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء:25).
- العِبادةُ في الهرَجِ كالهِجرةِ إليَّ
الراوي:
معقل بن يسار
| المحدث:
الألباني
| المصدر:
صحيح الترمذي
| الصفحة أو الرقم:
2201
| خلاصة حكم المحدث:
صحيح
| التخريج:
أخرجه مسلم (2948)، وابن ماجه (3985) باختلاف يسير، والترمذي (2201) واللفظ له
الْعِبادَةُ في الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إلَيَّ. معقل بن يسار | المحدث:
مسلم
|
المصدر:
صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2948 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
في الزَّمنِ الأَوَّلِ زمنِ الهِجرةِ كانَ النَّاسُ يَفِرُّون مِن دارِ الكُفْرِ وأَهلِه إلى دارِ الإِيمانِ وأَهلِه، فإذا وَقعتِ الفِتنُ فإنَّ المَرءَ يَفِرُّ بِدينِه مِنَ الفِتَنِ إلى العِبادةِ، ويَهجُرُ أُولئكَ الأَقوام في تلكَ الحالةِ.
وقد أوجَبَ -تقدَّسَتْ أسماؤهُ- علينا أن نُؤدّيَ الفرائضَ ونجتنِبَ المحرّماتِ فوجَبَ علينا أن نتقرّبَ إليه بما افترَضَ وأَمَر ونَنْتهَي عمّا نَهى عنه وحَذَّر فإنَّ أفضلَ ما يتقرّبُ به العبدُ إلى ربِّه أداءُ الواجِباتِ واجتنابُ المحرّمات. فقد روى البخاريُّ عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم فيما يَرْويهِ عن ربّه تباركَ وتعالى أنّه قال: "وما تَقَرَّبَ إليَّ عَبْدِي بِشَيء أحبَّ إليَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عليه". فدلَّ الحديثُ على عظيمِ فَضلِ المحافظةِ على الفرائضِ. ولا شكَّ أن أَعلى الفرائضِ وأفضلَها الإيمانُ باللهِ ورسولِه صلى الله عليه وسلَّم. قال عليه الصلاةُ والسلام: "أفّضلُ الأعمالِ إيمانٌ باللهِ ورسُوله" رواه البخاريّ. وَلِيُعْلَمَ أنَّ الثّباتَ على أداءِ الواجباتِ واجتنابِ المحرَّمات هو السّبيلُ إلى النَّجاةِ يومَ القيامةِ ودخولِ الجنّةِ بلا عذابٍ. فَطُوبِى لمن كانتِ التّقوى سيرتَه وأصلَحَ علانِيَتَهُ وسريرتَه فاستقامَ في أيامٍ قليلةٍ لِيفوزَ في أيّامٍ طِوالٍ، يُومَ لا ينفَعُ مالٌ ولا بَنُون إلَّا مَنْ أتى اللهَ بِقَلْبٍ سَليم. فقد روى التّرمذيُّ عن معاذِ بنِ جَبل رضي الله عنه أنّه قال: قُلْتُ يا رسولَ اللهِ أخبرني بِعَمَلٍ يُدْخِلُني الجنة و يُباعِدُني منَ النّار قال: "لقدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيم وإنه لَيَسِيْرٌ على مَن يَسَّره اللهُ تعالى عَلَيه؛ تَعْبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ به شَيئًا، وتقيمُ الصلاةَ، وتُؤتي الزّكاةَ، وتصومُ رمضانَ، وتحجُّ البيتَ إنِ استطَعْتَ إليه سَبيِلًا".