والمقصود: أن الأصل في الأيمان الكاذبة المنع والتحريم ، إلا إذا ترتب عليها مصلحة كبرى أعظم من الكذب ، كما في الثلاث المذكورة في الحديث السابق " انتهى. وما حكم الحلف كذبا ؟ فهذا مجمل ويفسر على حسب ما تحتمله العبارة. إذا قال: والله لأفعلن كذا ، أو والله لأعيننكم على كذا وكذا ، أو والله إنه ما فعل كذا وما فعل كذا بطريق الإصلاح فهو إذا حلف بقصد الإصلاح حلفاً لا يضر أحداً فلا حرج عليه في ذلك ، والله إن فلاناً قال فيك كذا ، و الله إن جماعة فلان أثنوا عليك ويشكرونك ويقولون: إنه صاحبنا ، ليصلح بينهم. وأما من حلف فقال ": والله لأزورنكم أو لأساعدنكم على مهمة إذا اصطلحتم وإذا تركتم هذا الشقاق ، "، فعليه أن يوفي لهم بهذا الشيء ، لأن الوعد له شأن ، ومن خصال المؤمن الوفاء بالوعد ، قال الله في حق إسماعيل: " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً " سورة مريم:54 ، ولا ينبغي له أن يخل بالوعد لأن الإخلال بالوعد من صفات أهل النفاق. فالمنافق إذا وعد أخلف. حكم الحلف كذبا لدفع ضرر های. وعليه كفارة إذا أخل بذلك ، مع كونه اتصف بصفات أهل النفاق في الإخلال بالوعد ، عليه كفارة اليمين لقوله:" والله لأزورنكم في يوم كذا أو والله لأساعدنكم " ولم يفعل ، وعليه معرة إخلاف الوعد ، وقد يأثم عند من قال بوجوب الوفاء لظاهر الأدلة ، وقد لا يأثم ولكنه وقع في خصلة من خصال أهل النفاق ينبغي ألا يقع فيها.
- حكم الحلف كذبا لدفع ضرر های
- حكم الحلف كذبا لدفع ضرر در
- حكم الحلف كذبا لدفع ضرر ولا ضرار
حكم الحلف كذبا لدفع ضرر های
[٤]
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى عدم وجوب الكفارة في اليمين الغموس لأنّه ذنب عظيم ومن خطورة هذا الذنب وعظمته، فالكفارة لا تمحو أثره وإنّما الواجب هو التوبة من هذا الفعل ومن هذه الجرأة، [٥] فكفارة اليمين وضعت فيما لو اضطُر المسلم أن يحنث بيمينه، كأن يحلف على شيء في المستقبل، من عدم القيام بفعل معيّن وما شابه، ثمّ يضطر للقيام بهذا الفعل فيحنث بيمينه ويُكفّر عنها، ومن الواجب حفظ الأيمان ما أمكن ذلك. [١]
حكم الحلف بغير الله كاذبًا
كيف يتصرّف من حلف بغير الله كاذبًا؟
إنّ الحلف بغير الله كذبًا ذنب عظيم يشتمل على محظورين، الأول هو الإقدام على الحلف بغير الله وذلك شرك به سبحانه، وقد نهت النصوص الشرعية عن هذا الفعل وبيّنت خطورته الشديدة، ومن الواجب الحذر منه والتوبة عند إتيانه، والثاني وهو الكذب وهو محظور شرعي أيضًا، وبالنسبة لإخراج الكفارة فلم يُشرع إخراجها في هذه الحالة. [٦]
حكم الحلف بالله كذبًا اضطرارًا
هل يُمكن للمسلم أن يحلف بالله كذبًا إذا كان مضطرًا؟
الأصل أنّ المسلم إذا اضطُر للكذب اضطرارًا شديدًا أن يستعمل التورية وهو أن يقول كلامًا يفهم منه الشخص الآخر المعنى الذي يُريد وهو يُريد معنًى آخر، كأن يقول: "هذا أخي"، فيفهم السامع أنّه أخوه بالنسب وهو يُريد أخوّة الإيمان، وما شابه ذلك.
حكم الحلف كذبا لدفع ضرر در
ومع عدم توبةٍ وإحسانٍ تعريضُه كذب ، ويمينه غموس ، واختيار أصحابنا: لا يُعلمه ؛ بل يدعو له في مقابلة مظلمته " انتهى من " الاختيارات الفقهية " (5/507) مطبوع مع الفتاوى الكبرى ، ونقله ابن مفلح في الفروع (7/97). وينظر تفصيل مسألة التأويل في الحلف في "ا لموسوعة الفقهية " (7/306). حكم من حلف كذبا لدفع ضرر. والكذب في الحرب: قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْحَرْب خُدْعَة "... وَقَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيث جَوَاز الْكَذِب فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء: أَحَدهَا فِي الْحَرْب. قَالَ الطَّبَرِيُّ: إِنَّمَا يَجُوز مِنْ الْكَذِب فِي الْحَرْب الْمَعَارِيض دُون حَقِيقَة الْكَذِب ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلّ ، هَذَا كَلَامه, وَالظَّاهِر إِبَاحَة حَقِيقَة نَفْس الْكَذِب لَكِنْ الِاقْتِصَار عَلَى التَّعْرِيض أَفْضَل. وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى. وقال السفاريني رحمه الله: " ف هذا ما ورد فيه النص ، ويقاس عليه ما في معناه ، ككذبه لستر مال غيره عن ظالم ، وإنكاره المعصية للستر عليه ، أو على غيره ما لم يجاهر الغير بها ، بل يلزمه الستر على نفسه وإلا كان مجاهرا ، اللهم إلا أن يريد إقامة الحد على نفسه كقصة ماعز ، ومع ذلك فالستر أولى ويتوب بينه وبين الله تعالى.
حكم الحلف كذبا لدفع ضرر ولا ضرار
السؤال: يقول: كنت قد حلفت بالله كاذباً ولكن كان هذا الحلف لابد منه، فلو لم أحلف كاذباً -والله أعلم- كان قد أصابني ظلم، فماذا تعد هذه اليمين؟
الجواب: إذا كنت مضطراً إليها فلا شيء عليك، تسمى يمين الغموس إذا كان الإنسان ليس مضطراً لها، فإذا اضطر إليها فلا حرج في ذلك، كأن يطلب منه أن يقر بشيء وهو بريء منه فيحلف أنه لم يفعله وهو يعتقد أنه فعله، لكن لو أقر به لأقيم عليه الحد، فلا حرج أن يحلف ويستر على نفسه. المقصود أنه إذا حلف يميناً اضطر إليها ولو لم يحلف لأصابه شيء يضره وليس فيها حق لمسلم، فإنه لا حرج عليه ليدفع عن نفسه الضرر، ومن ذلك لو قيل له: احلف أنك ما زنيت أو ما شربت الخمر أو ما أشبه ذلك فحلف على ذلك؛ لئلا يقام عليه الحد فلا حرج عليه في ذلك، وعليه التوبة إلى الله فيما بينه وبين ربه سبحانه وتعالى، ومن تاب تاب الله عليه إذا صدق في التوبة. أما إذا كان في حق المسلم كأن يحلف أنه ما عنده دين لفلان أو ما عنده حق لفلان وهو يكذب فهذه يمين الغموس، هذا عليه فيها الإثم العظيم ولا تبرأ ذمته، وعليه أن يسلم الحق لصاحبه ولو حلف، عليه أن يتوب إلى الله ويسلم الحق لصاحبه من مال أو قصاص أو غير ذلك، نعم.
ولإصلاح ذات البين أهمية كبيرة في الشرع ، وقد رتب على هذا الإصلاح أجوراً عظيمة ، كما ورد التحذير الشديد من إفساد ذات البين ، ولأهمية إصلاح ذات البين في المجتمع المسلم ولخطورة الشقاق والخلاف: فقد أباح الله عز وجل الكذب من أجل الإصلاح و من أجل رفع الشقاق والنزاع الذي تكون نتيجته سلبية على دين الفرد والجماعة. فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟" قالوا: بلى ، قال: " صلاح ذات البين ، فإن فساد ذات البين هي الحالقة ". رواه الترمذي ( 2509) وقال: " هذا حديث صحيح ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " هي الحالقة ، لا أقول تحلق الشعر ، ولكن تحلق الدّين ". حكم من حلف كذبا لدفع الضرر عن نفسه - إسلام ويب - مركز الفتوى. انتهى. ومن أكرمه الله ووفقه للإصلاح بين المسلمين فاحتاج إلى الكذب من أجل الإصلاح فلا حرج عليه في ذلك ، ولا يجوز وصفه بالكذب ، لأنه إنما كذب لأمر عظيم فيه من المصالح الشرعية ما جعل الكذب في هذا الموطن مباحاً ، كما في الصحيحين من حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا ويقول خيراً " رواه البخاري ( 2546) و مسلم ( 2605).
والحلف كذبًا -وإن كان كبيرة، ويمين غموس - لكنه كسائر الذنوب إذا تاب العبد منها، تاب الله عليه، وغفر له. والتوبة تكون بالندم، والعزم على عدم العودة مستقبلًا إلى الكذب، والحلف عل اقرأ أيضا: هل الزواج في شهر رمضان عذر مبيح للإفطار؟.. "الإفتاء" تُجيب اقرأ أيضا: كذب متعمدًا في نهار رمضان وهو صائم.. ما الحكم؟