لا شكّ بأنّك سمعت من قبل بهذا الحديث الّذي يتمّ تداوله بكثرة عند كلّ محاولة تفكير بالطلاق ، وهو حديث "أبغض الحلال إلى الله الطلاق". إذ يصبح حديثا ضاغطا على الطرفين ليتراجعا عن الفكرة. ومن المثير حقّا للاهتمام مدى انتشاره رغم كونه حديثا ضعيفا. وهو حتما يدلّ على رؤية مجتمعية قبل كلّ شيء. فكما كنت قد شرحت من قبل في مقالي عن الخلط بين الدين والعادات والتقاليد ، هي محاولة من المجتمع لتبرير عادة أو عرف معيّن. ويتعلّق الأمر هنا بالطلاق. فلازالت بعض المجتمعات العربية ترى الطلاق عيبا. ويتمّ لوم المرأة غالبا عليه. حيث تأخذ القسط الأكبر من نظرة المجتمع السوداء إليها كما لو أنّها كفرت، حتّى وإن لم يكن الطلاق غلطتها. حديث ابغض الحلال عند الله الطلاق سوره. سأشرح لكم المزيد في هذا المقال عن هذا الحديث وعن أهمّية النظر إلى شرع الله بعين الحق ، لا بعين الثقافة والعرف والجاهلية. قد ترغب بقراءة: أسباب العزوف عن الزواج في المجتمع الشرقي والغربي والشرق آسياوي، وتأثير ذلك على المجتمع ضعف حديث أبغض الحلال إلى الله الطلاق فصّل الألباني في كتابه "إرواء الغليل" كلّ الطرق الّتي جاء منها حديث "أبغض الحلال إلى الله الطلاق. " وقد قال بأنّ الحديث ضعيف. وبعد مناقشة رواته اتّضح بأنّه حديث مرسل.
- بحث جاهز كامل عن الطلاق - مخزن
بحث جاهز كامل عن الطلاق - مخزن
ففي كلِّ مورد تتزاحم فيه الملاكات والمصالح والمفاسد تتمُّ الموازنة بين تلك الملاكات، فإذا قدَّر الشارع أنَّ مفسدة هذا الفعل شديدة وهي أهمُّ ملاكاً من المصلحة المترتِّبة عليه فإنَّه يحكم بحرمته، والحكم بحرمته وإنْ كان سيُفضي إلى فوات تلك المصلحة إلا أنَّ الرعاية لدرء المفسدة لما كان أهمَّ ملاكاً فإنَّ ذلك اقتضى الإغفال لتلك المصلحة والقبول بفواتها بعد افتراض عدم الإمكانية للتحفُّظ عليها. وقد ينعكس الفرض فتكون مصلحة الفعل أهمَّ ملاكًا من مفسدته ففي مثل هذا الفرض يحكم الشارع بإباحة هذا الفعل رغم أنَّ إباحته ستُفضي إلى الوقوع في تلك المفسدة إلا أنَّه لما كانت تلك المصلحة من الأهمية بحيث لا يسع الشارع التفريط بها لذلك رجَّح الحكم بالإباحة رعايةً وتحفُّظًا على المصلحة حتى لا تفوت وإنْ كان سينشأ عن ذلك الوقوع في المفسدة التي لا تُضاهي المصلحة الحاصلة من الحكم بالإباحة لذلك الفعل. ولعلَّ هذا الفرض هو الذي نشأ عنه الحكم بحلِّيَّة الطلاق، فهو وإنْ كان مبغوضًا لدى الشارع لما يترتَّب عليه من مفاسد إلا أنَّ تلك المفاسد مزاحَمةٌ بمصالحَ تفوق تلك المفاسد أهميةً بحيثُ لا يسع الشارع الإغفال لتلك المصالح، ولذلك أباح الطلاق رعايةً لتلك المصالح ولكنَّه أكَّد على مبغوضيّة هذا الفعل لغرض التحذير من التوظيف للحكم بإباحته فيما يتنافى مع الأخلاق الفاضلة، وحتى يستفرغ المؤمن وُسْعَه في البحث عن خيارٍ آخر قبل أن يلجأ إلى هذا الخيار.
تاريخ النشر: الخميس 15 رجب 1432 هـ - 16-6-2011 م
التقييم:
رقم الفتوى: 158875
204004
0
467
السؤال
إن أبغض الحلال عند الله الطلاق ـ عبارة نسمعها كثيراً، ولكن أين وردت؟. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحديث: أبغض الحلال إلى الله الطلاق. رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم ورجح بعض أهل العلم أنه مرسل وضعفه الشيخ الألباني في إرواء الغليل. حديث ابغض الحلال عند الله الطلاق سوره النساء. جاء في سبل السلام للصنعاني: وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبغض الحلال إلى الله الطلاق ـ رواه أبو داود, وابن ماجه, وصححه الحاكم, ورجح أبو حاتم إرساله وكذا الدارقطني, والبيهقي رجحا الإرسال. انتهي. ثم علق عليه قائلا: الحديث فيه دليل على أن في الحلال أشياء مبغوضة إلى الله تعالى, وأن أبغضها الطلاق فيكون مجازا عن كونه لا ثواب فيه, ولا قربة في فعله, ومثل بعض العلماء المبغوض من الحلال بالصلاة المكتوبة في غير المسجد لغير عذر, والحديث دليل على أنه يحسن تجنب إيقاع الطلاق ما وجد عنه مندوحة. انتهي. والله أعلم.