{ وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ} يَقُول: وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ فِيمَا نَابَهُمْ مِنْ مُهِمَّات أُمُورهمْ. وَأَمَّا قَوْله: { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَان عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ} فَإِنَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ: أَنَّ الشَّيْطَان لَيْسَتْ لَهُ حُجَّة عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَعَمِلُوا بِمَا أَمَرَ اللَّه بِهِ وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ اللَّه عَنْهُ. ' تفسير القرطبي قوله تعالى { إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا} أي بالإغواء والكفر، أي ليس لك قدرة على أن تحملهم على ذنب لا يغفر؛ قاله سفيان. وقال مجاهد: لا حجة له على ما يدعوهم إليه من المعاصي. وقيل: إنه ليس عليهم سلطان بحال؛ لأن الله تعالى صرف سلطانه عليهم حين قال عدو الله إبليس لعنه الله { ولأغوينهم أجمعين. إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ.. إلا عبادك منهم المخلصين} [الحجر: 39 - 40] قال الله تعالى { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين} [الحجر: 42]. قلت: قد بينا أن هذا عام يدخله التخصيص، وقد أغوى آدم وحواء عليهما السلام بسلطانه، وقد شوش على الفضلاء أوقاتهم بقوله: من خلق ربك؟ حسبما تقدم في الأعراف. { إنما سلطانه على الذين يتولونه} أي يطيعونه.
- إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ.
- معانات جميل بن معمر
إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ.
وهذا المفهوم يفيد أن الله قد عصم أو حفظ هذا الفريق من الشيطان ، وذلك يثير سؤالاً في خاطر إبليس ليعلم الحائل بينه وبين ذلك الفريق بعد أن علم في نفسه علماً إجمالياً أن فريقاً لا يحتنكه لقوله: { لأحتنكن ذريته إلا قليلاً} [ الإسراء: 62]. فوقعت الإشارة إلى تعيين هذا الفريق بالوصف وبالسبب. فأما الوصف ففي قوله: { عبادي} المفيد أنهم تمحضوا لعبودية الله تعالى كما تدل عليه الإضافة ، فعلم أن من عبدوا الأصنام والجن وأعرضوا عن عبودية الله تعالى ليسوا من أولئك. وأما السبب ففي قوله: { وكفى بربك وكيلاً} المفيد أنهم توكلوا على الله واستعاذوا به من الشيطان ، فكان خير وكيل لهم إذ حاطهم من الشيطان وحفظهم منه. إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا. وفي هذا التوكل مراتب من الانفلات عن احتناك الشيطان ، وهي مراتب المؤمنين من الأخذ بطاعة الله كما هو الحق عند أهل السنّة. فالسلطان المنفي في قوله: { ليس لك عليهم سلطان} هو الحكم المستمر بحيث يكونون رعيته ومن جنده. وأما غيرهم فقد يستهويهم الشيطان ولكنهم لا يلبثون أن يثوبوا إلى الصالحات ، وكفاك من ذلك دوام توحيدهم لله ، وتصديقهم رسوله ، واعتبارهم أنفسهم عباداً لله متطلبين شكر نعمته ، فشتان بينهم وبين أهل الشرك وإن سخفت في شأنهم عقيدَةُ أهل الاعتزال.
واعلم أن على القول الأول يمكن أن يكون قوله: ( إلا من اتبعك) استثناء; لأن المعنى: أن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ، فإن لك عليهم سلطانا بسبب كونهم منقادين لك في الأمر والنهي. وأما على القول الثاني فيمتنع أن يكون استثناء ، بل تكون لفظة ( إلا) بمعنى لكن ، وقوله: ( وإن جهنم لموعدهم أجمعين) قال ابن عباس: يريد إبليس وأشياعه ، ومن اتبعه من الغاوين.
[١]
تقدم جميل للزواج من بثينة
لماذا رفض أهل بثينة تزويجها من جميل؟
بما أن جميل بن معمر كان قد أحب ابنة عمه بثينة وأولع قلبه بها كان قد ارتأى أن يتقدم لها فيخطبها ويتزوجها، ويبدو أنه لم يكن يتوقع ردة فعل أهل بثينة نظرًا لرابط القرابة الذي يجمع بينهما، إلا أن أهلها لم يراعوا هذه القرابة ولم يولوها أي اهتمام، كما أنهم يأبهوا بالحب الذي جمع بين جميل وبثينة، وجل ما كانوا يفكرون به هو ردة فعل الناس من بعد تزويجهما والكلام الذي سيتقولونه على بثينة، فقد خشي والدها أن يقول الناس عنه إنّه زوج ابنته لمن شبب بها، ليستر عارًا أتت به، لذلك سارع لتزويجها لرجل ثري كان قد تقدم لخطبتها و كسر قلب جميل.
معانات جميل بن معمر
وقد تغنى المغنون كثيراً بشعر جميل لمواءمته
للغناء في معانيه ورقة ألفاظه وسهولة أسلوبه. إحسان
النص
مراجع
للاستزادة:
ـ
أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، الجزء الثامن (طبعة دار الكتب، القاهرة 1995). ابن سلام الجمحي، طبقات فحول الشعراء، تحقيق محمود محمد شاكر (القاهرة 1974). معانات جميل بن معمر. عباس محمود العقاد، «جميل بثينة»، سلسلة اقرأ (القاهرة 1994). التصنيف: اللغة العربية
النوع: أعلام ومشاهير المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد: 703
مشاركة:
كان يعيش جميل مع عائلة ميسورة الحال في وادي القرى الواقعة بين الشام والحجاز، وجميل من شعراء العصر الاموي، وقد وصف في جمال وحسن الخلق وكان كريم النفس، وكان مرهف الاحساس، ورقيق المشاعر، وانه قد احب بثينة حبا عظيما.