وكذلك (
آخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) فذكر
تعالى تخفيفين، تخفيفا للصحيح المقيم، يراعي فيه نشاطه، من غير أن يكلف عليه تحرير
الوقت، بل يتحرى الصلاة الفاضلة، وهي ثلث الليل بعد نصفه الأول. وتخفيفا للمريض أو المسافر،
سواء كان سفره للتجارة، أو لعبادة، من قتال أو جهاد، أو حج، أو عمرة، ونحو ذلك ،
فإنه أيضا يراعي ما لا يكلفه، فلله الحمد والثناء، الذي ما جعل على الأمة في الدين
من حرج، بل سهل شرعه، وراعى أحوال عباده ومصالح دينهم وأبدانهم ودنياهم. ثم أمر العباد بعبادتين، هما أم
العبادات وعمادها: إقامة الصلاة، التي لا يستقيم الدين إلا بها، وإيتاء الزكاة
التي هي برهان الإيمان، وبها تحصل المواساة للفقراء والمساكين، ولهذا قال:
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) بأركانها، وشروطها،
ومكملاتها، ( وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) أي:
خالصا لوجه الله، من نية صادقة، وتثبيت من النفس، ومال طيب، ويدخل في هذا الصدقة
الواجبة ، والمستحبة، ثم حث على عموم الخير وأفعاله فقال: ( وَمَا
تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا
وَأَعْظَمَ أَجْرًا) الحسنة بعشر أمثالها، إلى
سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة.
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة المزمل - الآية 20
المزمل: المتغطي بثيابه
كالمدثر، وهذا الوصف حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أكرمه الله برسالته،
وابتدأه بإنزال [ وحيه بإرسال] جبريل إليه، فرأى أمرا لم ير مثله، ولا يقدر على
الثبات له إلا المرسلون، فاعتراه في ابتداء ذلك انزعاج حين رأى جبريل عليه السلام،
فأتى إلى أهله، فقال: « زملوني زملوني » وهو
ترعد فرائصه، ثم جاءه جبريل فقال: « اقرأ » فقال: « ما أنا
بقارئ » فغطه حتى بلغ منه الجهد، وهو يعالجه على القراءة، فقرأ صلى
الله عليه وسلم، ثم ألقى الله عليه الثبات، وتابع عليه الوحي، حتى بلغ مبلغا ما
بلغه أحد من المرسلين. القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة المزمل - الآية 20. فسبحان الله، ما أعظم التفاوت
بين ابتداء نبوته ونهايتها، ولهذا خاطبه الله بهذا الوصف الذي وجد منه في أول
أمره. فأمره هنا بالعبادات المتعلقة
به، ثم أمره بالصبر على أذية أعدائه ، ثم أمره بالصدع بأمره، وإعلان دعوتهم إلى
الله، فأمره هنا بأشرف العبادات، وهي الصلاة، وبآكد الأوقات وأفضلها، وهو قيام
الليل. ومن رحمته تعالى، أنه لم يأمره
بقيام الليل كله، بل قال: ( قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا). ثم قدر ذلك فقال: (
نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ) أي: من النصف (
قَلِيلا) بأن يكون الثلث ونحوه.
تفسير سورة المزمل كاملة
( أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) أي: على النصف، فيكون الثلثين ونحوها. ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا) فإن ترتيل القرآن به يحصل التدبر والتفكر، وتحريك القلوب به، والتعبد بآياته، والتهيؤ والاستعداد التام له، فإنه قال: ( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا) أي: نوحي إليك هذا القرآن الثقيل، أي: العظيمة معانيه، الجليلة أوصافه، وما كان بهذا الوصف، حقيق أن يتهيأ له، ويرتل، ويتفكر فيما يشتمل عليه. ثم ذكر الحكمة في أمره بقيام الليل، فقال: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ) أي: الصلاة فيه بعد النوم ( هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا) أي: أقرب إلى تحصيل مقصود القرآن، يتواطأ على القرآن القلب واللسان، وتقل الشواغل، ويفهم ما يقول، ويستقيم له أمره، وهذا بخلاف النهار، فإنه لا يحصل به هذا المقصود ، ولهذا قال: ( إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا) أي: ترددا على حوائجك ومعاشك، يوجب اشتغال القلب وعدم تفرغه التفرغ التام. سورة المزمل تفسير السعدي الآية 1. ( وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) شامل لأنواع الذكر كلها ( وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا) أي: انقطع إلى الله تعالى، فإن الانقطاع إلى الله والإنابة إليه، هو الانفصال بالقلب عن الخلائق، والاتصاف بمحبة الله، وكل ما يقرب إليه، ويدني من رضاه.
تفسير سورة المزمل الآية 17 تفسير السعدي - القران للجميع
فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ( 17) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولا ( 18). أي: فكيف يحصل لكم الفكاك والنجاة من يوم القيامة، اليوم المهيل أمره، العظيم قدره ، الذي يشيب الولدان، وتذوب له الجمادات العظام، فتتفطر به السماء وتنتثر به نجومها ( كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولا) أي: لا بد من وقوعه، ولا حائل دونه. إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا ( 19). [ أي:] إن هذه الموعظة التي نبأ الله بها من أحوال يوم القيامة وأهواله ، تذكرة يتذكر بها المتقون، وينزجر بها المؤمنون، ( فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا) أي: طريقا موصلا إليه، وذلك باتباع شرعه، فإنه قد أبانه كل البيان، وأوضحه غاية الإيضاح، وفي هذا دليل على أن الله تعالى أقدر العباد على أفعالهم، ومكنهم منها، لا كما يقوله الجبرية: إن أفعالهم تقع بغير مشيئتهم، فإن هذا خلاف النقل والعقل.
سورة المزمل تفسير السعدي الآية 1
• المشقة تجلب التيسير. • وجوب الطهارة من الخَبَث الظاهر والباطن. • الإنعام على الفاجر استدراج له وليس إكرامًا. سورة:
اللغة العربية - المختصر في تفسير القرآن الكريم - فهرس التراجم
المختصر في تفسير القرآن الكريم باللغة العربية، صادر عن مركز تفسير للدراسات القرآنية.
{ وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ} وذلك لمرارته وبشاعته، وكراهة طعمه وريحه الخبيث المنتن، { وَعَذَابًا أَلِيمًا} أي: موجعا مفظعا،
شارك الكتاب مع الآخرين بيانات الكتاب العنوان معالم منهج أهل السنة والجماعة المؤلف صالح بن فوزان الفوزان عدد الأجزاء 1 عدد الأوراق 56 رقم الطبعة 1 بلد النشر السعودية المحقق فهد بن إبراهيم الفعيم نوع الوعاء كتاب دار النشر دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع تاريخ النشر 1433 هـ 2012 م المدينة الرياض
منهج أهل السنة والجماعة في تلقي العقيدة
إن أهل السنة أصحابَ الحديث، صاحبُ مقالتهم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم إليه ينتسبون، وإلى علمه يستندون، وبه يستدلون، وإليه يفزعون، وبذلك يفتخرون. فمن يوازيهم في شرف الذكر؟، ومن يباهيهم في علو الاسم و ساحة الفخر؟. هم أعلم الناس بأحواله -ﷺ- وأقواله وأفعاله، والعصمة عندهم ليست لأحد بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكل يؤخذ من قوله ويُرد إلا رسول الله -ﷺ-؛ هم أشد الناس حبّاً للسنة، وأحرصهم على اتباعها، وأكثرهم موالاة لأهلها. يعتقدون كمال الدين، وأن النبي بلغ ما أنزل إليه من رب العالمين. وأنه - صلوات الله وسلامه عليه - تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. فما من خير إلا والنبي - ﷺ - دل أمته عليه، وما من شر إلا حذر أمته منه. فلم يبتدعوا في الدين، ولم يتبعوا غير سبيل المؤمنين. منهج اهل السنه والجماعه في تلقي العقيده. لا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم و الاستسلام. قال الزهري: (من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم)
ومن خصائص أهل السنة والجماعة أنهم أهل تسليم تام لنصوص الكتاب والسنة، يعظمونها ولا يعارضونها، وينقادون لها ويتبعونها. يقطعون ألا تعارض بين النقل الصحيح والعقل السليم؛ لأن كل ما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع فهو حق وصدق، فلا يمكن أن يناقضه العقل السليم.
منهج أهل السنة والجماعة - افتح الصندوق
أيها المسلمون أهلَ السنة والجماعة..
إن السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم، أعمق صلة بوحي الله تعالى، وأطهر الناس سيرة وأصح لسانا، زكاهم الله تعالى ورضي عنهم، فهم خير الأمة، وأفقه الأمة بالقرآن والسنة. وإذا اختلف الناس؛ فإن الأجدر بالنجاة والصواب، من كان في جانب الأصحاب، فإنهم أبر الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأصحها فطرة، وأحسنها سريرة، وأصرحها برهانا، حضروا التنزيل وعلموا أسبابه، وفهموا مقاصد الرسول ﷺ وأدركوا مراده. اختارهم الله تعالى على علم على العالمين، سوى الأنبياء والمرسلين، وكل من له لسان صدق من مشهور بعلم أو دين، معترف بأن خير هذه الأمة هم الصحابة رضي الله عنهم. مما تميز به منهج أهل السنة والجماعة نحو النبي صلى الله عليه وسلم الاهتمام بحقوقه وبيان فضله . - منبع الحلول. ولقد اعتصم أهل السنة والجماعة بفهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين فعصمهم الله من التفرق والضلال، فقالوا بما قال به السلف، وسكتوا عما سكتوا عنه، ووسعهم ما وسع السلف. إنهم أهل التوسُّط والاعتِدال، الخيار العدول في الأقوال والأفعال، يلزمون الوسطية، التي هي لزوم هديِ أزكى البشرية، وموافقة سنة خير البرية - ﷺ -. يحبون أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ويتولونهم، و لا يغلون في حب أحد منهم ، و لا يتبرأون من أحد منهم ، يبغضون من يبغضهم ، و بغير الخير يذكرهم.
مما تميز به منهج أهل السنة والجماعة نحو النبي صلى الله عليه وسلم الاهتمام بحقوقه وبيان فضله . - منبع الحلول
وخلاصة القول: أن مذهب أهل السنة والجماعة هو إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، ونفي ما نفى الله عن نفسه من الصفات، والسكوت عما لم يرد به نفيٌ ولا إثبات؛ لأن هذا هو مقتضى السمع ومقتضى العقل، فنسأل الله تعالى أن يتوفانا على عقيدة أهل السنة والجماعة. المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب
عندئذ قال عمر -رضي الله عنه-: رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله عليه وآله وسلم- رسولًا، قال: فسُري عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ثم قال: والذي نفسي بيده، لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين)) وفي رواية: ((أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ -والمتهوك: الذي يقع في كل أمر وقيل: هو المتحير، يعني أمتحيرون فيها يا ابن الخطاب؟- والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، والذي نفسي بيده لو أن موسى -صلى الله عليه وآله وسلم- كان حيًّا ما وسعه إلا أن يتبعني)). وقد استفاد عمر -رضي الله عنه- من هذا الموقف، فضرب رجلًا انتسخ أحد الكتب السابقة، وأمره بمحوه وهذا موسى -عليه السلام- لو قُدِّر وجوده بعد بعثة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- ما جاز لأحد متابعته، وترك ما عليه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بل إنني أقول: ما جاز لموسى -عليه السلام- أن يترك متابعة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وقد أخذ الله العهد والميثاق عليه أن يؤمن به إن بعثه الله وهو حي، وبناء على ذلك أقول: كيف يتلقى الناس أمور الديانة إذن عن عقل أو ذوق أو وجد أو نحو ذلك، ويتركون ما نزل على نبي الهدى والرحمة -صلى الله عليه وآله وسلم؟.
قال الله تعالى (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153]. ثم صلوا وسلموا عباد الله.. على إمام أهل السنّة والجماعة،
صلوا وسلموا على صاحب الحوض والشفاعة. اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين. اللهم أحينا على سنته، وأمتنا على ملته، واجعلنا في الدنيا ممن نصر شريعته، وفي الآخرة ممن فاز بشفاعته. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واخذل أعداءك أعداء الدين. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة. منهج أهل السنة والجماعة في تلقي العقيدة. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم، واجمع على الحق كلمتهم. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا ووالدينا عذاب القبر والنار.