الإيمان بالقدر أصل من أصول الإيمان التي لا يتم إيمان العبد إلا به، ومن أنكر القدر فقد أنكر معلوما من الدين بالضرورة، وكذب بما جاء في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وما اتفق عليه المسلمون. الإيمان بالقدر أصل من أصول الإيمان التي لا يتم إيمان العبد إلا به، ومن أنكر القدر فقد أنكر معلوما من الدين بالضرورة، وكذب بما جاء في القرآن الكريم ، والسنة النبوية الشريفة، وما اتفق عليه المسلمون. روى مسلم عن عمر أن جبريل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان؟ فقال عليه الصلاة والسلام: « أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقدر خيره وشره » قال صدقت). إنا كل شيء خلقناه بقدر وما امرنا. قال الله تعالى: { إنا كل شيء خلقناه بقدر} [القمر:49] ، وقال: { وكان أمر الله قدرا مقدورا} [الأحزاب:38] ، وقال: { ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا} [الانفال:42] ، وقال: { وخلق كل شيء فقدره تقديرا} [الفرقان:2]. وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء مشركوا قريش يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر فنزلت { يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر، إنا كل شيء خلقناه بقدر} [القمر:48، 49]). وقد تقاطر أهل العلم من أهل السنة أعلام الهدى وأنوار الدجى على وجوب الإيمان بالقدر: قال الإمام النووي: "تظاهرت الأدلة القطعيات من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وأهل الحل والعقد من السلف والخلف على إثبات قدر الله سبحانه وتعالى... وأن جميع الواقعات بقضاء الله وقدره خيرها وشرها نفعها وضرها".
: يستدل بقولة تعالى (انا كل شيء خلقناه بقدر) على وجوب الإيمان بركن من أركان
وانتصب { كل شيء} على المفعولية ل { خلقناه} على طريقة الاشتغال ، وتقديمه على { خلقناه} ليتأكد مدلوله بذكر اسمه الظاهر ابتداء ، وذكر ضميره ثانياً ، وذلك هو الذي يقتضي العدول إلى الاشتغال في فصيح الكلام العربي فيحصل توكيد للمفعول بعد أن حصل تحقيق نسبة الفعل إلى فاعله بحرف { إنّ} المفيد لتوكيد الخبر وليتصل قوله: { بقدر} بالعامل فيه وهو { خلقناه} ، لئلا يلتبس بالنعت لشيء لو قيل: إنا خلقنا كل شيء بقَدَر ، فيظن أن المراد: أنا خلقنا كل شيء مُقدّر فيبقى السامع منتظراً لخبر { إن}.
وقوله تعالى:" فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى"(طه: 40) ، أي أنه جاء موافقاً لقدر الله تعالى وإرادته على غير ميعاد. وقوله تعالى:"فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ* إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ* فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ" (المرسلات: 21ـ 23). أي جعلنا الماء في مقر يتمكن فيه وهو الرحم، مؤجلاً إلى قدر معلوم قد علمه الله ـ سبحانه وتعالى ـ وحكم به، فقدرنا على ذلك تقديراً فنعم القادرون نحن، أو: فقدرنا ذلك تقديراً فنعم المقدرون له نحن ـ على قراءتين، والقراءة الثانية "قدَّرنا" بالتشديد توافق قوله تعالى:" مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ" (عبس: 19). وقال تعالى:" وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا" (الفرقان: 2): أي كل شيءٍ مما سواه مخلوق مربوب، وهو خالق كل شيء وربه ومليكه وإلهه، وكل شيءٍ تحت قهره وتدبيره وتسخيره وتقديره. وقال تعالى:" وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّبِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ" (الحجر: 21). : يستدل بقولة تعالى (انا كل شيء خلقناه بقدر) على وجوب الإيمان بركن من أركان. يخبر تعالى أنه مالك كل شيء، وأن كل شيءٍ سهل عليه يسير لديه، وأن عنده خزائن الأشياء من جميع الصنوف، "وَمَانُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ" كما يشاء وكما يريد ولما له في ذلك من الحكمة البالغة والرحمة بعباده لا على جهة الوجوب بل هو كتب على نفسه الرحمة.
إنا كل شيء خلقناه بقدر - موقع مقالات إسلام ويب
وفي الحديث الصحيح "استعن بالله ولا تعجز فإن أصابك أمر فقل قدر الله وما شاء فعل ولا تقل لو إني فعلت لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان".
المصدر: آيات الله تعالى في الإنسان: د. محمد راتب النابلسي.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة القمر - الآية 49
فالكافرون الذين نجحوا وحققوا أليس هذا قضاءً وقدراً أيضاً؟ ، فلماذا قدرهم كان هكذا وقدرنا مختلف؟ ، هذا مما يدل على أن من أعظم الأخطاء الكبيرة ، سوء توظيف مسألة القضاء والقدر في الاحتجاج على المعايب ، وعلى الذنوب وعلى الأخطاء، وإنما القضاء والقدر يحتج به -كما يقول العلماء- في المصائب لا في المعايب. يعني: إذا أصيب الإنسان بمصيبة، موت قريب، أو شيء خارج عن إرادته ،هنا يحتج بالقدر حتى يؤمن بالله؛ كما قال تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) [التغابن:11]، أما أن نجعل القضاء والقدر تكأة نهرب إليه من مواجهة مسئولياتنا ،التي كلفنا الله تعالى بها وأمرنا بها، فهذا أمر غير مقبول. ولو كان الإنسان مجبوراً جبرية مطلقة ،لم يكن للأمر الشرعي ولا للنهي الشرعي مانع، وإنما أمر الإنسان أصلاً ونهيه، في القرآن والتكليف هو دليل على أن الإنسان قادر على ذلك ، وأنه مختار، وأنه يستطيع أن يفعل ، أو لا يفعل، فهذه من الأشياء التي ينبغي على الإنسان أن يرعاها بصورة جيدة، وألا يجعل فكرة أو مسألة القضاء والقدر تكون سبباً في قعوده عن العمل، أو في تأخره ،أو في كثرة التفكير أيضاً، والجدل حولها بما لا طائل تحته؛
الدعاء
وقال تعالى:" نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَانَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ" (الواقعة: 60) أي: صرفناه بينكم "وَمَانَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ" أي: وما نحن بعاجزين. وقال تعالى:" وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ" (فصلت: 10). وقال تعالى: "مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ" (عبس: 19) ، أي: قدر أجله ورزقه وعمله، شقي أو سعيد. وغير ذلك من الآيات التي تدل على أن الله قدر كل شيء. ومما تقدم، فإن من لم يؤمن بالقدر لا تقبل أعماله، فلا ينتفع لا بصلاة ولا بصيام ولا بصدقة ولا غير ذلك، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ المائدة: 5. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة القمر - الآية 49. فإيمان العبد ودينه لا يمكن أن ينتظم إلا إذا آمن بأقدار الله جل وعلا، وأنَّ كلَّ شيء بقدر، وأن يؤمن بالقدر كلِّه حلوه ومره، وأنَّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. فلا إيمان لمن لم يؤمن بالقدر، ومن كذب بالقدر فلا إيمان له ولا توحيد، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال: (الإيمان بالقدر نظام التوحيد، فمن آمن وكذب بالقدر فهو نقض للتوحيد)، ومما يوضح هذا قول الإمام أحمد: (القدر قدرة الله)، فأي توحيد عند من ينكر قدرة الله.