والرجل كذلك ، تغض المرأة البصر عنه، لا تُحد البصر فيه حتى تعرف ما
معه. وكان الناس في السابق يأتي الرجل بأغراض البيت يومياً فيحملها في يده، ثم إذا
مرّ بهؤلاء شاهدوها وقالوا: ما الذي معه؟ وما أشبه ذلك، وكانوا إلى قوت غير بعيد
إذا مرّ الرجل ومعه اللحم لأهل بيته صاروا يتحدثون: فلان قد أتى اليوم بلحم
لأهله، فلان أتي بكذا ، فلان أتى بكذا، فلهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه
بغض البصر. ثانياً: كف الأذى: أي
كفّ الأذى القولي والفعلي. حديث ( إياكم والجلوس في الطرقات …) حلول. أما الأذى القولي
فبأن يتكلموا على الإنسان إذ مرّ، أو يتحدثوا فيه بعد ذلك بالغيبة والنميمة. والأذى الفعلي: بان
يضايقوه في الطريق ، بحيث يملؤون الطريق حتى يؤذوا المارة، ولا يحصل المرور إلا
بتعب ومشقة. ثالثاً: ردُ السلام:
إذا سلم أحد فردوا عليه السلام، هذا من حق الطريق ؛ لأن السنة أن المار يسلم على
الجالس، فإذا كانت السنة أن يسلم المار على الجالس فإذا سلم فردوا السلام. رابعاً: الأمر المعروف:
فالمعروف هو كلّ ما أمر الله تعالى به أو أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإنك تأمر به، فإذا رأيتم أحداً مقصراً سواء كان من المارين أو من غيرهم فأمروه
بالمعروف ، وحثوه على الخير ورغبوه فيه.
حديث ( إياكم والجلوس في الطرقات …) حلول
يقول: والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا هو الشاهد في هذا الباب، فدل على أن ذلك من حقوق الطريق، فإذا رأى الإنسان شيئاً من المنكرات يجب عليه أن ينكره، وهذا داخل في قوله ﷺ: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه [2] ، أما أن يجلس الإنسان في الطريق ويرى ألوان المنكرات كأنه لم يرَ شيئاً فهذا لا يجوز بحال من الأحوال، والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه. أخرجه البخاري، كتاب الاستئذان، برقم (6229)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن الجلوس في الطرقات وإعطاء الطريق حقه، برقم (2121). أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص، وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان (1/ 69)، رقم: (49).
7/190- السَّابعُ: عنْ أَبِي سَعيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِيَّاكُم وَالْجُلُوسَ في الطُّرُقاتِ ، فقَالُوا: يَا رسَولَ اللَّه، مَا لَنَا مِنْ مَجالِسنَا بُدٌّ، نَتحدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِس فَأَعْطُوا الطَّريقَ حَقَّهُ ، قالوا: ومَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رسولَ اللَّه؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَر، وكَفُّ الأَذَى، ورَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بالْمَعْروفِ، والنَّهْيُ عنِ الْمُنْكَرِ متفقٌ عَلَيهِ. 8/191- الثَّامن: عن ابنِ عباسٍ رضي اللَّه عنهما: أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ رأى خَاتمًا مِنْ ذَهَبٍ في يَدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَهُ فطَرحَهُ، وقَال: يَعْمَدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعلهَا في يَدِهِ ، فَقِيل لِلرَّجُل بَعْدَمَا ذَهَبَ رسولُ اللَّه ﷺ: خُذْ خَاتمَكَ، انتَفِعْ بِهِ، قَالَ: لا واللَّه، لا آخُذُهُ أَبَدًا وقَدْ طَرحهُ رسولُ اللَّه ﷺ. رواه مسلم. 9/192- التَّاسِعُ: عَنْ أَبِي سعيدٍ الْحسنِ البَصْرِي: أَنَّ عَائِذَ بن عمْرٍو دخَلَ عَلَى عُبَيْدِاللَّهِ بنِ زيَادٍ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي سمِعتُ رسولَ اللَّه ﷺ يَقولُ: إِنَّ شَرَّ الرِّعاءِ الْحُطَمَةُ فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ.