الحديث الثاني
وفي حديث جابر: يقول ﷺ: إنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالة ، ومن ذلك ما أحدثه الناسُ من البناء على القبور، واتِّخاذ المساجد عليها، هذه من وسائل الشرك -والعياذ بالله- اتخاذ القباب على القبور كل هذا من وسائل الشرك، واتخاذ المساجد عليها، أو وضعهم في المساجد وجعل القبور في المساجد، كل هذا من وسائل الشرك ومن البدع المحدثة. ومن هذا: الاحتفال بالأعياد: عيد مولد النبي ﷺ، أو مولد الحسن، أو الحسين، أو مولد فلان، أو فلان، كل هذا من البدع التي أحدثها الناس، أو تخصيص ليلة بقيامٍ غير ليلة القدر، كليلة الجمعة، هذا من البدع، ولهذا يقول ﷺ في حديث جابر: كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة ، ويقول في حديث العرباض بن سارية : يقول عليه الصلاة والسلام: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي يعني: الصديق وعمر وعثمان وعلي، تمسَّكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإنَّ كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة. فالواجب على الأمة الحذر مما أحدثه الناسُ، والتمسك بالقرآن والسنة، والسير على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم بالقول والعمل، وعلى ما درج عليه أصحابُه رضي الله عنهم، هذا هو الواجب على الجميع، كما قال الله سبحانه: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ [الأعراف:3]، وقال جل وعلا: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ [يوسف:108]، وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31].
الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)
• أمَّا النِّيَّة: فهي القصد للعمل تقرُّبًا إلى الله، وطلبًا لمرضاته وثوابه. فيدخل في هذا: نيَّة العمل، ونيَّة المعمول له: • أمَّا نيَّة العمل: فلا تصحُّ الطَّهارة بأنواعها، ولا الصَّلاة والزَّكاة والصَّوم والحج وجميع العبادات إلاَّ بقصدها ونيَّتها، فينوي تلك العبادة المعيَّنة. وإذا كانت العبادة تحتوي على أجناس وأنواع، كالصَّلاة، منها الفرض، والنَّفل المُعيَّن، والنَّفل المُطلق. فالمُطلق منه يكفي فيه أنْ ينوي الصَّلاة. وأمَّا المُعيَّن مِنْ فرضٍ أو نفلٍ معيَّنٍ ـ كوترٍ أو راتبةٍ ـ فلا بدَّ مع نيَّة الصَّلاة أنْ ينوي ذلك المُعيَّن. وهكذا بقيَّة العبادات. ولا بدَّ أيضاً أن يميز العادة عن العبادة: فمثلاً: الاغتسال يقع نظافة أو تبردًا، ويقع عن الحدث الأكبر، وعن غسل الميِّت، وللجُمعة ونحوها، فلا بدَّ أنْ ينوي فيه رفع الحدث أو ذلكَ الغسل المستحب. وكذلكَ: يخرج الإنسان الدَّراهم مثلاً للزَّكاة، أو للكفَّارة، أو للنَّذر، أو للصَّدقة المستحبَّة، أو هدية. من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو بيدات. فالعبرة في ذلك كلّه على النِّيَّة. ومِنْ هذا: حِيل المعاملات: إذا عامل معاملة ظاهرها وصورتها الصِّحَّة، ولكنَّه يقصد بها التَّوسُّل إلى معاملة ربويَّة، أو يقصد بها إسقاط واجب، أو توسُّلاً إلى محرَّم.
معنى من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد - إسلام ويب - مركز الفتوى
الخامسة: الابتداع طعنٌ في شهادة الله ﻷ على كمال الدين، ولو لم يقصد صاحب البدعة ذلك. الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد). قال في كتاب "البدع وأثرها السيئ" (ص15): هذا الدين كاملٌ في تشريعه وأحكامه وفروضه وسننه، ومن أتى بشيءٍ مُحدَثٍ ينسبه إلى الدين، فقد نسب النقص إلى هذا الدين، وطعن في شهادة الله ﻷ على كمال الدين والعياذ بالله، ونسب الخيانة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ اهـ. السادسة: كذب المبتدع في دعواه الحرص على الخلق، ولا نعلم في دليل واحدٍ أن أحدًا أرحم بالخلق، وأحرص على هدايتهم من خالقهم، ثم رُسلهم، ولذلك أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، والله أعلم. [1] هذا اللفظ انفرد به مسلم برقم (4493)، وعلقه البخاري في "صحيحه" (6 /371). مرحباً بالضيف
فالواجب على جميع الثقلين -الجن والإنس- طاعة الله ورسوله، والسير على الصراط المستقيم الذي رسمه الله لعباده، وهو اتباع الكتاب والسنة. وقد ذمَّ الله من شرع في الدين ما لم يأذن به الله: فقال سبحانه: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21]، وقال تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام:153]، وقال تعالى يُعلِّم عباده: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] الصراط المستقيم هو: توحيد الله، وطاعته، واتباع شريعته، والإيمان به، وبرسله عليهم الصلاة والسلام، ولا سيَّما خاتمهم نبينا محمد ﷺ، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، والسير على المنهاج الذي سار عليه رسول الله ﷺ: بأداء الفرائض، وترك المحارم، والوقوف عند حدود الله، هذا هو الصراط المستقيم. الحديث الأول
وفي الحديث: عن عائشة رضي الله عنها: يقول النبيُّ ﷺ: مَن أحدث في أمرنا يعني: في ديننا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ ، وفي اللفظ الآخر: مَن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ ، فالمعنى: مَن أحدث في الدين شيئًا -صلاةً أو صيامًا أو غير ذلك- لم يشرعه الله فهو مردودٌ، يجب على الناس اتِّباع ما شرعه الله، أمَّا الحوادث فيجب ردّها، ولهذا قال ﷺ: مَن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ.