وكان أطفالهم لا ينامون إلا بالتعلل، اي بعد أن ينتظر معهم، ويسامرهم؛ فينامون، وقالت: إنه جاء إليّ؛ حتى يتعللني، فأشفقت عليه، وأوهمته أني نمت، فجاءت امرأة، وقالت له يا حاتم، إن عندي أولاد يتضورون من الجوع، فقال لها: اذهبي، وأتني بهم، ولأجعلنهم يأكلون، فردّت عليه امرأته، وقالت له: كيف ستجعلهم يأكلون، وأولادك ناموا دون طعام، فأتت المرأة؛ فعمد الطائي على فرسه؛ فذبحه، وأكلوا جميعا، وأكل أناس كثير، ولم يبق سوى حاتم، وهو أشد الناس جوعًا وقتئذ. من شعر حاتم الطائي في الكرم والجود ... الكرم في الجاهلية
الكرم من الأخلاق العريقة التي ألفها منذ الأزل أصحاب النفوس العظيمة، فأكبدوها في تعاملاتهم ومدحوا بها ساداتهم، وجعلوها دليل الرفعة والفخار، وغاية المجد لما فيها من الإيثار وعلو الهمم والأقدار، وكانت عندهم نقيض اللؤم والشنار، وفي فقدها كل مذمة وعار، فالكرم عادة السادات وشيمة الأحرار، وعادة السادات سادات العادات، وشيمة الأحرار أحرار الشيم. قال أحد الحكماء: أصل المحاسن كلها «الكرم» وأصل الكرم نزاهة النفس عن الحرام، وسخاؤها بما تملك على الخاص والعام، وجميع خصال الخير من فروعه. لقد أحب العرب الكرم، واتخذوا له رموزاً وإشارات، فكانت تسمى الكلب داعي الضمير ومتمم النعم ومشيد الذكر لما يجلب من الأضياف بنباحه، وكانوا إذا اشتد البرد وهبت الرياح لم تشب النيران فرقوا الكلاب حوالي الحي وربطوها إلى العتمة لتستوحش فتنبح فتهدى الضلال وتأتى الأضياف على نباحها.
من شعر حاتم الطائي في الكرم والجود ..
فاكْسُنِيها، وافق الرسول صلى الله عليه وسلم بكرمه على طلب الصحابي وأعطاه إياها ولم يمنعها عنه، ولمَّا ذهب النبي عليه الصَّلاة والسَّلام لام أصحاب الرجل صديقهم بسبب طلبه، فقالوا له: إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُسأل شيئًا فيمنعه، وإنك لم تُحسن عندما رأيت النبي قد أخذها وهو محتاج إليها، ثمَّ سألته إيَّاها، فقال لهم: والله رجوت بركتها عندما لبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعلِّي أكفَّن فيها، بعد موتي. الكرم عند صحابة رسول الله
إن صحابة رسول الله هم من خير البشر بعد الأنبياء، وقد كانو يتسابقون للطاعة والإيمان، ويكثرون من فعل الخير، ويحاولون التشبه بصفات النبي عليه الصلاة والسلام، وفي أحد الأيام أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته بأن يتصدقوا، فسارع الصحابة إلى ذلك، وأراد سيدنا عمر بن الخطاب أن يسبق سيدنا أبو بكر الصديق فيكثر من التصدق، جاء عمر بن الخطاب بالمال الذي معه إلى رسول الله، فقال له الرسول: ما أبقيت لأهلك من المال؟ فقال عمر: أبقيت لهم مثله يا رسول الله؛ أي أن سيدنا عمر بن الخطاب تصدق بنصف ماله. ثم جاء أبو بكر الصديق ليتصدق بماله، فقال له الرسول: ما أبقيت لأهلك؟ قال أبو بكر: الله ورسوله؛ أي أن أبا بكر الصديق تصدق بكل ما يملك من المال، ولم يترك لأهله إلا رحمة الله تعالى ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عمر بن الخطاب حينها: لا أسبق أبا بكر إلى شيء أبدًا.
شعر عن الكرم والجود - ووردز
والبحرُ
سَمَوا فِي المعالي رتبةً فوق رتبةٍ
أحلَّتهم حيث النَّعائم والنَّسرُ
أضاءتْ لهم أحسابهم فتضاءلتْ
لنورِهم الشَّمس المنيرة والبدرُ
فلو لامس الصَّخرُ الأصمُّ أكفَّهم
أفاض ينابيعَ النَّدى ذلك الصَّخرُ
ولو كان في الأرضِ البسيطةِ منهمُ
لمخْتَبِط عاف لما عرف الفقرُ
شكرتُ لكم آلاءَكم وبلاءَكم
وما ضاع معروفٌ يكافئُه شكرُ [1072] ((الأمالي)) للقالي (1/54). شعر شعبي عن الكرم والجود - YouTube. وقال آخر:
ويُظهرُ عيبَ المرءِ في النَّاسِ بخلُه
ويسترُه عنهم جميعًا سخاؤُه
تغطَّ بأثوابِ السَّخاءِ فإنَّني
أرى كلَّ عيبٍ والسَّخاءُ غطاؤه [1073] ((روضة العقلاء)) لابن حبَّان البستي (ص 227). وقال آخر:
حرٌّ إذا جئتَه يومًا لتسألَه
أعطاك ما ملكتْ كفَّاه واعتذرا
يُخفي صنائعَه واللهُ يظهرُها
إنَّ الجميلَ إذا أخفيته ظهرا [1074] ((المحاسن والأضَّداد)) للجاحظ (1/92). وقال الراضي العبَّاسي:
لا تعذلوا كرمي على الإسرافِ
ربحُ المحامدِ متجرُ الأشرافِ
إنِّي مِن القومِ الذين أكفُّهم
معتادةُ الإتلافِ والإخلافِ [1075] ((الأوراق قسم أخبار الشُّعراء)) للصولي (2/54). وقال حاتم الطَّائي:
أماوِيَّ إنَّ المال غادٍ ورائحٌ
ويبقى مِن المال الأحاديثُ والذِّكرُ
أماوِيَّ إنِّي لا أقولُ لسائلٍ
إذا جاء يومًا: حلَّ في ما لنا نذرُ
أماويَّ إمَّا مانعٌ فمبينٌ
وإمَّا عطاءٌ لا يُنهْنِهُه الزَّجرُ
أماوِيَّ ما يُغني الثَّراءُ عن الفتى
إذا حشرجتْ يومًا وضاق بها الصَّدرُ
أماوِيَّ إن يصبحْ صداي بقفرةٍ
مِن الأرضِ لا ماءٌ لديَّ ولا خمرُ
ترى أنَّ ما أنفقتُ لم يكُ ضرَّني
وأنَّ يديَّ ممَّا بخلت به صفرُ
وقد علم الأقوامُ لو أنَّ حاتمًا
أراد ثراءَ المالِ كان له وفرُ [1076] ((الشِّعر والشُّعراء)) للدينوري (1/239).
شعر شعبي عن الكرم والجود
ومعنى الجود والكرم: هو إنفاق المال الكثير بسهولة من النّفس في الأمور الجليلة القدر، الكثيرة النّفع. وقيل الكرم: هو التّبرّع بالمعروف قبل السّؤال، والإطعام في المحل، والرّأفة بالسّائل مع بذل النّائل. والكرم صفة من صفات الله عز وجل, فالله هو الكريم وهو كثير الخير، الجواد المعطي الذي لا ينفد عطاؤه. والكرم خُلق الأنبياء عليهم السلام…فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الناس شرفاً ونسبًا، وأجود الناس وأكرمهم في العطاء والإنفاق. ففي صحيح الترمذي 🙁 عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « مَا بَقِىَ مِنْهَا ». قَالَتْ مَا بَقِىَ مِنْهَا إِلاَّ كَتِفُهَا. قَالَ « بَقِىَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا ».
شعر شعبي عن الكرم والجود - Youtube
وعن أبى هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً» (رواه البخاري). وعن أبى ذر -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما من مسلم ينفق من كل مال له زوجين في سبيل الله إلا استقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه إلى ما عنده» (رواه أحمد). وعن على -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن في الجنة غرفاً يرى بطونها من ظهورها وظهورها من بطونها» فقال أعرابي: لمن هي يا رسول الله؟ قال: «هي لمن طيب الكلام، وأطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام» (رواه الترمذي). وعن أبى هريرة -رضي الله عنه- قال رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: «أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان» (رواه مسلم). «لا يجتمع شح وإيمان في قلب عبد أبداً» (صحيح الجامع). «شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع» (رواه أبو داود)؛ وفي حديث آخر: «اتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم» (رواه مسلم).
» الأخلاق المحمودة » الجود، والكرم، والسخاء، والبذل - منتديات كرم نت
– والكرم يجعل الإنسان محبوبًا من أهله وجيرانه وأقاربه والناس أجمعين. أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
ا لخطبة الثانية ( من أخلاق المسلم 🙁 الكرم والجود والسخاء)
وكما رغب الاسلام في الكرم فقد حذر من البخل والشح والامساك ، والتقتير ، قال تعالى: {هَا أَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} محمد38. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من البخل في دعائه، ففي البخاري: ( كَانَ سَعْدٌ يَأْمُرُ بِخَمْسٍ وَيَذْكُرُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهِنَّ « اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا يَعْنِى فِتْنَةَ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ » ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث مهلكات: هوًى مُتَّبَع، وشُحٌّ (بخل) مطاع، وإعجاب المـرء بنفسه) [الطبراني].
أتأكلون دون الصرم؟!