فأنزل الله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [المائدة /44]. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون [المائدة /45]. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون [المائدة /47]. في الكفار كلها.
رواه مسلم وأبو داود وأحمد والبيهقي وغيرهم. وهو حديث صحيح جدا صححه مسلم والوادعي(الصحيح المسند ص95), وهو كما قالا. مع القرآن الكريم: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) – مجلة الوعي. فتأمل –أخي القارئ- جيدا في الحديث, وما علقت أنا عليه. تأمل ما جاء في الحديث " فأنزل الله تعالى(( فكان إنزال الله لهذه الآيات مترتبا على ما فعلته اليهود, فدلالة السبب والسياق والقرائن التي وردت في سبب النزول قاطعة كل القطع في أن الآية وردت في من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً أو مستحلا أو ما شابه ذلك)) :ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ".
هداني الله وإياك إلى ما فيه الصواب. والحمد لله أولا واخرا.
تفسير ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون - حياتكِ
هدى في موضع رفع بالابتداء ونور عطف عليه يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا قيل: المراد بالنبيين محمد صلى الله عليه وسلم ، وعبر عنه بلفظ الجمع ، وقيل: كل من بعث من بعد موسى بإقامة التوراة ، وأن اليهود قالت: إن الأنبياء كانوا يهودا. وقالت النصارى: كانوا نصارى; فبين الله عز وجل كذبهم. ومعنى أسلموا صدقوا بالتوراة من لدن موسى إلى زمان عيسى عليهما السلام وبينهما ألف نبي; ويقال: أربعة آلاف ، ويقال: أكثر من ذلك ، كانوا يحكمون بما في التوراة ، وقيل: معنى أسلموا خضعوا وانقادوا لأمر الله فيما بعثوا به ، وقيل: أي: يحكم بها النبيون الذين هم على دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم والمعنى واحد. ومعنى ( للذين هادوا) على الذين هادوا فاللام بمعنى " على " ، وقيل: المعنى يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا وعليهم ، فحذف " عليهم ". الذين أسلموا هاهنا نعت فيه المدح مثل بسم الله الرحمن الرحيم. تفسير ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون - حياتكِ. هادوا أي: تابوا من الكفر ، وقيل: فيه تقديم وتأخير; أي: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور للذين هادوا يحكم بها النبيون والربانيون والأحبار; أي: ويحكم بها الربانيون وهم الذين يسوسون الناس بالعلم ويربونهم بصغاره قبل كباره; عن ابن عباس وغيره ، وقد تقدم في آل عمران ، وقال أبو رزين: الربانيون العلماء الحكماء والأحبار.
مع القرآن الكريم: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) – مجلة الوعي
سبب آخر لنزول هذه الآيات الكريمة.
وعلى هذا السَّنَن جرت آيات الوعد والوعيد في القرآن، وعلى هذا كلام العرب. وظاهر الأمر -بحسب ابن الزبير- أن الآيات موضوع الحديث جاءت على خلاف ما تقرر؛ حيث كانت البداية بالأثقل ثم تم الانتقال إلى الأخف، بيد أن النظر المتأمل يدل أن هذه الآيات الثلاث لم تأت على خلاف القاعدة المقررة؛ وذلك أن المذكورين في الآيات الثلاث قد اجتمعوا في الحكم بغير ما أنزل الله، وقد شملهم ذلك، فهم من حيث ذلك صنف واحد، ومدار الآيات الثلاث إنما هو على فعل يهود، المنصوص على حكمهم بغير ما أنزل الله، ومخالفتهم منصوص كتابهم في الرجم وغيره، وما قبل هذه الآيات وما بعدها لم يخرج عنهم، فهم أهل الأوصاف الثلاثة. وقد نقل المفسرون عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: {الكافرون} و{الفاسقون} و{الظالمون} أهل الكتاب، وعن ابن مسعود رضي الله عنه: هو عام في اليهود وغيرهم. وأجمع المفسرون على أن الوعيد في هذه الآيات يتناول يهود، وثبت في الصحيح إنكارهم الرجم مع ثبوته في التوراة، وفعلهم فيما نعى الله تعالى عليهم من مخالفة ما عهد إليهم فيه، ونُصَّ في كتابهم حسب ما أشار إليه قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم} (البقرة:84) إلى قوله: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض} (البقرة:85) إلى ما بعده وهذا كله من حكمهم بغير ما أنزل الله، فهم {الكافرون} و{الظالمون} و{الفاسقون} ففيهم وبسبب فعالهم نزلت آيات المائدة، ومع ذلك فإن الحكم إذا نزل بسبب خاص لا يمنع ذلك من حمله على العموم وهذا باتفاق الأصوليين.