وقد دللنا على أن قراءة من قرأ الحرف الأوّل لأقسم بوصل اللام بأقسم قراءة غير جائزة بخلافها ما عليه الحجة مجمعة، فتأويل الكلام إذا: لا ما الأمر كما تقولون أيها الناس من أن الله لا يبعث عباده بعد مماتهم أحياء، أقسم بيوم القيامة، وكانت جماعة تقول: قيامة كل نفس موتها. * ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان ومسعر، عن زياد بن علاقة، عن المغيرة بن شعبة، قال: يقولون: القيامة القيامة، وإنما قيامة أحدهم: موته. قال ثنا وكيع، عن مسعر وسفيان، عن أبي قبيس، قال: شهدت جنازة فيها علقمة، فلما دفن قال: أما هذا فقد قامت قيامته. لا اقسم بيوم القيامة ولا اقسم بالنفس اللوامة. وقوله: ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( اللَّوَّامَةِ) فقال بعضهم: معناه: ولا أقسم بالنفس التي تلوم على الخير والشرّ. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن سعيد بن جبير، في قوله: ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) قال: تلوم على الخير والشرّ. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سِماك، عن عكرِمة ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) قال: تلوم على الخير والشرّ.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة القيامة - الآية 2
وقال آخرون: بل أقسم بيوم القيامة ، ولم يقسم بالنفس اللوامة. وقال: معنى قوله: ( ولا أقسم بالنفس اللوامة) ولست أقسم بالنفس اللوامة. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة القيامة - الآية 2. حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال: قال الحسن: أقسم بيوم القيامة ، ولم يقسم بالنفس اللوامة. وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: إن الله أقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة ، وجعل " لا " ردا لكلام قد كان تقدمه من قوم ، وجوابا لهم. [ ص: 49]
وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال بالصواب; لأن المعروف من كلام الناس في محاوراتهم إذا قال أحدهم: لا والله ، لا فعلت كذا ، أنه يقصد بلا رد الكلام ، وبقوله: والله ، ابتداء يمين ، وكذلك قولهم: لا أقسم بالله لا فعلت كذا; فإذا كان المعروف من معنى ذلك ما وصفنا ، فالواجب أن يكون سائر ما جاء من نظائره جاريا مجراه ، ما لم يخرج شيء من ذلك عن المعروف بما يجب التسليم له. وبعد: فإن الجميع من الحجة مجمعون على أن قوله: ( لا أقسم بيوم القيامة) قسم فكذلك قوله: ( ولا أقسم بالنفس اللوامة) إلا أن تأتي حجة تدل على أن أحدهما قسم والآخر خبر. وقد دللنا على أن قراءة من قرأ الحرف الأول لأقسم بوصل اللام بأقسم قراءة غير جائزة بخلافها ما عليه الحجة مجمعة ، فتأويل الكلام إذا: لا ما الأمر كما تقولون أيها الناس من أن الله لا يبعث عباده بعد مماتهم أحياء ، أقسم بيوم القيامة ، وكانت جماعة تقول: قيامة كل نفس موتها.
﴿ ألم ﴾ الهمزة للاستفهام، لم: حرف نفي وجزم وقلب. ﴿ يك ﴾ فعل مضارع ناسخ مجزوم، وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة لالتقاء الساكنين، واسمها ضمير هو، ﴿ نطفة ﴾ خبرها، ﴿ يمنى ﴾ فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل هو. ﴿ فسوَّى ﴾ فعل ماضٍ، والفاعل هو والمفعول به لكلا الفعلينِ محذوف (الإنسان). ﴿ الذَّكر والأنثى ﴾ عطف بيان. ﴿ أليس ﴾ فعل ماضٍ ناسخ، ﴿ ذلك ﴾ اسمها، ﴿ بقادر ﴾ الباء حرف جر زائد، قادر: مجرور لفظًا في محل نصب خبرها، ﴿ يُحْيِي ﴾ فعل مضارع منصوب، والفاعل هو، ﴿ الموتى ﴾ مفعول به والمصدر المؤول مجرور بعلى. معاني الكلمات:
لا أقسم: أي أقسم. اللوامة: تلوم صاحبها بعد الإنفاق. نسوي بنانه: نعيد أصبعه بعد الموت سويًّا. ليفجر أمامه: ليعيش دون تكليف وقيود في فجور. أيان يوم القيامة: متى يأتي. برِق البصر: دهش لحلول الموت بالإنسان، وتغير الكون بذهاب الشمس والقمر، فقد حل يوم القيامة. وزر: ملجأ. بصيرة: جوارحه شاهدة عليه. العاجلة: الدنيا. ناضرة: حسنة مضيئة. ناظرة: ترى الله بعد استقرارها في الجنة. باسرة: كئيبة. فاقرة: تكسير فقرات الظهر. التراقي: مفردها ترقوة عظمة الحَلْق. راق: مرتقي. الفراق: الموت. والتفت الساق بالساق: عند الموت.