تاريخ النشر: الخميس 7 رمضان 1422 هـ - 22-11-2001 م
التقييم:
رقم الفتوى: 11598
39762
0
257
السؤال
ما معنى قول الرسول عليه السلام: "التسبيح للرجال والتصفيق للنساء" وما مدى صحة الحديث؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالحديث صحيح إذ هو مخرج في أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى، وهما صحيحا البخاري ومسلم، وقد رواه أصحاب السنن وغيرهم. ما هو معنى التسبيح - جريدة الساعة. والحديث له سبب، فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم للصلح بين بني عمرو بن عوف فتأخر عن الصلاة، فصلى أبو بكر بالناس، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فصفق الناس لينبهوا أبا بكر بمجيء النبي صلى الله عليه وسلم، وأشار النبي صلى الله عليه وسلم بأن يبقى في مكانه، فأبى أبو بكر إلا التأخر، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وصلى بالناس، ثم قال: هذا الحديث بعد الصلاة. ومعنى الحديث أن من نابه شيء في صلاته أي نزل به شيء من الحوادث والمهمات، وأراد تنبيه غيره، كإذنه لداخلٍ أو أنذاره لأعمى أو تنبيهه لساهٍ، فيسبح الرجل أي يقول: سبحان الله. وأما المرأة فتصفق أي تضرب بإحدى يديها الأخرى، وفي بعض روايات الحديث: تصفح. والفرق بين التصفيق والتصفيح كما يقول الشراح: أن التصفيق: الضرب بباطن اليمنى على باطن اليسرى.
ما هو معنى التسبيح - جريدة الساعة
وقرأنا أن بعض الباحثين والدارسين لحياة النمل وجدوا أنه يُكوِّن مملكة متكاملة بلغت القمة في النظام والتعاون، فقد لاحظوا مجموعة تمرُّ هنا وهناك، حتى وجدتْ قطعة من طعام فتركوها وانصرفوا، حيث أتوا، ثم جاءت بعدهم كوكبة من النمل التفتْ حول هذه القطعة وحملتْها إلى العُشِّ، ثم قام الباحث بوضع قطعة أخرى ضِعْف الأولى، فإذا بمجموعة الاستكشاف (أو الناضورجية) تمر عليها وتذهب دون أنْ تحاول حَمْلها، وبعدها جاء جماعة من النمل ضِعْف الجماعة الأولى، فكأن النمل يعرف الحجم والوزن والكتلة ويُجيد تقديرها. وفي إحدى المرات لاحظ الباحث فتاتاً أبيض أمام عُشِّ النمل، فلما فحصه وجده من جنين الحبة الذي يُكوِّن النبتة، وقد اهتدى النمل إلى فصل هذا الجنين حتى لا تُنبت الحبة فتهدم عليهم العُشّ، لهذا الحد عَلِم النمل قانون صيانته، وعلم كيف يحمي نفسه، وهو من أصغر المخلوقات، أبعد هذا كله نستبعد أن يكون للنمل أو لغيره لُغته الخاصة؟ ثم يقول سبحانه: { وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: 41] فلماذا خَصَّ الطير بالذكْر مع أنها داخلة في { مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ} [النور: 41]. قالوا: خَصَّها لأن لها خصوصية أخرى وعجيبة، يجب أن نلتفت إليها؛ لأن الله تعالى يريد أنْ يجعل الطير مثلاً ونموذجاً لشيء أعظم، فالطير كائن له وزن وثِقل، يخضع لقانون الجاذبية التي تجذب للأرض كُلَّ ثقل يعلَقُ في الهواء.
إن الذين اعترضوا على هذا الفعل اعترضوا بغباء، فلم يُفرِّقوا بين فِعْل الله وفِعْل العبد، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل: سريْتُ من مكة ألى بيت المقدس. إنما قال: أُسْرِي بي. فالاعتراض على هذا فيه مغالطة، فإنْ كنتم تضربون إليها أكباد الإبل شهراً؛ فذلك لأن سَيْركم خاضع لقدرتكم وإمكاناتكم، أمّا الله تعالى فيقول للشيء: كُنْ فيكون، فلا يحتاج في فِعْله سبحانه إلى زمن. فمن الأدب أَلاَّ تقارن فِعْل الله بفعلك، ومن الأدب أنْ تُنزِّه الله عن كل مَا يخطر لك ببال، نزَّه الله ذاتاً، ونزِّهه صفاتاً، ونزهه أفعالاً. ألا ترى أن (سبحان) مصدر للتسبيح، يدل على أن تنزيه الله ثابت له سبحانه قبل أن يخلق مَنْ ينزهه، كما جاء في قوله تعالى: { شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ} [آل عمران: 18] فشهد الحق ـ تبارك وتعالى ـ لنفسه قبل أنْ تشهدوا، وقبل أن تشهد الملائكة، فهذه هي شهادة الذات للذات. وقبل أن يخلق الله الإنسان المسبِّح سبَّح لله السموات والأرض ساعة خلقهما سبحانه وتعالى. ألفاظ التسبيح وحين تتتبع ألفاظ التسبيح في القرآن الكريم تجدها جاءت مرة بصيغة الماضي { سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ} [الحديد: 1] فهل سبّحَتْ السموات والأرض مرة واحدة، فقالت: سبحان الله ثم سكتَتْ عن التسبيح؟ لا إنما سبَّحَتْ في الماضي، ولا تزال تُسبِّح في الحاضر: { يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ} [الجمعة:1].