قبل 15 سنة تقريباً كنت في مدينة (سان فرانسيسكو)، ورغم جمال المدينة وطابعها الخاص، فإنني شعرت بالانزعاج من الصخب الذي يصدر من بعض الأماكن المجاورة للفندق، وأحسست حقاً أنني في حاجة إلى الهدوء والراحة، وحكيت عن رغبتي تلك لصديق درس وتخرج وهو يعمل هناك متدرباً، وعندما أحس بحالتي أشفق عليّ وقال: ولا يهمك أنا سوف آخذك إلى أهدأ مكان لا تسمع فيه حتى ولا (صريّخ ابن يومين)، وشكرته شكراً جزيلاً قائلاً له: (دخيلك ايدي بزنارك). ويا ليتني تريثت وسألت وتقصّيت قبل أن أوافق (وأطب على مناخيري)؛ لأنني مثلما يقولون: (هربت من القوم وطحت بالسريّة)، فقد أخذني إلى منطقة يقال لها: (كواما)، وهي تقريباً من ضواحي سان فرانسيسكو، وتبلغ مساحتها 6 كيلومترات مربعة تقريباً، ولم أمكث فيها سوى يومين وفي اليوم أصابني؛ لأنني عندما أسير لا أشاهد إلا القبور. وعندما اتصلت بصديقي تليفونياً أشرح له ما أصابني من ذلك الهدوء المطبق قائلاً له: أرجوك أرجعني إلى مدينة الصخب فنارها ولا جنة هذا الهدوء الذي لم يمرّ عليّ مثله في حياتي. العراق والسيناريو الافغاني.. نارك ولا جنة هلي! – قناة الرشيد الفضائية. عندها أخذ (يكركر)، ومن ضحكاته تأكدت أنه أعطاني (مقلباّ) غير محترم، مستغلا طيبتي أو بمعنى أصح سذاجتي وغبائي.
نـــــارك... ولا جنـــــة هلـــــي
احنى
المارد رأسه وفكر مليا ثم رفع عينيه الى سيده ومالك مصباحه واجابه (اعطني اذن
وثائقك الثبوتية لاجعلك رئيسا للبشرية). فإلى
أي درك من الفساد والتسيب واللامبالاة انحدرت حكومات بعض الدول الغنية التي ما
انصفت شعوبها وما عدلت وما صدقت في توزيع الثروات الوطنية، وعلى سبيل المثال فان
دولة اقليمية نفطية غنية تجاوزت ميزانيتها السنوية للعام الحالي الــ (200) مليار
دولار وهو ما يزيد على (22) ضعفا على ميزانية دولة اخرى مجاورة لها، تتمركز ثروتها
بايدي مسؤولين معدودين بينما مانسبتة 12% من مواطنيها عاطلون عن العمل و60% يعيشون
تحت مستوى خط الفقر و78% لا يملكون مساكن خاصة بهم بل يضطرون للعيش في شقق مؤجرة،
في حين تضم قائمة اغنى الاثرياء العرب المكونة من (30) ثريا ثمانية من أثريائها
الذين يملكون اكثر من (55) مليار دولار.
العراق والسيناريو الافغاني.. نارك ولا جنة هلي! – قناة الرشيد الفضائية
سألتها ألا توجد مشاريع عمرانية أو بنية تحتية عندكم! ضحكت بملء الفم وقالت تعال سأريك أحدث البنايات في المدينة، أخذتني للمدينة القديمة، وأشارت الى بنايات أنيقة تقف بشموخ وقالت هذه أحدث وأجمل ما عندنا، نظرت إليها كانت فعلا بنايات جميلة لكن كان واضحا أثر الزمن عليها، قلت لها لكنها بنايات قديمة. قالت بسخرية وحزن هي أحدث ما لدينا وقد بناها الايطاليون زمن الاحتلال. أين ذهبت وتذهب أموال النفط الليبي؟ كنت أعلم من صديق مسؤول في ذلك الوقت أنه يوجد في خزائن القذافي أكثر من 160 مليار دولار لا يعرف ماذا يفعل بها، هذا غير ما هو موجود في بنوك الغرب والشرق. طبعا كان ملك ملوك أفريقيا مشغولا جدا ببناء مجده الشخصي واسطورته غير مهتم بشعبه ورعيته، الأموال الليبية كانت تذهب على شكل دفعات سخية لرؤساء أفريقيا او في بناء مشاريع وحدة وهمية هنا وهناك.. الزعيم كان مشغولا جدا.. والمرارة كانت تأكل قلب الشعب الليبي. بولجاريات8- نارك ولا جنة هلي - الصفحة 3. صديقتي قالت بحسرة، إنها وعدد كبير جدا من الليبيين يتمنون لو يعود الاحتلال الايطالي لبلادهم فهو بكل تأكيد أرحم من القذافي وزبانيته. نفس الشيء تكرر الاسبوع الماضي مع صديق سوري، قال بحزن وألم: لقد وصلنا الى مرحلة نفرح فيها بضرب بلادنا، صرنا نتمنى أن تقصف امريكا بلادنا وان تأتي لتحررنا من نظام هذا الطاغية.
بولجاريات8- نارك ولا جنة هلي - الصفحة 3
سجل
صفحات: [ 1] للأعلى
ولأن الطرائف والنوادر والحواديت الشعبية خارقة الذكاء والسخرية والتهكم والازدراء لا تدع مثل هذه الغرائب والخرائب ثلاثية الابعاد تمر دون ان توثق نقدها لها وادانتها الساخرة لابطالها باطرف واظرف النوادر والحكايات التي تشير باصابع الاتهام إلى تلك الرزايا فقد تداولت الذاكرة الشعبية النقدية الذكية مؤخرا حكاية لطيفة حول ممارسات غير نظيفة وباساليب غير شريفة. تقول الذاكرة الشعبية في عرضها للقضية عبر حكايتها الكوميدية ان رجلا معدما من مواطني احدى الدول النفطية الثرية التي تتفاخر بثرائها وبعائداتها الكبيرة وبقدراتها (الدبلوماسية) الفائقة في التدخل بشؤون دول المنطقة وشراء المواقف السياسية وتصدير الفوضى اليها وقد قضى جل حياته تحت مستوى خط الفقر يقتات على فضلات الآخرين ويقبع في القعر، عثر ذات يوم مصادفة على مصباح علاء الدين، وما ان فركه باصابعه المتعبة حتى خرج المارد منه اسرع من الصوت والضوء صارخا بوجهه (شبيك لبيك عبدك بين يديك اطلب يا سيدي وتمنى).