أراد أبو جعفر المنصور أن تنهض الدَّولة العبّاسية بالعِلم، والتعليم؛ ولذلك كتب إلى ملك الروم، وطلب منه أن يبعث إليه كُتب تعليم مُترجَمة، فبعث إليه ملك الروم كُتب الطبيعيّات، بالإضافة إلى كتاب إقليدس، كما أنّه فكَّر في إنشاء مكتبة خاصَّة بالمُسلمين، وأمر بالترجمة من الكُتب غير العربيّة، فبدأت حركة الترجمة في عهده من مُختلف اللُّغات (الروميّة، والفارسيّة، والسريانيّة)، كما طلب من العُلماء، والمُتخصِّصين ترجمة كُتب الطبِّ، والرياضيّات، والفلسفة، ومن أشهر الكُتب التي تُرجِمت في عهده كتاب( كَليلة ودِمنة)، وكذلك كتاب( السِّند هند)، وكتاب( أرسطاطاليس). وفاته تُوفِّي أبو جعفر المنصور في عام 158هـ، وهو في طريقه نحو مكَّة المُكرَّمة؛ لأداء فريضة الحجِّ فيها، وقد دُفِن في مكَّة المُكرَّمة، عِلماً بأنَّ الحاجب( الربيع) لم يُفصِح عن مَوته حتى أخذ البيعة من قادة بني هاشم للمهديّ، ثمّ أعلَن وفاته، وتمّ دَفْنه، ويُذكَر أنَّ آخر ما قاله الخليفة أبو جعفر المنصور قبل وفاته هو:( اللهمَّ بارك لي في لِقائك). قصة المقولة جلس أبو جعفر المنصور يوماً في أصحابه، فسألهم:« أتدرون من هو صقر قريش؟»، فقالوا له:« أمير المؤمنين الذي رَاضَ المُلك، وسكّن الزَّلازل، وحَسم الأدواء، وأباد الأعداء».
- من هو صقر قريش - مقال
من هو صقر قريش - مقال
حيث ترك بصمة لا تمحى في الحضارة الإسلامية. حيث بنى حدائق ذات طرز مختلفة كما اهتم بالشكل الحضاري للمساجد والقلاع وغير ذلك من الأبنية. كما أنه جعل الدولة تنتج العملات بنفسها فأصبحت النقود متداولة بشكل كبير لأول مرة في الأندلس. وبالإضافة لكل هذه الإنجازات فقد أولى الجيش اهتماما كبيرا، ولبراعته في هذا استطاع بجيشه هزيمة كل من حاربهم. كما أنه استطاع إخماد كل ثورة داخلية قامت ضده، ولم يستطع أحد إسقاط دولته بسهولة بسبب قوتها. كما أنشأ جيوشا بحرية ذات قوة وإعداد مميزين، وجهز موانئ خاصة لتدريبهم واستقبالهم. وفاة عبد الرحمن بن معاوية صقر قريش
كانت حياة عبد الرحمن بن معاوية مختلفة ومرت بعدة مراحل حيث كان في البداية تابعا لحكم بني أمية قبل سقوطه. وقد كان حينها يعيش في دمشق وكان ينتقل إلى العراق أيضا، ثم سقطت دولة بني أمية وجاء بنو العباس. وقد أمضى مدة طويلة من حياته تقارب الست سنوات في وضع فرار من حكام العباسيين، لكنه لم يجعل هذه السنوات تمر هباءً. حيث كان يخطط فيها كيف سيدخل للأندلس ليقيم دولة إسلامية فيها، وقد كان له ذلك حيث أسس دولته وبقي فيها حتى وفاته. وكانت مدة بقائه هذه حوالي 34 عاما كانت مليئة بالأحداث من انتصارات وإنجازات كتبت له في التاريخ.
عمل عبد الرحمن الداخل بكامل جُهده للسيطرة على أمور الدولة الداخليّة؛ وليحفظَ الأمن فيها، قام بإنشاء جهاز خاصٍّ بالأمن، وهو جهاز الشرطة. وَزَّع عبد الرحمن الداخل العيونَ في الدولة وخارجها، وأحاطَ نفسَه بمجموعة من الفرسان البارزين؛ حتى تكون الدولة مُتأهِّبة لأيّ خطرٍ خارجيّ.