وجاء في زاد الميسر: قال ابن الأنباري: إن قريشا واليهود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف وإخوته ،فشرحها شرحا شافيا ، وهو يؤمل أن يكون ذلك سببا لإسلامهم ، فخالفوا ظنه، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعزاه الله تعالى بهذه الآية. وقال الزجاج ومعناها: وما أكثر الناس بمؤمنين ،ولو حرصت على أن تهديهم ،لأنَّك لا تهدي مَنْ أحببت لكنَّ الله يهدي مَنْ يشاء. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة يوسف - الآية 103. وفي تفسير البغوي "معالم التنزيل": روي أَنَّ الْيَهُودَ وَقُرَيْشًا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قِصَّةِ يُوسُفَ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ عَلَى مُوَافَقَةِ التَّوْرَاةِ لَمْ يُسْلِمُوا، فَحَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يؤمنون ولو حرصت على إيمانهم. وقال ابن السعدى: يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ} على إيمانهم { بِمُؤْمِنِينَ} فإن مداركهم ومقاصدهم قد أصبحت فاسدة، فلا ينفعهم حرص الناصحين عليهم ، ولو عدمت الموانع، بأن كانوا يعلمونهم ويدعونهم إلى ما فيه الخير لهم، ودفع الشر عنهم، من غير أجر ولا عوض، ولو أقاموا لهم من الشواهد والآيات الدالات على صدقهم ما أقاموا.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة يوسف - الآية 103
وفى التعبير بقوله - سبحانه - ( وَمَآ أَكْثَرُ الناس... ) إشعار بأن هناك قلة من الناس قد استجابت بدون تردد لدعوة النبى - صلى الله عليه وسلم - ، فدخلت فى الدين الحق ، عن طواعيه واختيار. وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين. وقوله ( وَلَوْ حَرَصْتَ) جملة معترضة لبيان أنه مهما بالغ النبى - صلى الله عليه وسلم - فى كشف الحق ، فإنهم سادرون ، فى ضلالهم وكفرهم ، إذ الحرص طلب الشئ باجتهاد. قال الآلوسى ما ملخصه: " سألت قريش واليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قصة يوسف ، فنزلت مشروحة شرحاً وافياً ، فأمل النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يكون ذلك سبباً فى إسلامهم ، فلما لم يفعلوا حزن - صلى الله عليه وسلم - فعزاه الله - تعالى - بذلك ". البغوى: ( وما أكثر الناس) يا محمد ( ولو حرصت بمؤمنين) على إيمانهم. وروي أن اليهود وقريشا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف فلما أخبرهم على موافقة التوراة لم يسلموا ، فحزن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقيل له: إنهم لا يؤمنون وإن حرصت على إيمانهم. ابن كثير: يقرر تعالى أنه رسوله ، وأنه قد أطلعه على أنباء ما قد سبق مما فيه عبرة للناس ونجاة لهم في دينهم ودنياهم; ومع هذا ما آمن أكثر الناس; ولهذا قال: ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) وقال ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) [ الأنعام: 116] إلى غير ذلك من الآيات.
وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين
والمعنى ان هناك آيات كثيرة سماوية وأرضية تدل بوجودها والنظام البديع الجاري فيها على توحيد ربهم وهم يشاهدونها واحدة بعد أخرى فتتكرر عليهم والحال انهم معرضون عنها لا يتنبهون. ولو حمل قوله يمرون عليها على التصريح دون الكناية كان من الدليل على ما يبتنى عليه الهيئة الحديثة من حركة الأرض وضعا وانتقالا فانا نحن المارون على الاجرام السماوية بحركة الأرض الانتقالية والوضعية لا بالعكس على ما يخيل إلينا في ظاهر الحس. قوله تعالى: " وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون " الضمير في أكثرهم راجع إلى الناس باعتبار ايمانهم أي أكثر الناس ليسوا بمؤمنين وان لم تسألهم عليه اجرا
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة:
««
«...
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280...
»
»»
القران الكريم |وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ
وتألم النبي صلى الله عليه وسلم لحاله، كما كان يتألم عموما لقسوة القوم، وحبه أن يسلموا، ولكنها إرادة الله تعالى. ونزلت السورة وقد بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بعرض نفسه على القبائل، على الأقل ليحموه مما يحمون منه أنفسهم، ويتركوه ليبلغ رسالة ربه. وكان قد عاد من زيارته للطائف ومعه زيد بن حارثة رضي الله عنه. وكان رد أهل الطائف عنيفا؛ حين سفّهوه وأغروا صبيانهم ليؤذوه ويقذفوه بالحجارة، فأدموا قدميه ونكلوا به وبصاحبه. ففي هذه اللحظات الحرجة ، وتلك الأجواء المظلمة ، يكرم الله سبحانه رسوله بأمرين، الأول: إنزال سورة يوسف بما فيها من توجيهات عظيمة، والثاني: رحلة الإسراء والمعراج. فقصة يوسف ( عليه السلام) نلخصها بعبارة واحدة "إن مع العسر يسرا"، فهذا نبي الله يوسف عليه السلام تعرض لكل أنواع المحن والفتن، ومن كان يظن أن هذا الصبي الصغير الذي ألقاه إخوته في البئر صغيرا سيبقى على قيد الحياة، فضلا عن أن يأتوا إليه يطلبون منه المساعدة، وهو الوزير صاحب الشأن العظيم؟! ، فلا تظنن نفسك يا محمد وحيدا على هذه الطريق، فقد سبقك إخوة لك في الرسالة والنبوة وصبروا، فاصبر كما صبروا، ولن يخلف الله وعده بنصرة أوليائه.
تفسير قوله تعالى وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين - إسلام ويب - مركز الفتوى
جملة (أفأمنوا) معطوفة على جملة (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ)، والمصدر (أن تأتيهم) مفعول به، وجملة (وهم لا يشعرون) حالية من الهاء.. إعراب الآية رقم (108): {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}. جملة (أدعو) مستأنفة، الجار (على بصيرة) متعلق بحال من فاعل (أدعو)، (أنا) توكيد للضمير المستتر في (أدعو)، (مَنْ) موصول معطوف على الضمير المستتر في (أدعو)، وقوله (وسبحان): الواو عاطفة، ونائب مفعول مطلق، وجملة (وسبحان الله) معطوفة على مقول القول، وجملة (وما أنا من المشركين) معطوفة على مقول القول، (وما) نافية تعمل عمل ليس.
4- أن الكثرة تكون محمودة ، إذا كان العدد فيها لا يؤثر على النوع، والكم فيها لا يفسد الكيف، بل يدعمه ويقويه. 5- أنها تكون محمودة في استجلاب الخير، والحرص عليه. 6- أنها تكون محمودة في باب ذكر الله (تعالى)، وشكره وتسبيحه. 7- وتكون محمودة إذا كانت في جانب النفع عامة للبلاد والعباد، كالكثرة في الغيث المفيد الذي يحيي الله به البلاد ويقيت به العباد ". وانظر هذه الدراسة لمزيد من الفائدة:
والله أعلم.