ودخلها يوم الفتح - كما تقول الروايات التاريخية - حافي القدمين بادي الخشوع، شاكراً لله على ما وهب، مصلياً فيها أول صلاة للمغرب
وشاء الله بهذا الفتح أن تصبح المدينة عاصمة الإسلام، وإذا بالأباطرة العظام يستبدلون بخلفاء أعظم وسلاطين أمنع دولة وأعز صولة. ثم يخاف العلماء والحكماء فيها على مصائرهم ويشفقون على أنفسهم، ولا يؤمنون المقام تحت ظل الأتراك وفي كنف الحكم الجديد، فيفرون ويهجرون المدينة المسلمة والعاصمة المسلمة ويحملون معهم تعاليم اليونان وثقافة الرومان وينشرونها في أوربا فتكون طلائع النهضة المباركة والحركة الجديدة التي تعرف في التاريخ باسم
وفي القرن الثامن الميلادي ظهرت في الشرق العربي المسلم مدينة جديدة ليست في مضارب الصحراء ومجاهل البيداء كمكة والمدينة ولكنها في الشام حيث كانت حضارة الفينيقيين تزدحم وتتكاثر على الشاطئ الشرقي لبحر الروم (البحر الأبيض المتوسط). تلك المدينة هي (دمشق) حاضرة الدولة الأموية، ومقر الخلافة الإسلامية، ومركز القيادة التي تفرعت منه الحملات وانسابت منه المغازي إلى أقطار بعيدة، وجهات سحيقة لتوسيع رقعة المملكة الإسلامية
ودمشق قبل الإسلام قديمة قدم الدهر، ترجع إلى أيام إبراهيم عليه السلام.
مجلة الرسالة/العدد 958/على ضفاف القناة: - ويكي مصدر
مجلة الرسالة/العدد 659/حمام الحرم
للأستاذ عباس محمود العقاد
أشرت في مقالي السابق عن الرحلة الحجازية إلى حمام الحرم فقلت عن أعجب ما سمعته ورأيته من شأنه (إنه يطوف حول الكعبة ولا يعلو عليها فرادى ولا جماعات). هل تعلم ماذا يحدث لجسمك عند وضع قدميك في ماء ساخن مع الملح؟ هتعالج أمراض وسموم متراكمة - ثقفني. (وقد سمعت بهذه الخاصة في حمام البيت قبل أن أراه، فلما رأيته في طواف العمرة وطواف الوداع تحريت أن أتعقبه في كل مذهب من مذاهب مطاره فإذا هو كما سمعت يطوف ولا يتعدى المطاف إلى العبور). وهذه خاصة لا بد لها من سبب مفهوم، ولا بد من استقصائها في جميع أحوالها قبل التيقن منها وقبل تعليلها بالخوارق التي لا تقبل التعليل، فإن الذهن لا يقبل الخارقة إلا إذا ضاقت به علل الطبائع التي أودعها الله في خلقه وتواترت بها المشاهدة في جميع الأحوال، وبخاصة حين لا يكون هناك مقتضى من حكم الدين ولا حكم العادة لامتناع الطيران في فضاء الكعبة أو أي فضاء مقدس مصون، ولا معابة على فضاء السماء في كل مكان أن تحلق فيه الطيور أو تعبر به الطائرات. وقد شغلني أن أتيقن أولا من تطابق الأقوال على اطراد هذه الظاهرة، وأن أجرب حماما غير حمام الحرم لأرى كيف يطير إذا أطلق في جوانب الكعبة وحده، وأن أجرب طيراً غير الحمام من القماري أو العصافير أو فصائل اليمام، لان الجوارح قد يصرفها النظر إلى فرائسها عن تحقيق التجربة بما يفيد الحرية في اختيار جو الطيران، وخطر لي قول الطائي:
يسقط الطيرُ حيث يلتقط الحب... وتغشى منازل الكرماء
ولكن الطير يسقط حيث يلتقط الحب ولا يقصر طيرانه على مواضع التقاطه، فإذا كان حمام البيت قد تعود أن يلتقط غذاءه في المماشي التي حول الكعبة فليس ثمة ما يمنعه إذا صعد في الجو أن يتجاوز تلك المماشي إلى ما جاورها، وهو قريب من قريب.
بيوت الطين تروي قصص الطيبين - جريدة الوطن السعودية
مجلة الرسالة/العدد 414/بين الأدب والتاريخ
مدن الحضارات في القديم والحديث
للأستاذ محمد عبد الغني حسن
لكل حضارة قديمة أو حديثة مدنية كبيرة يستقر فيها السلطان، وتتمثل فيها الإدارة والسياسة، والصدارة والرياسة؛ وتتجه إليها الأنظار، ترى فيها المثل، وتجد فيها القدوة، وتأخذ عنها الأساليب. ولقد كتبتُ في إحدى المجلات الأسبوعية بحثاً عن بعض هذه المدن القديمة، واليوم أنقل المجال إلى (الرسالة) الغراء، جاعلاً حديث اليوم عن بيزنطة عاصمة المسيحية الأولى؛ ودمشق وبغداد العاصمتين الكبيرتين للإسلام
ولقد سميت بيزنطة بعد إنشائها بزمن بالقسطنطينية وخفقت عليها في عصور متعاقبة: أعلام الوثنية وألوية المسيحية وراية الإسلام. وبقية إلى اليوم تحت الراية الأخيرة منذ أن فتحها السلطان محمد الفاتح في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي. أسس هذه المدينة المستعمرون الأولون من الإغريق في سنة 667 قبل الميلاد، وقد ظلت قرابة ستة قرون ونصف قرن وهي حاضرة كبرى للوثنية. مجلة الرسالة/العدد 782/من ذكرياتي في بلاد النوبة: - ويكي مصدر. وفي عصر قسطنطين الأول إمبراطور الرومان، انتقلت عاصمة الإمبراطوريات إلى بيزنطة، التي أسميت من ذلك الحين بالقسطنطينية نسبة إليه. وكان ذلك في الثلث الأول من القرن الرابع الميلادي.
أبواب البيوت السعودية القديمة هي قطع فنية لفنون سعودية لها تاريخ، أتمنى اشوف لها تقدير أكثر في مجتمعنا : Kingdomofsaudiarabia
وإننا لنحسن الظن بالحومة بهذا التعليل كائنا ما كان، وهو على أسوأ وجوهه خير ألف مرة ومرة من الوجه الآخر الذي يتبادر إلى الذهن من الإبقاء على تسمية المحكمة الشرعية، والمحكمة الوطنية باسمهما القديم، وترد بذلك الإسم المخاطبات والمكاتبات في كثير من الأحابين... ولا تزال حركة الإصلاح في مختلف الوزارات تذكر مركز الدر في قرارتها، وتهمل مركز عنيبة!!. ولا شك أن بلدة الدر أعرق مجداً، وأوفر حظا من عنيبة، ولا يزال فيها السوق التجاري الأصيل، وإن زال مجدها الحكومي بزوال دور الحكومة، ورحيلها عنها، فلا يزال مجدها الحقيقي قائما بشخصيات أهلها، ونفوذ الكثيرين منهم، وبخاصة طلبوا العلم فيها، والذين زاولوا فيها كذلك شتى الأعمال الحكومية، واضطلعوا بمختلف المناصب!!.. واسم الدر أعلق بأذهان الموظفين من اسم عنيبة الذي لا يعرفه غير المتصلين به من مهندسين ومدرسين وقضاة وأطباء وغير أولئك من طوائف الموظفين، فإذا ذكرت اسم عنيبة أمام أحد لم يفهم منه شيئاً، وخالني ألغز عليه، فإذا رآني جادا غير هازل، وصارما غير مازح، استفسر واستفهم، ولم يذهب فكره إلى أكثر من مديرية الجيزة أو الفيوم، أو بني سويف. فإذا قلت له أبعد من هذا صمت، وشك فيما أقول، فإذا ذكرت له الموقع بالضبط، وأنها بعد الشلال، انقبضت نفسه، وحال لونه؛ فإذا قلت له إنها هي الدر ذات التاريخ القديم الذي لا يجهله أي موظف، زم شفتيه ومطهما، وعقدما بين حاجبيه، وهز رأسه فزعا وهو لا مما سمع، وكأنما لسعته عقرب شائلة، أو لدغة أرقم لعين، واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم، وحوقل مرات، واسترجع في لهجة فزع، وكأنما ذكرت أمامه اسم واد من أودية العذاب، أو طبقة من طبقات الجحيم!!.
هل تعلم ماذا يحدث لجسمك عند وضع قدميك في ماء ساخن مع الملح؟ هتعالج أمراض وسموم متراكمة - ثقفني
أما من أي شيء تصنع تماثيل هؤلاء (الخواجات) فهذا موضع العجب والدهشة، أو بمعنى أدق هو الوطنية الحقة، الكامنة في نفوس هذا الشعب المصري العجيب الذي لا تزيده الحوادث مهما اشتدت، والخطوب مهما ادلهمت، إلا شدة وقوة، وصرامة ووطنية.. إن هذه التماثيل تصنع من القماش الرخيص أو الملابس القديمة. وتحشى بأقذار ما في البيوت من ثياب رثة.
مجلة الرسالة/العدد 782/من ذكرياتي في بلاد النوبة: - ويكي مصدر
ومهما يكن من شئ فإن هذه الفكرة سائدة الآن بين الموظفين والأهلين على السواء، وقليل ذلك الذي يرى أن اختيار هذه البقعة الصحراوية، والتي لا تشتهر بـ (قبر عنيبة) كما تدل على ذلك الخرائط الكبيرة القديمة، والتي لا يزال المركز يحتفظ بإحداها يزين بها حجرة المأمور - قليل ذلك الذي يرى أن سبب هذا الاختبار مرجعه إلى المقاول الذي رست عليه المزايدة العلنية، وأنه اختار هذه البقعة الصخرية بالذات ليوفر على نفسه مؤونة نقل الحجارة من مكان بعيد يكلفه كثير المشاق، وطائل الوقت والمال!!. وعلى الرغم من أن عنيبة قد سعدت بمقر المركز الجديد، ونالها بذلك كثير من الرخاء والرواج، لتعدد دور الحكومة فيها، واختلاف دواوينها، فإن (الدر) لا تزال تجاذبها أطراف ذلك الرداء، وتأبى في إصرار أن تستقل عنيبة بهذا الفضل، وتنفرد دونها بذلك المجد الذي كان لها وحدها إلى عهد قريب. أجل فإن اسم (الدر) لا يزال يحتل أبرز الأماكن في هذه الدور، مما يدعو إلى الدهشة والعجب في نفوس الذين لا يعرفون شيئا عن ذلك التاريخ القديم... وأعجب من هذا أن بعض المصالح الحكومية لا تزال تتمسك باسم المركز القديم فتطلق على مركز عنيبة، مركز الدر، وكأنها لا تعترف بكل ما مر بهذا الإسم من حوادث، وناله من كوارث الأيام، ولا تقيم وزنا لهذا الإسمالجديد، أو كأن للاسم القديم لذة ومتعة لا ترضى بغيرهما بديلا.. أو كأن رهبة وروعة، فهي لا تريد أن تذهب بما اكتسبه على مر الأيام، وكر الأعوام، من جلال ووقار، أو بمعنى أدق من تخويف وإرهاب، ونفى وتشريد!!.
ذات صلة معلومات عن مدينة نزوى ولاية نزوى في سلطنة عمان
مدينة نزوى العُمانية
تقع مدينة نزوى في محافظة الداخلية في شمال سلطنة عُمان، وتعتبر أكبر مدن المحافظة وأكبر مراكز النخيل فيها، وتبعد مسافة 164كم عن العاصمة مسقط، وتتميز المدينة بإطلالة طبيعية خلابة والطابع التاريخي العريق، وسُميت نزوى بهذا الاسم لأنّها منزوية في مفترق الطريق الذي يربط بين مسقط، وشمال السلطنة مع محافظات الباطنة والظاهرة، مع سلسلة جبال الحجر. تضم المدينة العديد من القرى والمدن التابعة لها، ومن أهم مراكزها: إقليم الجبل الأخضر، وبركة الموز، كما تعتبر مركزاً تجارياً واقتصادياً يربط بين ولاية عبري ومنطقة الظاهرة، كما تتميز بالمناخ الحارّ صيفاً، والبارد شتاءً في كافة مناطق المدينة، باستثناء منطقة الجبل الأخضر التي تتميز بأنّها معتدلة صيفاً وباردة جداً في الشتاء. تاريخ مدينة نزوى
تشتهر نزوى بالطابع التاريخي والتراثي القديم، فهي أقدم المدن العُمانية، حيث ترجع بتاريخها إلى أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، وعلى مرّ العصور سكنها الفرس، وما زالت بعض البساتين تُسمى بأسماء فارسية إلى يومنا هذا، وفي العصور الإسلامية كانت مركزاً مهماً، حيث لُقبت ببيضة الإسلام، وخضعت تحت حُكم آل الجلندي في عهد الخلافة الأموية، ويذكر أنّ أهلها كانوا يطلبون العلم في العراق، وتأثرت نزوى بالعلماء وأُنشأت في تلك الفترة المدرسة النزوانية، والمدرسة الرستاقية، وساهمت هذه المدارس في النمو العلمي والثقافي للمدينة.