فعليكم -عباد الله- بالرجوع إلى العلماء الراسخين أهل التقى والورع والدين، واحذروا أهل الجهل والمبتدعين، واحذورا من القول على الله ورسوله r بلا علم تكونوا من المهتدين، قَالَ سبحانه: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)[الإسراء: 36]. القول على الله بغير علم. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي ولكم، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ. الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الأَمِينُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً مَزِيدًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى؛ فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ. مَعَاشِرَ المُؤْمِنِينَ:
إن للقول على الله تعالى بلا علم صورا كثيرة وأنواعا عديدة وكلما كان أثرها أخطر على دين المسلم ونفسه وعرضه وماله كلما كان أثمها أكبر وجرمها أعظم، ومن ذلك القول بلا علم في أبواب الاعتقاد وتوحيد الله تعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، والقول على الله بلا علم في تشريع البدع والمحدثات، والتساهل في تكفير المسلمين والفتوى في الأمور العامة التي هي من خصائص ولي الأمر كأمور الجهاد وغيرها، والتساهل في تحليل المحرمات وتجويز المنكرات، أو الإفتاء في المعاملات المالية بدون علم، فيحلون ما حرّم الله من الأموال.
- القول على الله بغير قع
- القول على الله بغير علمی
- القول على الله بغير علم
- القول على الله بغير على موقع
القول على الله بغير قع
وجاء في الحديث المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار. والكذب على النبي صلى الله عليه وسلم داخل في الكذب على الله ـ كما هو معلوم ـ يقول ابن حجر في الفتح: تقويله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل يقتضي الكذب على الله تعالى، لأنه إثبات حكم من الأحكام الشرعية سواء كان في الإيجاب أو الندب، وكذا مقابلهما وهو الحرام والمكروه. اهـ.
القول على الله بغير علمی
قال تعالى: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران-110]. وقال تعالى: { النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ} [الأحزاب-6].
القول على الله بغير علم
أيها المسلم: اسأل عن أمور دينك من تثق في علمه ودينه عمن يستند في فتاواه على
الدليل من الكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة؛ وهم الذين أمرك الله بسؤالهم؛ فقال:
{ فَاسْأَلُواْ
أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ}
سورة النحل (43) (44)، فلا تسأل كل من هب ودب من الجُهال الذين نمقهم الإعلام
وأبرزهم على أنهم هم المراجع للفتيا. عليك أن تعلم أن
الفتوى دين فانظر عمن تأخذ دينك؛ قال محمد بن سرين -رحمه الله-: "إن هذا العلم دين
فانظروا عمن تأخذون دينكم" 11. نفعني الله وإياكم بما قلنا وسمعنا، وجعل زادنا وإياكم التقوى، وعاقبتنا الجنة فهي
خير المأوى. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. 1
رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص. القول على الله بغير قع. 2
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان(451) لابن سعدي. 3
جامع العلوم والحكم(278). لابن رجب الحنبلي. الناشر:
دار المعرفة-بيروت. 4
إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/38). الناشر: دار
الجيل- بيروت (1973). 5
رواه أحمد والترمذي وحسنه. 6
يراجع: إعلام الموقعين عن رب العالمين(1/10- 11).
القول على الله بغير على موقع
[3]
أَثَرُ الْإِفْتَاءِ بِغَيرِ عِلْمٍ:
ولا يدري الذي يفتي بغير علم أنه قد يحرم ما أحل الله تعالى، أو يحرم ما أحله الله تعالى، فيبيح الفروج المحرمة، أو يهدم بيوتاً قائمة، ويفرق بين المرء وأهله، وقد يتشرد بسبب فتياه الأبناءُ، إذا كانت الفتيا متعلقة بمسائل الطلاق، أو الرضاع أو غير ذلك، ولا يدري أنه ربما قتل بفتياه وهو لا يشعر، بل ربما يظن أنه يحسن صنعاً، وسأذكر على ذلك مثالين يستبين منهما خطر الفتوى التي بنيت على الجهل. المثال الأول: عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلاً مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَـأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ فَقَالُوا مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلاَّ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ». [4]
والشاهد هو قول النبي صلى الله عليه وسلم «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ».
------------------- الهوامش: (41) (( استسب له)) ، عرضه للسب وجره إليه. وفي حديث أبي هريرة: ( لا تمشِيَنَّ أَمَامَ أَبِيكَ ، ولا تجلِسْ قَبْلَهُ ، ولا تَدْعُه باسْمه ، ولا تَسْتَسِبَّ لهُ) ، أي: لا تعرضه للسب وتجره إليه ، بأن تسب أبا غيرك ، فيسب أباك مجازاة لك = وهذا أدب يفتقده الناس يومًا بعد يوم. (42) في المطبوعة: (( ودانت لكم بها العجم بالخراج)) ، وفي المطبوعة: (( ودانت لكم بها العجم الحراح)) غير منقوطة ، وفي تفسير ابن كثير 3: 374 ، ما أثبته ، وهو الصواب إن شاء الله. (43) في المطبوعة: (( حتى يأتوا بالشمس)) ، وأثبت ما في المخطوطة. (44) في المطبوعة: (( وأجمعت الأمة من قراء الأمصار)) ، لم يحسن قراءة ما في المخطوطة. (45) انظر تفسير (( عدا)) فيما سلف 10: 522 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك. (46) الأثر: 13743 - (( عثمان بن سعد التميمي)) ، أبو بكر الكاتب المعلم. روى عن أنس ، والحسن والبصري ، وابن سيرين ، وعكرمة ، والمجاهد. تكلموا فيه. مترجم في التهذيب. (47) نسبها ابن خالويه في شواذ القراءات: 40 ، إلى بعض المكيين ، ولم يبينه. هل القول على الله بغير علم أعظم من الشرك - إسلام ويب - مركز الفتوى. وقال أبو حيان في تفسيره 4: 200 (( وقال ابن عطية: وقرأ بعض المكيين ، وعينه الزمخشري فقال: عن ابن كثير)).