جملة: (كأيّ من نبيّ قاتل... ) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (قاتل معه ربّيّون) في محلّ رفع خبر المبتدأ كأيّ. وجملة: (ما وهنوا) في محلّ رفع معطوفة على جملة قاتل. وجملة: (أصابهم... ) لا محلّ لها صلة الموصول (ما). وجملة: (ما ضعفوا) في محلّ رفع معطوفة على جملة ما وهنوا. وجملة: (ما استكانوا) في محلّ رفع معطوفة على جملة ما وهنوا. (157) قوله تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ...} الآية 146 - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت. وجملة: (اللّه يحبّ... وجملة: (يحبّ الصابرين) في محلّ رفع خبر المبتدأ (اللّه). الصرف: (كأيّ، كأيّن)، من غير نون أو بنون، كناية عن عدد يرجع إلى أحوالها المختلفة والآراء الكثيرة حولها إلى كتب النحو ومراجع اللغة. (ربّيّون)، جمع ربّي منسوب إلى الربّ، وقيل هو منسوب إلى الربة بكسر الراء وهي الجماعة. (وانظر الآية 79 من هذه السورة). (استكانوا)، فيه إعلال بالقلب أصله استكينوا بفتح الياء ثمّ نقلت حركتها إلى الكاف ثمّ قلبت ألفا لتحركها في الأصل. الفوائد: 1- (كأي) مثل كم الخبرية معنى، نحو: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وهي في الأصل مركبة من كاف التشبيه و(أيّ) ولأن التنوين صار جزءا من تركيبها كتبت بالنون، فهي الآن كلمة واحدة، ويجوز أن تكتب (كأيّ) بحسب أصلها وفيها لغة اخرى حيث تلفظ (كأين) كقول الشاعر: وكائن ترى من صامت لك معجب ** زيادته أو نقصه في التكلم وهي بمعنى (كم) وتوافقها في خمسة أمور: الإبهام، ولافتقار إلى التمييز، والبناء، ولزوم التصدير، وإفادة التكثير وهو الغالب كقوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) وتخالفها في خمسة أمور: إحداها: إن كأين مركبة وكم بسيطة.
- وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في - الآية 146 سورة آل عمران
- تفسير قوله تعالى : { وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ..}
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة آل عمران - الآية 146
- (157) قوله تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ...} الآية 146 - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في - الآية 146 سورة آل عمران
وفي أوقات الفتن -كما ذكرنا في بعض المناسبات- يتراجع الكثيرون، ويبدلون، ويتحولون، ويتغيرون، ولذلك نجد في عبارات بعض المؤرخين حينما تحصل أحداث عِظام يقولون: "وظهر قرن النفاق" بمعنى أنه يبدأ التلون والتحول وبيع المبادئ، وهذه من صفة المنافقين، وهذا التلون -أيها الأحبة-! من صفات المنافقين. تفسير قوله تعالى : { وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ..}. والله -تبارك وتعالى- قال في سورة الأحزاب عن المنافقين وَلَوْ دُخِلَتْ ، يعني: المدينة، عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا من نواحيها، ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلاَّ يَسِيرًا [الأحزاب:14]، يعني: هم على أتم الاستعداد أن يبذلوا دينهم؛ ليكونوا مع من غلب على أي دين، وأي حال كان، فهم ليسوا بأصحاب ثبات، ولا بأصحاب مبدأ يثبتون عليه. كذلك يؤخذ من هذه الآية في الثناء على هؤلاء في هذا السياق، أعني الربيين قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ سواء كان ذلك لمقتل نبيهم، أو لما وقع فيهم من القتل والجراح أو الهزيمة، فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أن هؤلاء كانوا على حال من الاستقامة، والإخلاص لله -تبارك وتعالى- في أعمالهم وجهادهم ومزاولاتهم؛ لأن الله قال: فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ.
تفسير قوله تعالى : { وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ..}
وقال الأخفش: الربيون الذين يعبدون الرب ، وطعن فيه ثعلب ، وقال: كان يجب أن يقال: ربي ليكون منسوبا إلى الرب ، وأجاب من نصر الأخفش وقال: العرب إذا نسبت شيئا إلى شيء غيرت حركته ، كما يقال: بصري في النسب إلى البصرة ، ودهري في النسبة إلى الدهر ، وقال ابن زيد: الربانيون الأئمة والولاة ، والربيون الرعية ، وهم المنتسبون إلى الرب.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة آل عمران - الآية 146
والضعف المطلق هو اختلال القوة والقدرة بالجسم ، والاستكانة هي إظهار ذلك العجز وذلك الضعف ، وكل هذه الوجوه حسنة محتملة ، قال الواحدي: الاستكانة الخضوع ، وهو أن يسكن لصاحبه ليفعل به ما يريد. ثم قال تعالى: ( والله يحب الصابرين) والمعنى أن من صبر على تحمل الشدائد في طريق الله ولم يظهر الجزع والعجز والهلع فإن الله يحبه ، ومحبة الله تعالى للعبد عبارة عن إرادة إكرامه وإعزازه وتعظيمه ، والحكم له بالثواب والجنة ، وذلك نهاية المطلوب.
(157) قوله تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ...} الآية 146 - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
والثاني: أن أصله كأين ، قدمت الياء المشددة على الهمزة ، فصار كيئ ، فوزنه الآن كعلف; لأنك قدمت العين واللام ، ثم حذفت الياء الثانية ، لثقلها بالحركة والتضعيف ، كما قالوا في أيهما أيهما ، ثم أبدلت الياء الساكنة ألفا كما أبدلت في آية وطائي وقيل: حذفت الياء الساكنة وقدمت المتحركة فانقلبت ألفا. وقيل: لم يحذف منه شيء ، ولكن قدمت المتحركة وبقيت الأخرى ساكنة وحذفت بالتنوين مثل قاض. والوجه الثالث: كإ على وزن كع ، وفيه وجهان: أحدهما: أنه حذف إحدى الياءين على ما تقدم ، ثم حذفت الأخرى لأجل التنوين. والثاني: أنه حذف الياءين دفعة واحدة ، واحتمل ذلك لما امتزج الحرفان. والوجه الرابع: " كأي " بياء خفيفة بعد الهمزة ووجهه أنه حذف الياء الثانية ، وسكن الهمزة لاختلاط الكلمتين ، وجعلهما كالكلمة الواحدة ، كما سكنوا الهاء في لهو وفهو ، وحرك الياء لسكون ما قبلها. والخامس: " كيئ " بياء ساكنة قبل الهمزة ، وهو الأصل في كائن ، وقد ذكر. فأما التنوين فأبقى في الكلمة على ما يجب لها في الأصل فمنهم من يحذفه في الوقف; لأنه تنوين ، ومنهم من يثبته فيه; لأن الحكم تغير بامتزاج الكلمتين. فأما " أي " فقال ابن جني: هي مصدر أوى يأوي إذا انضم واجتمع ، وأصله أوى ، فاجتمعت الواو والياء ، وسبقت الأولى بالسكون ، فقلبت وأدغمت مثل طي وشي.
فالله -تبارك وتعالى- ينصر من يشاء، كيف شاء، تارة بإدالة المؤمنين على أعدائهم، وتارة بما يُرسله على الأعداء من العقوبات المستأصلة، وقد تكون دون ذلك. وهذا فرعون أغرقه الله من غير عمل من بني إسرائيل، بل كانوا في غاية الخوف، وهم في حال فرار، فالله -تبارك وتعالى- شفا صدورهم، فأغرقه في اليم، وهم أيضًا ينظرون ليكون ذلك أشفى لنفوسهم. فهنا قوله -تبارك وتعالى-: وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ، هذا يدل أيضًا على كثرة أتباع الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- الذين تحملوا المشاق في سبيل الله، ويدل على كثرة من قُتل من أتباع الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-. وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- له كلمة في هذا المقام حاصلها: "أن قوله -تبارك وتعالى-: وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ، أو على القراءة الأخرى (قُتل مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) على كل حال هو لا يجعل ذلك منحصرًا في من كان معه، وهو حاضر المعركة، بل يجعل ذلك فيهم، وفي أتباعهم، قَاتَلَ مَعَهُ يقول: فكل من قاتل في سبيل الله، وهو على شريعة نبي فهو ممن قاتل معه، يقول: وهذه الأمة الذين شهدوا مع رسول الله ﷺ مغازيه قاتلوا معه، والذين جاءوا من بعدهم يُقاتلون في سبيل الله هؤلاء هم ممن قاتل معه، يقول: ويمكن أن تكون الكثرة بهذا الاعتبار على آماد متصلة، أو متفرقة متطاولة" [1].
وقال عبد الله بن مسعود: الربيون الألوف الكثيرة. وقال ابن زيد: الربيون الأتباع. والأول أعرف في اللغة; ومنه يقال للخرقة التي تجمع فيها القداح: ربة وربة. والرباب قبائل تجمعت. وقال أبان بن ثعلب: الربي عشرة آلاف. وقال الحسن: هم العلماء الصبر. ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع والسدي: الجمع الكثير; قال حسان: وإذا معشر تجافوا عن الحق حملنا عليهم ربيا وقال الزجاج: هاهنا قراءتان " ربيون " بضم الراء " وربيون " بكسر الراء; أما الربيون ( بالضم): الجماعات الكثيرة. ويقال: عشرة آلاف. قلت: وقد روي عن ابن عباس " ربيون " بفتح الراء منسوب إلى الرب. قال الخليل: الربي الواحد من العباد الذين صبروا مع الأنبياء. وهم الربانيون نسبوا إلى التأله والعبادة ومعرفة الربوبية لله تعالى ، والله أعلم. قوله تعالى: فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وهنوا أي ضعفوا ، وقد تقدم. والوهن انكسار الجد بالخوف. وقرأ الحسن وأبو السمال " وهنوا " بكسر الهاء وضمها ، لغتان عن أبي زيد. وهن الشيء يهن وهنا. وأوهنته أنا ووهنته ضعفته. والواهنة: أسفل الأضلاع وقصارها. والوهن من الإبل: الكثيف. والوهن: ساعة تمضي من الليل ، وكذلك الموهن. وأوهنا صرنا في تلك الساعة; أي ما وهنوا لقتل نبيهم ، أو لقتل من قتل منهم ، أي ما وهن باقيهم; فحذف المضاف.