ما معنى الفلق ؟ للإجابة عن هذا السؤال لا بد لنا من أن نتطرق إلى معاني سورة الفلق، وشرح آياتها، وسورة الفلق هي إحدي المعوذتين، عدد آياتها خمس آيات، وهذه السورة تعد محل اختلاف بين أهل العلم، فيما إذا كانت من القرآن المكي أم المدني، وقد قال الإمام القرطبي في تفسيره: " وهي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة". أما السيوطي فقد رجح أنها مدنية في كتابه الإتقان في علوم القرآن. [1]
معاني الكلمات في سورة الفلق
نبين فيما يأتي معاني بعض الكلمات التي وردت في سورة الفلق: [2]
أعوذ: أعْتـَصِمُ وأسْتجير. بربّ الفلق: بربّ الصّـبْح، أو الخَـلـْـق كلـّهمْ. شرّ غاسق: شرّ الليل. وَقب: دَخَل ظلامه في كلّ شيء. النفاثات في العقد: النـِّساء السَّـواحِر يَـنـْـفُـثـْنَ في عُـقـَـد الخيْط حين يَسْحَرْنَ. ما معنى الفلق
لقد اختلف أهل التفسير والتأويل في معنى " الفلق"، ومن المعاني التي وردت لكلمة "الفلق": [3]
هو سجن في جهنم يسمى هذا الاسم. هو اسم من أسماء جهنم. هو الصبح. هو الخلق، ومعنى الكلام: قل أعوذ بربّ الخلق. ما معني قل اعوذ برب الفلق. والصواب في ذلك أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أمر نبيّه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يقول: " أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ"، والفلق في كلام العرب هو فلق الصبح، حيث تقول العرب: "هو أبين من فَلَق الصُّبح أو من فرق الصبح".
تفسير و معنى كلمة الفلق - الْفَلَقِ من سورة الفلق آية رقم 1 | تفسير كلمات القرآن الكريم
الرواية الثانية: ما أورد عليُّ بن إبراهيم القمِّي في تفسيره قال: "الفلق جبٌّ في جهنم يتعوَّذ أهلِ النار من شدَّة حرِّه.. قال: وفي ذلك الجب صندوقٌ من نار يتعوَّذ أهلُ الجبِّ من حرِّ ذلك الصندوق، وهو التابوت، وفي ذلك التابوت ستة من الأولين، وستة من الآخرين، فأما الستَّة التي من الأولين، فابنُ آدم الذي قتل أخاه، ونمرودُ إبراهيم الذي ألقى إبراهيم في النار، وفرعونُ موسى، والسامريُّ الذي اتَّخذ العجل، والذي هوَّد اليهود، والذي نصَّر النصارى، وأمَّا الستة التي من الآخرين فهو.. وصاحب الخوارج، وابنُ ملجم" ( [8]). هذا وقد ورد من طرق العامَّة ما يقربُ من معنى صدر الرواية الثانية، فقد أورد الطبري في جامع البيان عن ابن عباس: "أنَّ الفلق سجن في جهنم"، ونقل عن بعض أصحاب رسول الله (ص) "أنَّ الفلق بيتٌ في جهنم، إذ فُتح هرَّ أهل النار أو صاح جميعُ أهل النار من شدَّة حرِّه"، ونقلَ عن بعضهم "أنَّ الفلق اسمٌ من أسماء جهنَّم" ( [9]). ما معنى كلمة الفلق ؟ - أفضل إجابة. وأورد السيوطي في الدرِّ المنثور عن أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: "الفلق جبٌّ في جهنم مغطَّى" ( [10]). وأخرج ابن مردويه عن عمرو بن عبسة قال: صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقرأ قل أعوذ برب الفلق فقال: يا ابن عبسة أتدري ما الفلق؟ قلتُ: اللهُ ورسوله أعلم، قال: "بئرٌ في جهنَّم إذا سعرت جهنَّم فمنه تسعر، وإنَّهاها لتتأذَّى به كما يتأذَّى بنو آدم من جهنَّم".
ما معنى الفلق - إسألنا
المعنى الثاني: هو أنَّ المراد من الفلق في الآية الشريفة هو مطلق الوجودات الممكنة أي أنَّ المقصود من الفلق هو عامَّة المخلوقات الماديَّة والمجرَّدة، فيكون معنى قوله تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ هو قل أعوذ بربِّ الخَلق. ولعلَّ ممَّا يعزِّز هذا الرأي هو الآية التي تلَت هذه الآية وهي قوله تعالى: ﴿مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ ( [5]) ، فالاستعاذة تكون بربِّ الخلق من شرِّهم. تفسير و معنى كلمة الفلق - الْفَلَقِ من سورة الفلق آية رقم 1 | تفسير كلمات القرآن الكريم. والمناسبة اللُّغويَّة المصحِّحة لإطلاق وصف الفلَق على عامَّة المخلوقات هو أنَّها كانت في كتم العدم فشقَّ الله تعالى عنها ظلمة العدم بنور الإيجاد لها فكأنَّها كانت مستورة بظلمة العدم وكان خلقها بمثابة شقِّ ظلمة العدم عن نور وجودها، فالخلق فلَقٌ أي أنَّه مفلوقٌ عن كتم العدم وظلمته. وثمة مَن أفاد أنَّ المناسبة اللُّغوية لإطلاق وصف الفلق على المخلوقات أنَّ طبيعة الخلق عادة ما تكون عن انشقاق شيءٍ عن شيء، فالحبَّة تنفلق عن نبيتة، والصخرة تنفلق عن العيون، والسحاب ينشقُّ عن المطر، وغشاء الرحم ينشقُّ عن الجنين، فالجنين مشقوق عن الرحم ومفلوقٌ عنه، فهو فلَق بمعنى مفلوقٌ عنه وهكذا سائر المخلوقات، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى﴾ ( [6]) فالحبَّةُ تنفلق ويخرج منها النبات، فالنبات منفلِقٌ عن الحبَّة فهو فلَق بمعنى أنَّه مفلوق عنه.
ما معنى كلمة الفلق ؟ - أفضل إجابة
والفلق -كما قيل- صفةٌ مشبهة بمعنى المفعول كالقَصَص بمعنى المقصوص، والنقض بمعنى المنقوض، والنكث بمعنى المنكوث، فالفلق يُراد به المفلوق عن الشيء والمشقوق عنه. هذا بحسب المدلول اللُّغوي لكلمة الفلق، وأمَّا ما هو المراد من الفلَق في الآية الشريفة فذُكرت لذلك معانٍ عدَّة أهمُّها:
المعنى الأول: أنَّ المراد من الفلق هو الصبح فمعنى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ هو قل أعوذ بربِّ الصبح، والمناسبة اللغوية المصححة لإطلاق لفظ الفلق على الصبح هو أنَّ الصبح مفلوقٌ عن الليل ومشقوق عن ظلمته، فكأنَّ الصبح كان مستوراً بالظلام فشُقَّ عنه الظلام فظهر، فالصبح فلَقٌ لانفلاق ظلمة الليل عنه وانشقاقه عن ضياء الصبح، فالموصوف بالفلق هو الصبح لأنه مفلوق عنه الظلام ومشقوق عنه ظلام الليل، فالمفلوق والمشقوق هو ظلمة الليل والمفلوق عنه هو ضياء الصبح. فإطلاق الفلق على الصبح تعبيرٌ مجازي ولكنَّه رائجٌ في كلام العرب، ولذلك قال تعالى: ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا﴾ ( [3]) ، ومن ذلك أيضاً ما ورد في المأثور أنَّ النبيَّ (ص): "لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلَق الصبح" ( [4]) ، أي أنَّ رؤاه تأتي كفلق الصبح في الوضوح والمطابقة للواقع.
ما معنى الفلق - أفضل إجابة
ويجوز أن يكون في جهنم سجن اسمه فَلَق. وإن كان كذلك، ولم يكن جلّ ثناؤه وضعَ دلالة على أنه عنى بقوله: " بِرَبِّ الْفَلَقِ" بعض ما يُدْعَى الفلق دون بعض، وكان الله سبحانه وتعالى ربّ كل شيء من خلقه، فإنه يجب أن يكون معنيا به كل شيء اسمه الفَلَق، لأنه ربّ كلّ ذلك. [3]
تفسير سورة الفلق
سنتطرق فيما يأتي إلى تفسير كل آية من آيات سورة الفلق، كما وردت في تفسير الطبري: [3]
الآية الأولى: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ"
يقول سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد، أستجير بربّ الفلق من شرّ ما خلق من الخلق. ومعنى الفلق كما بيناه في الاية السابقة. الآية الثانية: "مِن شَرِّ مَا خَلَقَ"
والله جلّ في علاه أمر نبيه أن يستعيذ " من شرّ كل شيء" ، فالله سبحانه وتعالى هو الخالق، وكل ما سواه هم الخلق. الآية الثالثة: "وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ"
ومن شرّ مظلم إذا دخل، وهجم علينا بظلامه. واختلف أهل التأويل في الشيء المظلم الذي عُنِي في هذه الآية، وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالاستعاذة منه، فقال بعضهم: هو الليل إذا أظلم. وقال آخرون: هو كوكب، والبعض يقول: ذلك الكوكب هو الثُّريا. في حين قال آخرون: الغاسق إذا وقب: هو القمر.
[٢]
الآية الخامسة
في الآية الخامسة والأخيرة قال الله تعالى: (وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) ، [١١] والمقصود بالحسد؛ تمنّي زوال النعمة عن الآخرين، وهو طبع في الإنسان لأنّه يحبّ أن يترفّع عن جنسه، وهو حرام، وقد يُراد به الغِبطة؛ وهي تمنّي النعمة دون زوالها عن الآخرين. [١٢] [٢]
والغبطة حُكمها في أمور الدنيا الإباحة، وفي أمور العبادات والطاعات مستحبّة، وفيها قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (لا حسد إلا في اثنتيْنِ: رجلٌ آتاه اللهُ مالاً، فسلَّطَه على هَلَكَتِه في الحقِّ، وآخرُ آتاه اللهُ حكمةً، فهو يَقضي بها ويُعلِّمُها). [١٢] [٢]
وردت كلمة حاسد في الآية الكريمة نكرة؛ لأنّ ليس كلّ حاسد يكون ضارّاً، فإذا لم يظهر حسده ويعمل بمقتضاه، لم يكن حسده ذلك ضاراً للإنسان، بل ينحصر حينها أثر حسده على نفسه بما يصيبه من الهمّ لعدم تمكّنه وتملّكه للنعمة التي يحسد الآخرين عليها، والضرر يكون فقد إذا أظهر حسده وعمل به، ومِن أخفى ذلك الحسد العين، فقد يكون للحاسد تأثير كبير يصيب من خلاله الآخرين بالعين، ففي حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (العينُ حقٌّ). [١٣] [٢]
المراجع ↑ سورة الفلق، آية: 1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز محمد حباش (2016-5-24)، "تفسير سورة الفلق" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-11.
معنى الفلق: هو الصبح الذي إذا انفلق ويكون من ظلمة الليل.
ذات صلة حكم رفع اليدين في الدعاء متى يجوز رفع اليدين في الدعاء
حكم رفع اليدين في الدعاء يوم الجمعة
الأصل في المسلم حين يدعو الله -تعالى- أن يرفع يديه، إلّا أنّه ورد في شأن الخطيب يوم الجمعة عند دعاzه على المنبر الإشارة بإصبعه السبابة دون رفع اليدين، وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين عن حكم رفع اليدين في الدعاء يوم الجمعة فقال إنّ رفع الأيدي والإمام يخطب يوم الجمعة ليس بمشروعٍ، وقد أنكر الصحابة -رضي الله عنهم- على بشر بن مروان حين رفع يديه في خطبة الجمعة، ويُستثنى من ذلك الدعاء للاستسقاء، فقد ثبت عنه -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه رفع يديه أثناء دعاء الاستسقاء في خطبة الجمعة، ورفع الناس أيديهم معه كذلك. [١]
حكم الكلام أثناء خطبة الجمعة
إنّ المسلم مأمورٌ بالاستماع والإنصات أثناء خطبة الجمعة، ويكون ذلك من خلال التزامه بأمرين؛ الأول: السكون وعدم الحركة والعبث، والثاني: السكوت عن الكلام، فيحرم بالتالي على المسلم أن يتكلّم أثناء خطبة الإمام، ويحرّم عليه الحركة والعبث ومسّ الحصى والتخطيط على الأرض وما شابه ذلك، ولا يعني ذلك أنّ من فعل شيئاً ممّا ذُكِر تكون صلاته باطلةً، وإنّما يعني فقدانه لثواب تلك الصلاة.
ما حكم رفع اليدين في دعاء القنوت؟ ومسح الوجه وتقبيلهما بعد الانتهاء من ذلك الدعاء؟ - موقع التوحيد | نشر العلم الذي ينفع المسلم
سَنَة: أَيْ جَدْب. قَزَعَة: أَيْ سَحَاب مُتَفَرِّق. سَلْع: جَبَل مَعْرُوف بِالْمَدِينَةِ. حكم رفع اليدين بالدعاء بعد الصلاة ومسح الوجه بهما. مِثْل التُّرْس: أَيْ مُسْتَدِيرَة. الْجَوْبَة: هِيَ الْحُفْرَة الْمُسْتَدِيرَة الْوَاسِعَة, وَالْمُرَاد أن السحاب انفرج من فوق المدينة وبقي حولها. الْجَوْدِ: هُوَ الْمَطَر الْغَزِير. وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
ما هو حكم رفع الأيدي والإمام يخطب يوم الجمعة ؟ فأجاب:
رفع الأيدي والإمام يخطب يوم الجمعة ليس بمشروع ، وقد أنكر الصحابة على بشر بن مروان حين رفع يديه في خطبة الجمعة ، لكن يستثنى من ذلك الدعاء بالاستسقاء فإنه ثبت عن النبي أنه رفع يديه يدعو الله عز وجل بالغيث وهو في خطبة الجمعة ، ورفع الناس أيديهم معه ، وما عدا ذلك فإنه لا ينبغي رفع اليدين في حال الدعاء في خطبة الجمعة اهـ. "فتاوى أركان الإسلام" (ص 392). والله تعالى أعلم.
حكم رفع اليدين بالدعاء بعد الصلاة ومسح الوجه بهما
* هذه الفتوى ننشرها باسم الفقيه الذي أفتى بها في كتبه القديمة لغرض إفادة الباحثين من هذا العمل الموسوعي، ولا تعبر بالضرورة عن ما تعتمده دائرة الإفتاء.
حكم رفع اليدين بين خطبتي الجمعة وأوقات الإجابه فيها
وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى في " تصحيح الدعاء " (ص115):
" يرفع الداعي يديه إلى منكبيه ، أو نحوهما ، ضاماً لهما غير مفرقتين ؛ باسطاً
بطونهما نحو السماء ، وظهورهما نحو الأرض ، وإن شاء قنّع بهما وجهه ، وظهورهما نحو
القبلة ، وتكونان طاهرتين ، نظيفتين ، مكشوفتين غير محجوبتين بحائل " انتهى. وذهب جماعة من أهل العلم إلى
أن الدعاء إذا كان لرفع البلاء ، جعل ظهر كفيه إلى السماء ، وإذا كان لطلب شيء
وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء. قل النووي رحمه الله:
" قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ: السُّنَّةُ فِي كُلِّ دُعَاءٍ
لِرَفْعِ بَلَاءٍ ، كَالْقَحْطِ وَنَحْوِهِ ، أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ وَيَجْعَلَ
ظَهْرَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَإِذَا دَعَا لِسُؤَالِ شَيْءٍ وَتَحْصِيلِهِ
، جَعَلَ بَطْنَ كَفَّيْهِ إلى السماء " انتهى من " شرح النووي على مسلم " (6/ 190). حكم رفع اليدين في الدعاء يوم الجمعة. وقد احتجوا بما رواه مسلم (895) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ( أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى، فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى
السَّمَاءِ). وذهب آخرون من أهل العلم:
إلى أن الدعاء كله يكون ببطون الأكف ، وأن ما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم
أشار بظهر كفيه إلى السماء في الاستسقاء محمول على شدة الرفع.
وهكذا في الدعوات التي يدعو الإنسان في بيته، أو في أي مكان يدعو الله، أو بعد النافلة أو في أي وقت، رفع اليدين من أسباب الإجابة، وفي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً فرفع اليدين من أسباب الإجابة. وفي الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: إن الله تعالى طيب ولا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ [البقرة:172]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون:51]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك خرجه مسلم في صحيحه. حكم رفع اليدين في الدعاء في الخطبة. بيَّن عليه الصلاة والسلام أن رفع اليدين من أسباب الإجابة، يمد يديه إلى السماء يا رب! يا رب! فرفع اليدين من أسباب الإجابة، والإلحاح في الدعاء من أسباب الإجابة، لكنه لما كان يتعاطى الحرام صار هذا من أسباب عدم إجابته من أجل معصيته بتعاطي الحرام. فينبغي لمن يسمع هذا البرنامج، أو غيره مما نكتب في هذا المقام، أو نتكلم به؛ أن يتثبت في الأمر، ولا يجوز لأحد أن ينقل عني ما لم يعلم، ولا أبيح أحد أن ينقل عني ما لم يعلم حتى يسمع كلامي في ذلك، أو يرى كتابة مني ثابتة، وإلا فالنقل فيه الكذب، وفيه الصدق، فينبغي التثبت فيما يسمعه المؤمن من الناس حتى يعرف أنه صدر من صاحبه عن يقين، نسأل الله للجميع التوفيق، نعم.
وأما الرفع عند الدعاء بين الأذان والإقامة فهو مشروع كما قال الرحيباني في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: يدعو بعد الأذان لحديث أنس مرفوعاً الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة. رواه أحمد وغيره وحسنه الترمذي. (و) يدعو (عند) فراغ (إقامة بما أحب) فعله أحمد ورفع يديه.. انتهى. حكم رفع اليدين بين خطبتي الجمعة وأوقات الإجابه فيها. وأما رفع اليدين عند دعاء الإمام في الخطبة الثانية فقد نص أهل العلم على عدم مشروعيته للإمام إلا في الاستسقاء لما في حديث عمارة بن رؤيبة عند مسلم: أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يده فقال: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا. وأشار بأصبعه المسبحة. وقد ذكر الشوكاني في نيل الأوطار: أن الحديث يدل على كراهة رفع الأيدي على المنبر حال الدعاء. وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري قال: رفع الأيدي يوم الجمعة محدث. وقال البيهقي: من السنة ألا يرفع يديه في حال الدعاء في الخطبة، ويقتصر أن يشير بأصبعه. وقال شيخ الإسلام: ويكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة، وهو أصح الوجهين لأصحابنا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يشير بإصبعه إذا دعا، وأما في الاستسقاء فرفع يديه لما استسقى على المنبر.