معنى قوله تعالى: (لا ينال عهدي الظالمين)
سماحة الشيخ محمد صنقور - عدد القراءات: 8771 - نشر في: 03-اغسطس-2010م
السؤال:
﴿واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين﴾ فهل كانت عبارة ابراهيم (ع) ﴿ومن ذريتي﴾ بصيغة الطلب أم الأستفهام؟ وما هو تفسير ﴿لا ينال عهدي الظالمين﴾ ؟
الجواب:
هو طلب وليس استفهاماً، فمعنى قوله تعالى: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ ( 1) هو (اجعل من ذريتي من يؤتم به) أفاد ذلك الشيخ الطوسي في التبيان وذكر أنه قول أكثر المفسرين ( 2). ويمكن تأييد ذلك بالعديد من الروايات الواردة عن الرسول (ص) وأهل بيته (ع):
منها: ما رواه الشيخ الطوسي في الأمالي بسنده عن عبدالله بن مسعود قال: "قال رسول الله (ص): أنا دعوة أبي إبراهيم. لا ينال عهدي الظالمين - هاني مراد - طريق الإسلام. فقلنا: يا رسول الله، وكيف صرت دعوة أبيك إبراهيم؟ قال: أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم أني جاعلك للناس إماما، فاستخفَّ إبراهيم الفرح، فقال: يا رب، ومن ذريتي أئمة مثلي، فأوحى الله عز وجل إليه: أن يا إبراهيم، إني لا أُعطيك عهدا لا أفي لك به. قال: يا رب، ما العهد الذي لا تفي لي به؟ قال: لا أُعطيك لظالمٍ من ذريتك. قال: يا رب، ومَن الظالم من ولدي الذي لا ينال عهدك؟ قال: من سجد لصنمٍ من دوني لا أجعله إماما أبداً، ولا يصح أن يكون إماما.
إعراب لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ - إسلام ويب - مركز الفتوى
ثالثا:
جهل النصارى الفاضح وراء كل مصيبة يوقعون أنفسهم فيها. فالجهلة لا يفهمون من كلمة { ينال} إلا معنى{ يأخذ} فقط! وسأضرب أمثلة على عدة معان أخرى لكلمة ينال حتى يتضح الكلام. حينما نقول: خالد ناله التعبُ الإجهادُ. فالمعنى المتبادر هو: خالد أصابه التعبُ والإجهادُ. ولن نقول طبعا خالد أخذ التعب والإجهاد. كذلك لا نقول: خالد نَالَ التعب والإجهاد. وعليه نقول أن قوله تعالى { لا ينال عهدي الظالمين} معناه لا يصيب عهدي الظالمين. ويكون الإعراب كالتالي:
1. ينال: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة. 2. عهدي: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بياء المتكلم، والياء ضمير مبني في محل جر مضاف إليه. الثالث: قوله تعالى: (لا ينال عهدي الظالمين). 3. الظالمين: مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم. ومعلوم أن المعنى فرع الإعراب. أي أنك لا تستطيع فهم المعنى الصحيح إلا إذا أعربت الآية إعرابا صحيحا. وهذا المعنى مثل قوله تعالى:
{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ}. فما معنى قوله { سينالهم} هنا ؟ معناه سيصيبهم
ويكون المعنى: { إن الذين عبدوا العجل سيصيبهم غضب….
الثالث: قوله تعالى: (لا ينال عهدي الظالمين)
والحق أنه لم يرد في الكتاب ولا في السنة تعيين تلك الكلمات، لذلك قال بعضهم: لا يجوز الجزم بشيء منها. وقال بعضهم: هي مبيَّنة في نفس الآية وغيرها، كقوله تعالى:
﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾
وما بعدها من الآيات. أما ما رُويَ عن ابن عباس وغيره من تعيين تلك الكلمات فلا تقوم به حجة، لأنك لو تتبعت تلك الروايات لوجدتها مختلفة، بل لوجدت الرواية عن واحد منهم مختلفة. إعراب لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ - إسلام ويب - مركز الفتوى. وفي تفسير ابن كثير (1/165) ما ورد عن ابن عباس وحده روايات مختلفة، منها: أن الكلمات مناسك الحج، ومنها: أنها خصال الفطرة كالمضمضة والاستنشاق وغيرهما، ومنها: أنها ثلاثون بعضها مذكور في سورة كذا وبعضها في سورة كذا. نعم إنَّ خصال الفطرة وردت في صحيح مسلم، ولكن ذلك لا يدل على أنها هي الكلمات التي كلف الله بها إبراهيم. من كتاب «رسالة في التفسير» للمؤلف الأستاذ الشيخ عبد الكريم الدبان التكريتي
إدارة البحوث- دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي
شبهة حول قوله تعالى لا ينال عهدي الظالمين - موقع مقالات إسلام ويب
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
22 / ربيع الأوّل / 1425هـ
1- سورة البقرة / 124. 2- سورة لقمان / 13.
لا ينال عهدي الظالمين - هاني مراد - طريق الإسلام
ثم إنَّ الآية الشريفة تدل على أن كلَّ من تلبَّسَ بالظلم آناً مّا فإنَّه لا يستحق الإمامة الإلهية مطلقاً ولإتضاح ذلك لاحظ ما ذكرناه في مقالنا ﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ قسم المقالات العقائدية. 1 - سورة البقرة/ 124. 2 - التبيان - الشيخ الطوسي- ج1 ص447. 3 - الأمالي -الشيخ الطوسي- ص379. 4 - سورة البقرة/ 124.
موقع هدى القرآن الإلكتروني
____________________|
1. بحار الانوار ، ج25 ، ص119 و207. 2. اصول الكافي ، ج1 ، ص174 ، باب (طبقات الانبياء والرسل). ح1. 3. أمالي الشيخ المفيد ، ص378 ، ومناقب ابن المغازلي ، ج1 ، ص248.
ت + ت - الحجم الطبيعي
قال تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).. (البقرة: 124﴾، ما هي تلك الكلمات؟
إن الله تعالى كلَّف إبراهيم عليه السلام بتكاليف فأداها كاملة، فقال له الله: إني جاعلك قدوة صالحة يهتدي بك الناس. قال إبراهيم: أَوَ تجعل من ذريتي أئمةً؟ فقال الله: إن من كان من ذريتك ظالماً لا يكون إماماً. والإمامة هي الرسالة عند أكثر المحققين. والرسالة إنما هي فضل من الله يؤتيه الذين آمنوا والتزموا بالعمل الصالح والخلق القويم، وتحملوا مسؤولية نشر الدعوة مهما كلفهم ذلك من مشاق. وظاهر الآية الكريمة يُشير إلى أن الابتلاء قد حصل قبل النبوة، لأن الله تعالى جعل قيام إبراهيم بتلك الكلمات سبباً لجعله إماماً. ومما حصل له قبل النبوة تفكيره بالكوكب والقمر والشمس، ومجاهرته بالتوحيد أمام أبيه وقومه، وتحطيمه أصنامهم حتى ألقوه في النار، وخروجه من بلده. وممّا حصل بعد النبوة قيامه بنشر التوحيد وبذبح ولده، وتركه زوجته وابنه في مكان قفر، ثم بناء الكعبة وقيامه بمناسك الحج من الطواف والسعي وغيرهما.