مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96) ما عندكم ينفد وما عند الله باق فبين الفرق بين حال الدنيا وحال الآخرة بأن هذه تنفد وتحول ، وما عند الله من مواهب فضله ونعيم جنته ثابت لا يزول لمن وفى بالعهد وثبت على العقد. ولقد أحسن من قال: المال ينفد حله وحرامه يوما وتبقى في غد آثامه ليس التقي بمتق لإلهه حتى يطيب شرابه وطعامه آخر: هب الدنيا تساق إليك عفوا أليس مصير ذاك إلى انتقال وما دنياك إلا مثل فيء أظلك ثم آذن بالزوال قوله تعالى: ولنجزين الذين صبروا أي على الإسلام والطاعات وعن المعاصي. ماعندكم ينفد وماعند الله با ما. أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون أي من الطاعات ، وجعلها أحسن لأن ما عداها من الحسن مباح ، والجزاء إنما يكون على الطاعات من حيث الوعد من الله. وقرأ عاصم وابن كثير ولنجزين بالنون على التعظيم. الباقون بالياء.
التميز الإنساني تدشن مشاريع روافد الخير في العشر الأواخر .. مباشر نت
والله أعلم.
ا لخطبة الأولى ( مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاق)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. التميز الإنساني تدشن مشاريع روافد الخير في العشر الأواخر .. مباشر نت. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته: ( مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (96) النحل
إخوة الإسلام
القرآن الكريم: هو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ،والصراط المستقيم ،من عمل به أجر، ومن حكم به عدل ،ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم. القرآن الكريم: لا تشبع منه العلماء ،ولا تلتبس به الألسن ،ولا تزيغ به الأهواء ،ومن تركه واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى ، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً.
وتعجب من بعض المسلمين حين يترك الأسباب ويقول: توكلنا على الله، وهذا سوء فهم للتوكل، وقد حج أقوام بلا زاد، فنزلت: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)[البقرة:197]. أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن توكل على الله حق التوكل. وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
ومن يتوكل على الله فهو حسبه | معرفة الله | علم وعَمل
وهذا الحديث إلى جانب الآية المذكورة أصل في التوكل وهو أعظم الأسباب التي يستجلب بها الرزق، وقد قرأ النبي – صلى الله عليه وسلم – هذه الآية على أبي ذر، وقال له: لو أن الناس كلهم أخذوا بها لكفتهم يعني: لو حققوا التقوى والتوكل؛ لاكتفوا بذلك في مصالح دينهم ودنياهم. أما الحديث عن حقيقة التوكل فقد فصل فيها ابن رجب الحنبلي وعدد مراتب العمل الذي هو السبب أو الوسيلة التي يأخذها الإنسان في مجال الكسب، وأنه غير متعارض مع التوكل على الله حق التوكل. حقيقة التوكل: هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح، ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها، وكلة الأمور كلها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه[2]. قال سعيد بن جبير: التوكل جماع الإيمان. وقال وهب بن منبه: الغاية القصوى التوكل. ومن يتوكل على الله فهو حسبه | معرفة الله | علم وعَمل. قال الحسن: إن توكل العبد على ربه أن يعلم أن الله هو ثقته.
وههنا ملحظ مهم يستفاد من كلامه رحمه الله، وهو: أن الواحد منا ـ في حال نشاطه وقوة إيمانه ـ قد يقع منه نسيان وغفلة عن التوكل على الله، اعتماداً على ما في القلب من قوة ونشاط، وهذا غلط ينبغي التنبه إليه، والحذر منه، ومن تأمل في أدعية النبي صلى الله عليه وسلم وجده دائم الافتقار إلى ربه، ضارعاً إلى ربه أن لا يكله إلى نفسه طرفة عين، حتى ربى أمته على هذا المعنى في شيءٍ قد يظنه البعض بسيطاً أو سهلاً، وهو أن يقولوا: "لا حول ولا قوة إلا بالله" عند سماع المؤذن في الحيعلتين! (5). وقد أجمع العلماء على أن التوفيق، ألّا يكل اللّه العبد إلى نفسه، وأن الخذلان كل الخذلان أن يخلي بينه وبين نفسه! ومن توكل علي الله فهو حسبه ان الله. اللهم إنا نبرأ من كل حول وقوة إلا من حولك وقوتك، اللهم إنا نعوذ بك أن نوكل إلى أنفسنا طرفة، وإلى هنا أضع القلم، وإلى أن ألقاكم في حلقة قادمة بإذن الله. __________________ (1) ينظر: تفسير السعدي: (869). (2) المصدر السابق 1/244 بتصرف. (3) جميع ما تقدم من 1 – 15 من كلام الإمام اللغوي المفسر الفيروز آباديّ:، في كتابه: بصائر ذوي التمييز 2/313-315. (4) ينظر: المصدر السابق 2/225 بتصرف. (5) أخرجه الشيخان: البخاري ح (588) ومسلم ح (385)، ولم أشأ أن أستشهد بالحديث الذي رواه أبو داود وابن حبان وغيرهما: من حديث عبدالرحمن بن أبي بكرة أنه قال لأَبِيهِ س: يَا أَبَةِ إِنِّى أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ اللَّهُمَّ عَافِنِى فِى بَدَنِى اللَّهُمَّ عَافِنِى فِى سَمْعِى اللَّهُمَّ عَافِنِى فِى بَصَرِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ تُعِيدُهَا ثَلاَثًا حِينَ تُصْبِحُ وَثَلاَثًا حِينَ تُمْسِى.