وفي الختام نسأله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لإصلاح أنفسنا وإصلاح وأهلنا وجميع أناس العالم بنشر الدعوة إلى الخير والهدى، ويجعلنا من الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولا يخافون لومة لائم، إنه سميع قريب. وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله
(صحيح البخاري: ٣٠٠٩)
فكأن الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم أخبرنا بأن هداية ورشد رجلٍ واحدٍ خير للمسلم من أن يحصل على أغلى وأثمن أموال الدنيا ومتاعها، لأن الإبل الحمر أنفس أموال العرب، وليس هناك مال أثمن وأعظم منه، فهذا ترغيبٌ من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتشجيعٌ منه ليُقبل العبد على الدعوة إلى الله تعالى فيستحق بذلك الأجر العظيم. واجبنا تجاه ديننا:
أيها الإخوة الكرام علمنا فضل الدعوة إلى الله تعالى وأهميتها في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية، ومع ذلك تجلت مسؤولية الداعي إلى الله تجاه هذه الأمة، فعليه أن يحرص على هداية الناس وإصلاحهم، وأن يبذل ما في وسعه لإرشادهم إلى التمسك بالدين، وتطبيق سنن الحبيب صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وهذا هو الهدف الرئيسي لمركز الدعوة الإسلامية، الذي أسسه عليه فضيلة الشيخ محمد إلياس العطار القادري حفظه الله تعالى قائلًا: " علي محاولة إصلاح نفسي وجميع أناس العالم ". فهلموا بنا أيها الإخوة الكرام! نمارس دورنا في إصلاح أناس العالم تحت هذه المهمة العظيمة للمركز، وقبل البدء بإصلاح الآخرين نحتاج إلى إصلاح أنفسنا، وذلك يحصل بارتباطنا ببيئة متدينة كبيئة مركز الدعوة الإسلامية ، ومن ثم نسافر مع دعاة المركز في القافلة المدنية لنشر الدعوة إلى الله في العالم كله.
العلم قبل الدعوة إلى الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد:
فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم
أهمية الدعوة إلى الله:
الدعوة إلى الله تعالى لها شأن عظيم وفضل كبير، حيث قال ربنا جل شأنه:
((وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ)). (سورة فصلت: ٣٣)
كما أنها وظيفة أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام، حيث قال سبحانه وتعالى آمراً حبيبه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بها:
((ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ)). (سورة النحل: ١٢٥)
وكذلك الدعوة إلى الله تعالى هي ركن من أركان الدين، وأساس من أسس انتشار الإسلام، فقد قال تعالى:
((قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ)).
الدعوه الي الله الشيخ محمد راتب
[٦] والأصل في الدعوة أنها واجبةٌ على كُل مُسلمٍ ومُسلمة ، كُل شخصٍ بحسب قُدرته وبما أعطاه الله من العلم، ودلت الكثير من النُصوص على ذلك، ومنها أن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- قال في خطبة حجة الوداع: (لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ) ، [٧] [٨] وذهب بعض العُلماء إلى أنها من فُروض الكفاية؛ فإذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقي، وإذا تولاه البعض ا في القرية أو المدينة سقط الإثم عن الباقيين. [٩]
فضل الدعوة إلى الله
للدعوة إلى الله -تعالى- الكثير من الفضائل، ومنها ما يأتي: [١٠] [١١]
الدعوة مع العمل الصالح أحسن القول، لقوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ). [١٢]
الدعوة سببٌ لحصول الخيرية، لقوله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ). [١٣]
تحقيق الفلاح، ونيل الأجر والثواب والرفعة يوم القيامة. نيل ميراث الأنبياء وهو العلم. لنيل العزة، ومحبة الناس، والتأييد بنصر الله، واستجابة الدُعاء. [١٤]
أساليب الدعوة إلى الله
توجد العديد من الأساليب والطُرق للدعوة إلى الله، ومنها ما يأتي: [١٥]
طريق اللين؛ من خلال استخدام الحكمة والموعظة الحسنة ، وبيان الإسلام وأحكامه بأفضل الأساليب، وهذه الطريق المطلوبة في دعوة الناس، لقوله تعالى: (ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدينَ).
(سورة آل عمران: ١٠٤). ويظهر فضل الدعاة وخيريَّتُهم في هذه الآية الكريمة التي قال الله سبحانه فيها:
((كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ))
(سورة آل عمران: ١١٠). وكذلك تشير هذه الآية المباركة إلى أن سبب بقاء الخيرية في هذه الأمة بدعوتهم إلى الله تعالى، وأدائهم مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والدعوة إلى الله سبحانه هي سبب كسب الأجور العظيمة ومضاعفة الحسنات، حيث قال تعالى:
((لَّا خَيۡرَ فِي كَثِيرٖ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَٰحِۢ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا)). (سورة النساء: ١١٤)
والدعوة إلى الله تعالى هي تجارة رابحة في الآخرة وأحد أسباب الفلاح والسعادة فيها، فقد قال سبحانه:
((وَٱلۡعَصۡرِ (١) إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ (٢) إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ (٣))). (سورة العصر: ١-٣)
الأحاديث الدالة على فضلها:
وفي الحديث الشريف حثنا الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم على القيام بها، فقال:
«مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ».
وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال أبو أحمد ابن عدي: يروي أحاديث لا يرويها غيره، وأرجو أنه لا بأس به. وقال الإمام أحمد: أحاديثه أباطيل. وقال الذهبي: صالح الحديث. وقال ابن حجر: صدوق يخطئ، ورمي بالقدر، وكان يدلس. انظر: ميزان الاعتدال ١/ ٤٨٩؛ التهذيب ٢/ ٢٥٤؛ القريب ١/ ٢٠٤.
حكم استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة في غير البنيان - حقول المعرفة
لكن
كونه محرماً في البناء محل نظر ؛ لأن الأصل عدم التخصيص به صلى الله عليه وسلم ،
لكن يحتمل أن يكون هذا قبل النهي ، ويحتمل أنه خاص به عليه الصلاة والسلام ، فلهذا
لا يكون التحريم فيه مثل التحريم في الصحراء ، فالأولى للمؤمن ألا يستقبل في
الصحراء ولا في البناء ، ولا يستدبر. حكم استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة في غير البنيان - حقول المعرفة. في البناء أسهل وأيسر ، ولا سيما عند عدم تيسر ذلك لوجود المراحيض الكثيرة إلى
القبلة ، فحين إذن يكون الإنسان معذوراً لأمرين:
الأمر الأول: وجود المراحيض التي إلى القبلة ويشق عليه الانحراف عنها. الأمر الثاني: ما عرفت من حديث ابن عمر في استقبال النبي صلى الله عليه وسلم للشام
واستدباره الكعبة في قضاء حاجته في بيت حفصة ، هذا يدل على الجواز ، والأصل عدم
التخصيص له صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فيكون الفعل جائزاً مع أن الأولى ترك ذلك
في البناء ، ويكون في الصحراء محرماً لعدم ما يخص ذلك ، هذا هو الأقرب في هذه
المسألة. والله جل وعلا أعلم" انتهى. سماحة
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (2/574 ، 575).
وإذا كان في الفضاء يستحب له الإبعاد والاستتار حتى لا يُرى. وأدلة ذلك كله: حديث جابر رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يأتي البراز حتى يتغيب فلا يُرى». وحديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الخلاء، أن يقول: بسم الله». وحديث أنس رضي الله عنه: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث». وحديث عاثشة رضي الله عنها: «كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك». وحديث ابن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض».. المسألة الرابعة: ما يحرم فعله على من أراد قضاء الحاجة: يحرم البول في الماء الراكد؛ لحديث جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنه نهى عن البول في الماء الراكد». ولا يمسك ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يستنجي بها. لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه».