ذات صلة أسرار وفضائل سورة الضحى شرح وتفسير سورة الضحى المُبسط
شرح آيات سورة الضحى
سُمّيت سورة الضحى بهذا الاسم نسبة لأول آية فيها، قال -تعالى-: (وَالضُّحَى) ، [١] وإنّ محور السورة الذي تتحدث عنه هو مواساة النّبي -صلى الله عليه وسلم-، ولمسة حنان ربّانية خالصة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فجميع آياتها جاءت نجاء من الله له وطمأنينة لقلبه. [٢]
وسبب نزول سورة الضّحى هو فتور الوحي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لفترة من الزمن، وجبريل -عليه السلام- أبطأ على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان يقول المشركين: "قد ودّع محمّد"، [٢] وفي رواية في الصحيحين أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- مرض، فلم يقم لليلة أو ليلتين، فقالت له امرأة من المشركين: "ما أرى شيطانك إلا قد تركك"، [٣] فأنزل الله آية: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى). [٤] وتحتوي السورة على معاني ومقاصد كثيرة، وسيتم تفسير سورة الضّحى للأطفال والكبار كما يأتي:
الآية الأولى (وَالضُّحَى)
أقسم الله -تعالى- بالنّهار كلّه، بوقت الضّحى، وهو وقت ارتفاع الشّمس، [٥] والمعنى من قسمه والضّحى: أي وربّ الضحى وخالقها، [٦] فأقسم الله -تعالى- في هذه الآية؛ ليكون جواب القسم أنّه ما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- وما تخلّى عنه، ومنذ أحبّه لم يبغضه وفيها إشارة لمطلع شمس النّبوة ولن يقف مطلعها عند الحدّ الذي بلغه.
تفسير سورة الضحى للشعراوي
تفسير سورة الضحى في المنام وحلم قراءة سورة الضحى، كتابة وسماع سورة الضحى في الحلم وتفسير آية وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى في المنام تفسير حلم قراءة سورة الضحى ورمز الضحى في المنام رؤية سورة الضحى في المنام تدلّ على إكرام اليتامى والفقراء، وقيل قراءة سورة الضحى في الحلم ترمز للأمان والحماية، ورؤية سورة الضحى في المنام من الرؤى المبشرة لما لها من فوائد عند قراءتها ووصايا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بدوام قراءتها عند طلوع الشمس وعند غروبها. تقرؤون في هذا المقال تفسير حلم سورة الضحى لابن سيرين وغيره من كبار المفسرين، قراءة سورة الضحى في المنام وتفسير سماع سورة الضحى في المنام، معنى حفظ سورة الضحى في الحلم وتفسير آية وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى في المنام. قال ابن سيرين رؤية سورة الضحى في المنام ترمز على إكرام اليتامى والمساكين ، ومن رأى أنه يقرأ سورة الضحى في الحلم فإنه يأمن بعد خوفه، ورؤية شخص يقرأ سورة الضحى في المنام تدل على الخير والمنفعة من جهته للرائي، وقيل رؤية ترتيل سورة الضحى في الحلم تدلّ على الغنى وزيادة في الأموال. وقال الشيخ النابلسي رؤية سورة الضحى في المنام تدلّ على الجود والعطاء، وربما دلّت قراءة سورة الضحى في الحلم على البشرى بعد اليأس والرجاء بعد القنوط، ومن رأى آيات سورة الضحى في المنام فإنه يحصل على المنافع الكثيرة، ومن رأى أنه يقرأ سورة الضحى في الحلم فإنه يستغني بعد الفقر، والله أعلم.
تفسير سورة الضحى للاطفال Pdf
[3] وآيات سورة الضحى (11)، تتألف من (40) كلمة في (165) حرف، وتعتبر هذه السورة من حيث المقدار من السور المفصلات ، أي: السور التي لها آيات متعددة وصغيرة. [4]
ترتيب نزولها
مقالة مفصلة: ترتيب سور القرآن
سورة الضحى من السور المكية ، [5] ومن حيث الترتيب نزلت على النبي (ص) بالتسلسل الحادي عشر، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء الثلاثين بالتسلسل الثالث والتسعون من سور القرآن. [6]
سبب نزولها
قيل: إنَّه لما تأخر عن النبي (ص) الوحي خمس عشرة ليلة قال قوم من المشركين: ودّعَ الله محمداً وقلاه، فأنزل الله تعالى هذه السورة تكذيباً لهم وتسليةً للنبي لأنَّه حزن بأنقطاع الوحي عنه، [7] ثم بيّنت الآيات المتفرعة على التي سبقتها نِعم الله تعالى على النبي ، كأنه قيل: فقد وجدت ما يجده اليتيم من ذلة وانكسار فلا تقهره، ووجدت مرارة حاجة الضال إلى الهدى والسائل إلى الغنى فلا تزجره، ووجدت أنّ ما عندك من نعمةٍ أنعمها عليك ربك بجوده وكرمه ورحمته، فاشكر نعمته بالتحديث بها ولا تسترها. [8]
وفي الآية الرابعة والخامسة ورد عن الإمام الصادق أنه قال: دخل رسول الله على فاطمة وهي تطحن بالرّحى، وعليها كِساء من أجلّة الإبل، فلما نظر إليها بكى، وقال لها: يا فاطمة تعجّلي مرارة الدنيا بنعيم الآخرة غداً، فأنزل الله تعالى عليه: ﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾.
تفسير سورة الضحى الطبري
[١٩]
الآية العاشرة (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ)
أمر الله -سبحانه وتعالى- النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ويُذكره، فكما كنت ضالًا وهديتك، فلا تردّ من استرشدك لأمر من أموره، فالسائل في هذه الآيه إمّا طالب العلم ومسترشده، وإما طالب الصدقة، وفي كلا الحالتين فلا تردّه واقضِ حاجته بحسب قدرتك، والقصد بلا تنهر، أي لا تزجره، والنهي هنا عن الغلط في القول والفعل، فعلى المسلم أن يكتفي بالرد الجميل. [٢٠]
الآية الحادية عشر (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)
أمر الله -سبحانه وتعالى- النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يذكر نعمة الله عليه ويشكره عليها، وكذلك المسلم، فالله يحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده، وأن يظهر فضل الله عليه بالنعم، فلا يُنكر ولا يُقتّر، فعلى المسلم أن يشكر الله قولًا ويشكره عملًا، فيُقرّ بما وهبه الله إياه في الدّنيا فلا يكون بمظهر يوحي بعكس ما أعطاه الله له. [٢١] سورة الضحى نزلت كمواساة ونجاء من الله إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لما قالوه المشركين عن تركه له، وفيها ذكر الله -سبحانه وتعالى- نعمه عليه فهو آواه في اليتم وأغناه في الفقر وهداه من الضلال، ثم أمره بالإحسان إلى اليتيم وعدم رد السائل والحديث عن نعم الله عليه.
تفسير ابن كثير سورة الضحى
قوله - تعالى -: ﴿ وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى ﴾:
كقوله: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]. قوله - تعالى -: ﴿ وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ﴾:
أي: كنت فقيرًا ذا عيال، فأغناك الله عمَّن سواه، فجمع له بين مقامي الفقير الصابر والغني الشاكر - صلوات الله وسلامه عليه. وفي " صحيح مسلم " من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((قد أفلح من أسلم، ورُزق كفافًا، وقنَّعه الله بما آتاه)) [5] ، وفي صحيحي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ليس الغنى عن كثرة العَرَض؛ إنما الغنى غنى النفس)) [6]. قوله - تعالى -: ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ﴾:
أي: كما كنتَ يتيمًا فآواك الله، فلا تقهر اليتيم؛ أي: لا تذلَّه وتنهره وتُهنه، ولكن أحسِنْ إليه وتلطَّفْ به. قوله - تعالى -: ﴿ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ﴾:
أي: كما كنت ضالاًّ فهداك الله، فلا تنهر السائل في العلم المسترشد.
[١١]
الآية الخامسة (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)
يُبشّر الله -سبحانه وتعالى- النّبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أنّ عطاءه في الآخرة أفضل بكثير مما في الدّنيا، وسيعطيه من الثواب، والمنزلة، والكرامة حتى يرضى النبي -صلى الله عليه وسلم-، واختلف المفسرون في مناسبة هذه الآية، فقيل إنّ القصد فيها قصور من اللؤلؤ وتُرابها المسك قرابة الألف قصر، وقيل إنه شفيع لأمّته حتى يرضى. [١٢]
وقيل بحسب ما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- بإسناد ضعيف أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم-: (دخَلَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- على فاطمَةَ -رضيَ اللَّهُ تعالى عنهَا- وهي تطحنُ بالرَّحى, وعليها كساءٌ من وبَرِ الإبلِ, فلمَّا نظرَ إليها بكَى وقال: يا فاطمةُ تجرَّعي مرارةَ الدُّنيا لنعيمِ البد فأُنزِلَ عليهِ: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)). [١٣]
الآية السادسة (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى)
يُعدّد الله في هذه الآية والآيات التي بعدها ما منّه على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان يتيمًا فجعل له مأوى عند عمّه أبي طالب، فكفله وحفظه، واليتيم في اللغة؛ مَنْ مات والده قبل البلوغ أي لا أب له.
تعتبر هذه القاعدة من القواعد الاساسية ايضا في تحديد من يقع عليه عبء الاثبات فهي قاعدة عامة مختصرة الكلمات واضحة المعنى، وذلك لانها تبين الطرف الذي يتحمل عناء او مشقة القيام بالاثبات، كما توضح الطرف الذي يتحمل عبء حلف اليمين بعد ان يعجز الطرف الاول في الدعوى عن القيام بما كلف به. هذه القاعدة من القواعد المتفق عليها بين الفقهاء شرعاً وقانوناً(1). ولبيان اهمية هذه القاعدة نتناولها بالبحث في الفقه الاسلامي والقانوني. اولاً- قاعدة البينة على المدعي واليمين على من انكر في الفقه الاسلامي. هذه القاعدة يشتمل معناها على شقين: الشق الاول- البينة على المدعي: الشق الاول: وهذا فحواه ان الذي يتحمل عبء الاثبات مبدئياً هو المدعي؛ لانه المكلف باقامة البينة؛ وذلك لانه من المفهوم سلفا ان كل خبر يحتمل الصدق والكذب، والادعاء المجرد لا يخرج عن كونه خبراً لا يكون صادقاً ما لم يستند بالحجة الراجحة الواضحة(2). والمقصد في جعل البينة في جانب المدعي هي ان جانبه ضعيف؛ لانه يدعي خلاف الظاهر اصلاً، ولاظهار قوته وكشف ما استتر واثبات عكس الظاهر الذي يبدو معهوداً للكافة ليس على حقيقته، يستلزم الامر منه البينة. اما المدعي عليه فلا يكلف باقامة البينة؛ لان قوله مؤيد بالظاهر، لكن اذا اقام الطرف الاول في الدعوى البينة الواضحة الصريحة الراجحة ولو كانت ظنية راجحة، وجب الامر على القاضي ان يفصل في الدعوى بالحكم لصالح المدعي ما دامت كافية لاثبات الحق ومخالفة الظاهر وليس للمدعي عليه في هذه الحالة الحق في طلب تحليف المدعي على صحة البينة او على استحقاقه المدعي به؛ لان ذلك يشكل اخلالا كبيرا لهذه القاعدة ولتعطلت مصالح الناس بعد ان اشترط المشرع البينة على المدعي، ولهذا يفترض صدق بينة المدعي، ولا يملك المدعي عليه الحق في تحليفه اليمين على صدق بينته(3).
قاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر
فإذا البينات على الصحيح ليست منحصرة في أوجه من أوجه الثبوت، بل هي عامة في كل ما يبين الحق، ويظهره، وهذه تستجد مع الأزمان، وكل زمن له بينات تختلف أيضا، وتزيد عن الزمن الذي قبله، أو تختلف، فلا بد إذا في البينات من رعاية الحال ورعاية البلاد ورعاية أعراف الناس إلى آخره، فإذا تقرر هذا، فالبينة في اللغة: اسم للبيان، وما يبين به الشيء، يقال له: بينة، وأرفع منها البرهان، وأرفع من البرهان الآية، وقد قال -جل وعلا - ﴿ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ ﴾ (2). يعني: ما جئتنا بشيء يبين أنك صادق في ذلك، يعني: في دعوى النبوة، ودعوى الرسالة، وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك، وقال -جل وعلا -: ﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ﴾ (3) فجعل البينة هي الرسول، وفي الآية الأولى البينة يؤتاها الرسول، فتنوعت البينة؛ لأن البينة اسم لما يظهر الحق، ويدل عليه؛ فلهذا قيل للرسول إنه بينة، وللكتاب إنه بينة، وللشاهد إنه بينة، وهكذا. فالبينة إذن على التحقيق أنها اسم عام جامع لكل ما يبين الحق، ويظهره، قال: ولكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر، والعلماء يعبرون عن ذلك بقولهم: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، وهذا من باب التصرف في العبارة، وذكر -أيضا- وروي -أيضا- في بعض روايات هذا الحديث، وأجمع أهل العلم على ما دل عليه هذا الحديث: من أن البينة على المدعي، وأن المدعي لا تؤخذ دعواه، ولا يلتفت لها من حيث مطالبته بشيء، حتى يأتي ببينة تثبت له هذا الحق.
البينة على المدعي واليمين على من أنكر
9454
2008/07/19
2022/04/21
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو يُعطى الناسُ بدَعْواهم لادَّعى رجالٌ دماءَ قوم وأموالهم. ولكن اليمين على المدعى عليه" رواه مسلم. وفي لفظ عند البيهقي: "البينة على المدعي، واليمين على من أنكر". هذا الحديث عظيم القدر. وهو أصل كبير من أصول القضايا والأحكام؛ فإن القضاء بين الناس إنما يكون عند التنازع: هذا يدّعي على هذا حقاً من الحقوق، فينكره، وهذا يدعي براءته من الحق الذي كان ثابتاً عليه. فبين صلى الله عليه وسلم أصلاً يفض نزاعهم، ويتضح به المحق من المبطل. فمن ادعى عيناً من الأعيان، أو ديناً، أو حقاً من الحقوق وتوابعها على غيره، وأنكره ذلك الغير: فالأصل مع المنكر. فهذا المدعي إن أتى ببينة تثبت ذلك الحق: ثبت له، وحُكم له به وإن لم يأت ببينة: فليس له على الآخر إلا اليمين. وكذلك من ادعى براءته من الحق الذي عليه، وأنكر صاحب الحق ذلك، وقال: إنه باق في ذمته، فإن لم يأت مدعي الوفاء والبراءة ببينة، وإلا حكم ببقاء الحق في ذمته؛ لأنه الأصل. ولكن على صاحب الحق اليمين ببقائه. وكذلك دعوى العيوب، والشروط، والآجال، والوثائق: كلها من هذا الباب.
قاعدة البينة على المدعي
عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدعوَاهُمْ لادَّعَى رِجَالٌ أَمْوَال قَومٍ وَدِمَاءهُمْ، وَلَكِنِ البَينَةُ عَلَى المُدَّعِي، وَاليَمينُ عَلَى مَن أَنكَر" حديث حسن رواه البيهقي هكذا بعضه في الصحيحين. قوله: (لَو يُعطَى) المعطي هو من له حق الإعطاء كالقاضي مثلاً والمصلح بين الناس. وقوله: (بِدَعوَاهُم) أي بادعائهم الشيء،سواء كان إثباتاً أو نفياً. قوله: (لادعى) هذا جواب "لَو" قوله: (لادعَى رِجَال) المراد بهم الذين لا يخافون الله تعالى،وأما من خاف الله تعالى فلن يدعي ما ليس له من مال أو دم، (أَموَال قَوم) أي بأن يقول هذا لي، هذا وجه. ووجه آخر أن يقول: في ذمة هذا الرجل لي كذا وكذا ، فيدعي ديناً أو عيناً. قوله: (وَدِمَاءهُم) بأن يقول: هذا قتل أبي، هذا قتل أخي وما أشبه ذلك، أو يقول: هذا جرحني، فإن هذا نوع من الدماء. قوله: (وَلَكِنِ البَينَةُ) البينة:ما يبين به الحق، وتكون في إثبات الدعوى (عَلَى المُدَعي) (وَاليَمين) أي دفع الدعوى (عَلَى مَنْ أَنكَر). فهنا مدعٍ ومدعىً عليه، والمدعي: عليه البينة، والمدعى عليه: عليه اليمين ليدفع الدعوى.
ولكن البينة على المدعي
قوله: (وَاليَمين عَلَى مَنْ أَنكَر) أي من أنكر دعوى المدعي. هذا الحديث أصل عظيم في القضاء، وهو قاعدة عظيمة في القضاء ينتفع بها القاضي وينتفع بها المصلح بين اثنين وما إلى ذلك.
البينة على المدعي واليمين
عدم وجود بينة طلب يمين المدعى عليه الحاضر واستعد بذلك
فجرى سؤال المدَّعي هل لديك بينة تثبت دعواك؟ أجاب قائلاً: " لا " ليس لديَّ بيِّنة حاضرة، وأطلب يمين المدَّعى عليه على نفي ما جاء في دعواي، هكذا أجاب. وبعرض اليمين على المدعى عليه على نفي دعوى المدعي بأنه ……… فقرر قائلاً: نعم مستعد ببذل اليمين على نفي دعوى المدعي بأني ……….. فأذنت له، وحلف بالله قائلاً: " والله العظيم الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة إنَّ ………………. والله العظيم" هكذا حلف. عدم وجود بينة طلب يمين المدعى عليه الحاضر رفض اليمين
فجرى سؤال المدَّعي هل لديك بينة تثبت دعواك؟ أجاب قائلاً: " لا " ليس لديَّ بيِّنة حاضرة، وأطلب يمين المدَّعى عليه على نفي ما جاء في دعواي، هكذا أجاب. وبعرض اليمين على المدعى عليه على نفي دعوى المدعي بأنه ……… فقرر قائلاً: غير مستعد ببذل اليمين هكذا قرر. فجرى من الدائرة إنذاره ثلاث مرات بأنه إذا لم يحلف اليمين المطلوبة، فسيقضى عليه بالنكول، فلم يزد على قوله: لن أحلف اليمين المطلوبة هكذا قرر. عدم وجود بينة طلب يمين المدعى عليه الغائب
وبما أن المدعى عليه لم يحضر رغم تبلّغه لشخصِه فقد فجرى سؤال المدعي عن بينته على دعواه؟ أجاب قائلاً: ليس لديَّ بيِّنة حاضرة، وأطلب يمين المدَّعى عليه على نفي ما جاء في دعواي، هذا ما لديَّ.
وقالَ النَّوويُّ: (وهذا الحديثُ قاعدةٌ كبيرةٌ مِن قواعدِ أحكامِ الشَّرعِ). وضعَ هذا الحديثُ أسسَ الحكمِ بينَ النَّاسِ، حتَّى تُصانَ الحقوقُ، وتحفَظَ الأعراضُ ويُقامَ العدلُ، ويأخذَ كلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ. أنواعُ البيِّنَةِ: المقصودُ بالبيِّنَةِ الشَّهادةُ، لأنَّها تكشفُ الحقَّ، وهي دليلٌ علَى صدقِ المدَّعِي، وذلك أنَّ الشَّهادةَ تعتمدُ علَى الحضورِ والمعاينةِ لما ادَّعاهُ المدَّعِي. وهي أضربٌ:
1 - الزِّنَا، قالَ تعالَى: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} ، وقالَ تعالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ} ، فشهادةُ الزِّنَا يُشْتَرَطُ فيها أن تكونَ أربعةً مِن الرِّجالِ ولا تُقْبَلُ شهادةُ النِّساءِ. 2 - القتلُ، والسَّرقةُ، والخمرُ، والقذفُ، وتُسَمَّى عندَ الفقهاءِ بالحدودِ، قالَ تعالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} ، فلا بدَّ مِن شهادةِ رجلين، ولا تُقبَلُ شهادةُ النِّساءِ، وألحقَ بعضُ الفقهاءِ الشَّهادةَ علَى النِّكاحِ والطَّلاقِ مع الحدودِ، فلا بدَّ مِن شاهدينِ.