بل إنَّ المثليَّة في الآية المباركة مساوقٌ للعينيَّة، ومَنشأُ التَّعبير بالمثليَّة هو أنَّ البدن حينما بَلِيَ وتلاشى بعد الموت فإنَّ إعادته كما هُوَ يكون بمثابة الخَلق الجديد المصحِّح لإطلاق عُنوان المثليَّة عليه كما يشير لذلك قولُهُ تعالى في سورة السَّجدة ﴿أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ﴾ (5)، فإنَّ المُصحِّحَ لتوصيف البدن بعد بعثه بالجديد هو أنَّه بعد أنْ ضلَّ في الأرض أي تَفَرَّقَت أجزاؤُهُ وتلاشت عِظَامُهُ فإنَّ بعثه بعدئذٍ يكون بمثابة الخلق الجديد، أي المخلوق الجديد. فالمصحِّح لاطلاق المِثليَّة والجديد على البدن بعد بعثه إنَّما هو باعتبار أنَّه مُنشّأٌ بإنشاءٍ ثانٍ، فالإنشاء الأوَّل والذي وقع في الدّنيا غير الإنشاء الثّاني الذي يقع في الآخرة وإنْ كانت المادَّة المُنشَّأَة في النَّشأتَين واحدة، فالإنسان في الدّنيا والآخرة كالكوز المصنوع من الفخّار فلو أنَّ أحدًا هشَّم الكوز ثُمَّ أعاد صياغته بعين المادَّة الفخّارية التي كان مكونًا منها فإنّه يصحّ أنْ يُقال أنَّ هذا الكوز بعد صياغته الثَّانية هو عين الكوز الأوَّل كما يصحُّ أن يُقال أنَّه مثلُه بلحاظ تعدّد الصّياغة، وإنْ كانت المادَّة متَّحدة.
هل سؤال وعذاب القبر ونعيمه للبدن فقط؟
سماحة الشيخ محمّد صنقور
إنَّ ما يُبعث يوم القيامة هو عين البدن
المسألة:
عند رجوع الأرواح إلى الأبدان في يوم القيامة هل يعيدُها الله تعالى إلى عين البدن الذي كانت متعلّقة به في الحياة الدّنيا أم أنَّ الله تعالى يخلق لها بدنًا آخر مِثل هذا البدن كما في قوله تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾ (1)؟ وما المقصود بكلمة: (مثل)؟. الجواب:
ما يُبعث هو عين البدن:
نعم الذي يبعثُه اللهُ تعالى يوم القيامة هو عينُ البدن الذي كان في الدُّنيا، وقد نصَّ القرآنُ الكريم والرّواياتُ الواردة عن الرَّسول(ص) وأهل بيتِه (ﻉ) على ذلك. هل سؤال وعذاب القبر ونعيمه للبدن فقط؟. فمِن الآيات الدَّالة على ذلك قوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ / بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ (2). وقوله تعالى: ﴿.. قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ (3). معنى قوله ﴿يَخْلُقَ مِثْلَهُم﴾:
وأمَّا قوله تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾ (4)، فالمُراد من المثليّة في الآية المباركة ليس هو المُشابَهَة حتى يُقال أنَّ البدن الذي يُبعث يوم القيامة هو غيرُ البدن الذي كان في الدنيا غايته أنَّه يُشبهه ويماثلُه.
ما معنى الغسل في الاسلام ؟ - الموسوعة الفقهية - الدرر السنية
– " وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ": تتحدث هذه الآية عن أن الأنبياء كانوا رجالاً أحياء ذوي أجسام متحركة، ولم يكونوا أجساداً هامدة. وبذلك نرى أنه تم استخدام كلمة جسد في القرآن للدلالة على الجماد أو الميت أو الجثة والجسم بلا روح أو حياة. ثالثًا: البدن
أما البدن فيشير إلى ما سوى الرأس من الجسد ويكون غليظ وسمين، وجسم الإنسان كله جسد، فإذا قُطع بعض أطراف شخص فيقال قُطع شيء من جسده وليس من بدنه. والبدن في اللغة هي الجسد الضخم، ومنه تأتي كلمة البدنة، أي الناقة أو البقرة السمينة التي يُضحى بها. وقد وردت كلمة بدن في القرآن الكريم للدلالة على الضخامة. – "فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ": وتشير هذه الآية أن الله نجى جسم فرعون كاملا غير منقوص للعبرة. ونستخلص مما سبق أن الجسم تُطلق على البدن الذي به حياة وروح وحركة، أما الجسد فتُطلق على التمثال الجامد أو بدن الإنسان بعد وفاته وخروج روحه، أما البدن فيتم استخدامها للدلالة على الضخامة.
من المعروف أن اللغة العربية من أكثر اللغات الغنية بالكلمات والمترادفات، فهي اللغة التي شرفها الله تعالى بنزول القرآن بها، كما أنها لغة أهل الجنة. وقد نرى الكثير من الكلمات التي نظنها أنها مترادفات لبعضها ولا يوجد أي خلاف بينهم، ولكننا إذا أمعنا النظر وتأملناهم جيدًا وجدنا أن لكل منهم استخدام دقيق يختص به دون غيره. وفي هذا المقال نتناول الفرق بين كلمات الجسم والجسد والبدن. تعريفات الجسم والجسد والبدن
أولًا: الجسم
يُطلق كلمة الجسم في اللغة على جماعة البدن والأعضاء من الناس والدواب والإبل وغيرها من الأنواع عظيمة الخلق. وتُستخدم كلمة جسم كاستعارة للدلالة على الشيء، أي أن الجسم هو ما كان فيه روح وهو عموم الشكل الخارجي للهيكل بعظامه ولحمه ودمه. وقد وردت كلمة جسم في القرآن مرتين وجاءت للدلالة على جسم الإنسان الذي به روح. – " إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْم ِ": في هذه الآية يتحدث الله عن طالوت ليكون ملكًا على بني إسرائيل. – " وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ": في هذه الآية يتحدث الله عن اهتمام المنافقين بأجسامهم عن قلوبهم واهتمامهم بالشكل والصورة على حساب المضمون.