بحث قصير عن شجرة سدرة المنتهى، وأوصافها، ومكانها، ولماذا سميت بهذا الاسم. بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم، وبعد: { وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى. إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} [النجم:13- 16]. - موضع ذكرها في القرآن الكريم: ذُكرت (سِدرة المُنتهى) في القرآن الكريم مرة واحدة فقط في سورة النجم كما في الآيات السابقة، وذُكرت في نفس السورة بلفظ (السِدرة). وهذه الآيات تصف جزء من رحلة الإسراء والمعراج والتي هي من معجزات نبينا المُصطفى صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم. { وَلَقَدْ رَآَهُ}: أي رأى النبي ُ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم جبريلَ عليه السلام. { نَزْلَةً أُخْرَى}: أي مرة أخرى. والمعنى أن الرسول صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم رأى جبريل عليه السلام مرة أخرى بصورته التي خلقه الله عليها بستمائة جناح، وكانت المرة الأولى التي يراه بصورته عندما نزل عليه جبريل عليه السلام بالرسالة وقال له (اقرأ). فكانت المرة الثانية التي يرى فيها النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم جبريل عليه السلام بصورته التي خُلق عليها في رحلة الإسراء والمعراج عند سدرة المنتهى.
سدرة المنتهى عند الشيعة
شرح حديث
لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهي به إلى سدرة المنتهى
عَنْ عَبْدِ الله بن مسعود، قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم انْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ. إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُعْرَجُ بِهِ مِنَ الأَرْضِ. فَيُقْبَضُ مِنْهَا. وَإِلَيْهَا يُنْتَهِى مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا. قَالَ: ﴿ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ﴾ [النجم: 16] قَالَ: فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ: فَأُعْطِيَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثاً: أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ. وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِالله مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئاً الْمُقْحِمَاتُ رواه مسلم. ترجمة راوي الحديث:
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، تقدمت ترجمته في الحديث الحادي والثلاثين من كتاب الإيمان. تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم، حديث (173)، وانفرد به عن البخاري، وأخرجه الترمذي في " كتاب تفسير القرآن" " باب ومن سورة النجم" حديث (3276)، وأخرجه النسائي في " كتاب الصلاة " " باب فرض الصلاة وذكر اختلاف الناقلين في إسناد حديث أنس بن مالك رضي الله عنه واختلاف ألفاظهم" حديث (450).
لماذا توقف جبريل عند سدرة المنتهى
الثامن: هي شجرة على رءوس حملة العرش إليها ينتهي علم الخلائق; قاله كعب أيضا. قلت: يريد - والله أعلم - أن ارتفاعها وأعالي أغصانها قد جاوزت رءوس حملة العرش; ودليله على ما تقدم من أن أصلها في السماء السادسة وأعلاها في السماء السابعة ، ثم علت فوق ذلك حتى جاوزت رءوس حملة العرش. والله أعلم. التاسع: سميت بذلك لأن من رفع إليها فقد انتهى في الكرامة. وعن أبي هريرة لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى فقيل له: هذه سدرة المنتهى ينتهي إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك; فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، وإذا هي شجرة يسير الراكب المسرع في ظلها مائة عام لا يقطعها ، والورقة منها تغطي الأمة كلها; ذكره الثعلبي.
حوار الرسول مع الله عند سدرة المنتهى
-و قد تحدث عنها بعض الأئمة و المفسرين ، حين قال أنه هذه الشجرة ، ينتهي عندها العالم ، و هي أحد أصول عرش الرحمن ، و ما خلفها هو غيب لا يعرفه إلا الله. – و في حديث عن رسول الله ، يحكي عن سر التسمية ، حيث يقول حدثنا محمد بن عمارة ، قال: ثنا سهل بن عامر ، قال: ثنا مالك ، عن الزُّبير ، عن عديّ ، عن طلحة اليامي ، عن مرّة ، عن عبد الله ، قال: لما أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة ، إليها ينتهي من يعرج من الأرض أو من تحتها ، فيقبض منها ، و إليها ينتهي ما يهبط من فوقها ، فيقبض فيها.
ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى
وروى الترمذي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - وقد ذكر له سدرة المنتهى - قال: " يسير الراكب في ظل الغصن منها مائة سنة أو يستظل بظلها مائة راكب - شك يحيى - فيها فراش الذهب كأن ثمرها القلال " قال أبو عيسى: هذا حديث حسن. قلت: وكذا لفظ مسلم من حديث ثابت عن أنس ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى وإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشيها من أمر الله عز وجل ما غشي تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها. واختلف لم سميت سدرة المنتهى على أقوال تسعة ؛ الأول: ما تقدم عن ابن مسعود أنه ينتهي إليها كل ما يهبط من فوقها ويصعد من تحتها. الثاني: أنه ينتهي علم الأنبياء إليها ويعزب علمهم عما وراءها; قاله ابن عباس. الثالث: أن الأعمال تنتهي إليها وتقبض منها; قاله الضحاك. الرابع: لانتهاء الملائكة والأنبياء إليها ووقوفهم عندها; قاله كعب. الخامس: سميت سدرة المنتهى لأنها ينتهي إليها أرواح الشهداء; قاله الربيع بن أنس. السادس: لأنه تنتهي إليها أرواح المؤمنين; قاله قتادة. السابع: لأنه ينتهي إليها كل من كان على سنة محمد صلى الله عليه وسلم ومنهاجه; قاله علي رضي الله عنه والربيع بن أنس أيضا.
وجُمْلَةُ ﴿ما زاغَ البَصَرُ وما طَغى﴾ مُعْتَرِضَةٌ وهي في مَعْنى جُمْلَةِ ﴿ولَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى﴾ إلى آخِرِها، أيْ: رَأى جِبْرِيلَ رُؤْيَةً لا خَطَأ فِيها ولا زِيادَةَ عَلى ما وصَفَ، أيْ: لا مُبالَغَةَ. (p-١٠٢)والزَّيْغُ: المَيْلُ عَنِ القَصْدِ، أيْ: ما مالَ بَصَرُهُ إلى مَرْئِيٍّ آخَرَ غَيْرِ ما ذُكِرَ، والطُّغْيانُ: تَجاوَزُ الحَدِّ. وجُمْلَةُ ﴿لَقَدْ رَأى مِن آياتِ رَبِّهِ الكُبْرى﴾ تَذْيِيلٌ، أيْ: رَأى آياتٍ غَيْرَ سِدْرَةِ المُنْتَهى، وجَنَّةِ المَأْوى، وما غَشِيَ السِّدْرَةَ مِنِ البَهْجَةِ والجَلالِ، رَأى مِن آياتِ اللَّهِ الكُبْرى. والآياتُ: دَلائِلُ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعالى الَّتِي تُزِيدُ الرَّسُولَ ارْتِفاعًا.