فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم فتولوا عنه مدبرين في النجوم في علم النجوم أو في كتابها أو في أحكامها ، وعن بعض الملوك أنه سئل عن مشتهاه ، فقال: حبيب أنظر إليه ، ومحتاج أنظر له ، وكتاب أنظر فيه. كان القوم نجامين ، فأوهمهم أنه استدل بأمارة في علم النجوم على أنه يسقم فقال إني سقيم إني مشارف للسقم وهو الطاعون ، وكان أغلب الأسقام عليهم ، وكانوا يخافون العدوى ليتفرقوا عنه ، فهربوا منه إلى عيدهم وتركوه في بيت الأصنام ليس معه أحد ، ففعل بالأصنام ما فعل. فإن قلت: كيف جاز له أن يكذب ؟ قلت: قد جوزه بعض الناس في المكيدة في الحرب والتقية ، وإرضاء الزوج والصلح بين المتخاصمين والمتهاجرين. فنظر نظرة في النجوم فقال اني سقيم. والصحيح: أن الكذب حرام إلا إذا عرض وورى ، والذي قاله إبراهيم عليه السلام معراض [ ص: 217] من الكلام ، ولقد نوى به أن من في عنقه الموت سقيم. ومنه المثل: كفى بالسلامة داء. وقول لبيد [من الكامل]: فدعوت ربي بالسلامة جاهدا ليصحني فإذا السلامة داء
وقد مات رجل فجأة فالتف عليه الناس وقالوا: مات وهو صحيح ، فقال أعرابي: أصحيح من الموت في عنقه. وقيل: أراد: إني سقيم النفس لكفركم.
- فنظر نظرة في النجوم
- إعراب قوله تعالى: فنظر نظرة في النجوم الآية 88 سورة الصافات
- ص55 - كتاب تفسير الماوردي النكت والعيون - - المكتبة الشاملة
فنظر نظرة في النجوم
ويحتمل مجيئه إلى ربه وجهين: أحدهما عند دعائه إلى توحيده وطاعته؛ الثاني عند إلقائه في النار. {إذ قال لأبيه} {لأبيه} وهو آزر، وقد مضى الكلام فيه. {وقومه ماذا تعبدون} تكون {ما} في موضع رفع بالابتداء و{ذا} خبره. ويجوز أن تكون {ما} و{ذا} في موضع نصب بـ {تعبدون}. {أئفكا} نصب على المفعول به؛ بمعنى أتريدون إفكا. قال المبرد: والإفك أسوأ الكذب، وهو الذي لا يثبت ويضطرب، ومنه ائتفكت بهم الأرض. {آلهة} بدل من إفك {دون الله تريدون} أي تعبدون. ويجوز أن يكون حالا بمعنى أتريدون ألهة من دون الله آفكين. فنظر نظرة في النجوم. {فما ظنكم برب العالمين} أي ما ظنكم به إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره؟ فهو تحذير، مثل قوله: {ما غرك بربك الكريم} [الانفطار: 6]. وقيل: أي شيء أوهمتموه حتى أشركتم به غيره. قوله تعالى: {فنظر نظرة في النجوم} قال ابن زيد عن أبيه: أرسل إليه ملكهم إن غدا عيدنا فاخرج معنا، فنظر إلى نجم طالع فقال: إن هذا يطلع مع سقمي. وكان علم النجوم مستعملا عندهم منظورا فيه، فأوهمهم هو من تلك الجهة، وأراهم من معتقدهم عذرا لنفسه؛ وذلك أنهم كانوا أهل رعاية وفلاحة، وهاتان المعيشتان يحتاج فيهما إلى نظر في النجوم. وقال ابن عباس: كان علم النجوم من النبوة، فلما حبس الله تعالى الشمس على يوشع بن نون أبطل ذلك، فكان نظر إبراهيم فيها علما نبويا.
إعراب قوله تعالى: فنظر نظرة في النجوم الآية 88 سورة الصافات
( فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم) قال ابن عباس: كان قومه يتعاطون علم النجوم فعاملهم من حيث كانوا لئلا ينكروا عليه ، وذلك أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم ليلزمهم الحجة في أنها غير معبودة ، وكان لهم من الغد عيد ومجمع ، وكانوا يدخلون على أصنامهم [ ويقربون لهم القرابين] ، ويصنعون بين أيديهم الطعام قبل خروجهم إلى عيدهم - زعموا - للتبرك عليه فإذا انصرفوا من عيدهم أكلوه ، فقالوا لإبراهيم: ألا تخرج غدا معنا إلى عيدنا ؟ فنظر إلى النجوم فقال: إني سقيم. قال ابن عباس: مطعون ، وكانوا يفرون من الطاعون فرارا عظيما. ص55 - كتاب تفسير الماوردي النكت والعيون - - المكتبة الشاملة. قال الحسن: مريض. وقال مقاتل: وجع. وقال الضحاك: سأسقم.
ص55 - كتاب تفسير الماوردي النكت والعيون - - المكتبة الشاملة
قوله ﴿فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ﴾
يقول: فتولوا عن إبراهيم مدبرين عنه، خوفا من أن يعدِيَهُمْ السقم الذي ذكر أنه به. ⁕ حُدثت عن يحيى بن زكريا، عن بعض أصحابه، عن حكيم بن جُبَير، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ يقول: مطعون فتولَّوا عنه مدبرين، قال سعيد: إن كان الفرار من الطاعون لقديما. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد عن قتادة ﴿فَتَوَلَّوْا﴾ فنكصوا عنه ﴿مُدْبِرِينَ﴾ منطلقين. وقوله ﴿فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ﴾
يقول تعالى ذكره: فمال إلى آلهتهم بعد ما خرجوا عنه وأدبروا؛ وأرى أن أصل ذلك من قولهم: راغ فلان عن فلان: إذا حاد عنه، فيكون معناه إذا كان كذلك: فراغ عن قومه والخروج معهم إلى آلهتهم؛ كما قال عدي بن زيد:
حِينَ لا يَنْفَعُ الرَّوَاغُ وَلا يَنْ... فَعُ إلا المُصَادِقُ النِّحْرِيرُ [[البيت نسبه المؤلف لعدي بن زيد العبادي، ولم أجده في ترجمته في الأغاني ولا في شعره في شعراء النصرانية. ولعله من قصيدته التي مطلعها" أرواح مودع أم بكور". إعراب قوله تعالى: فنظر نظرة في النجوم الآية 88 سورة الصافات. واستشهد به المؤلف عند قوله تعالى:" فراغ عليهم ضربا باليمين" على أن معنى راغ: حاد. وفسره بعضهم بمال. " وفي اللسان: روغ" راغ يروغ روغا وروغانا: حاد.
8- علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إنما نحن كنجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم، حتى إذا أشرتم بأصابعكم وملتم بأعناقكم، غيب الله عنكم نجمكم، فاستوت بنو عبدالمطلب، فلم يعرف أي من أي، فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربكم ". (2)
قال العلامة المجلسي في مرآة العقول ج4 ص45: موثق حسن
- النجومُ أمانٌ لأهلِ السماءِ وأهلُ بيتي أمانٌ لأمتي
الراوي: سلمة بن الأكوع | المحدث: محمد جار الله الصعدي | المصدر: النوافح العطرة
الصفحة أو الرقم: 423 | خلاصة حكم المحدث: حسن
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع كتاب كمال الدين وتمام النعمة - الصدوق - ص 282. (2) راجع كتاب الكافي - الكليني - ج 1 ص 338.
فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ قوله تعالى: {وإن من شيعته لإبراهيم} قال ابن عباس: أي من أهل دينه. وقال مجاهد: أي على منهاجه وسنته. قال الأصمعي: الشيعة الأعوان، وهو مأخوذ من الشياع، وهو الحطب الصغار الذي يوقد مع الكبار حتى يستوقد. وقال الكلبي والفراء: المعنى وإن من شيعة محمد لإبراهيم. فالهاء في {شيعته} على هذا لمحمد عليه السلام. وعلى الأول لنوح وهو أظهر، لأنه هو المذكور أولا، وما كان بين نوح وإبراهيم إلا نبيان هود وصالح، وكان بين نوح وإبراهيم ألفان وستمائة وأربعون سنة؛ حكاه الزمخشري. قوله تعالى: {إذ جاء ربه بقلب سليم} أي مخلص من الشرك والشك. وقال عوف الأعرابي: سألت محمد بن سيرين ما القلب السليم؟ فقال: الناصح لله عز وجل في خلقه. وذكر الطبري عن غالب القطان وعوف وغيرهما عن محمد بن سيرين أنه كان يقول للحجاج: مسكين أبو محمد! إن عذبه الله فبذنبه، وإن غفر له فهنيئا له، وإن كان قلبه سليما فقد أصاب الذنوب من هو خير منه. قال عوف: فقلت لمحمد ما القلب السليم؟ قال: أن يعلم أن الله حق، وأن الساعة قائمة، وأن الله يبعث من في القبور. وقال هشام بن عروة: كان أبي يقول لنا: يا بني لا تكونوا لعانين، ألم تروا إلى إبراهيم لم يلعن شيئا قط، فقال تعالى: {إذ جاء ربه بقلب سليم}.