ولهذا حتى لو قرؤوا القرآن فإنه لا يجاوز حناجرهم ، بمعنى أنهم يقرؤون بدون تدبر، وبدون فهم، ولهذا لا يهتدون بهدي القرآن ، ولا ينتفعون بمواعظه ، فلذلك يقعون في استباحة الدماء، فـ: "يدعون أهل الأوثان، ويقتلون أهل الإسلام". وذلك نتيجة لتكفيرهم المسلمين، ثم ينطلقون من ذلك الاعتبار إلى استباحة دمائهم. أولاً تعريف الغلو:
هو تجاوز الحد في التدين مع اعتقاد الصواب، مثل الرهبانية حيث ابتدعها رجال الدين النصارى فترهبوا وتركوا الزواج بدون أن يكلفوا بذلك شرعاً ظناً منهم أن ذلك سيقربهم إلى الله زلفاً قال تعالى: (ورَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) الحديد:27
حتى يتضح لنا حقيقة الغلو فلا بد أن نعرف ما مقابل الغلو ، مقابل الغلو في الطرف الآخر هو الجفاء وهو التفريط ، والغلو هو الإفراط ، وكلا الأمرين مذموم. اسباب الغلو في الدين. فالشريعة جاءت بذم التفريط كترك الطهارة بأن لا يعبأ بطهوره ولا اختيار الماء الطهور ولا يتقي النجاسات في ثيابه وصلاته، وبذم الإفراط كالوسوسة وهي أن يحمل نفسه ما لا تطيق فيكرر الوضوء مرات ومرات وربما قطع الصلاة ظناً منه أنه على غير طهارة بينما جاءت الشريعة بالعدل، وسلوك منهج الوسط في الاعتقاد وفي العمل.
- الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة
- اسباب الغلو في الدين
- معنى الغلو في الدين
الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة
وأما الأحاديث فمنها:
1- حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على راحلته: "هات التقط لي. فلقطت له حصيات هن حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده قال: بأمثال هؤلاء. معنى الغلو في الدين. بأمثال هؤلاء. وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) رواه النسائي، وابن ماجه واللفظ للنسائي وإسناده صحيح. فهذا الحديث من أصرح الأدلة في النهي عن الغلو في الدين كله، فإنه وإن كانت المناسبة النهي عن المبالغة في حصى الجمار إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه بلفظ عام يشمل النهي عن الغلو في كل أبواب الدين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (وقوله: "وإياكم والغلو في الدين" عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقاد والأعمال). وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي أهلك من كان قبلنا من الأمم الغلو في الدين، ومما يبينه أن هلاك قوم نوح كان بسبب غلوهم في الصالحين حتى عبدوهم من دون الله، وسبب هلاك اليهود غلوهم في عزير وفي العجل وغلوهم في جانب التفريط حتى قتلوا الأنبياء، وحرفوا الكتب المنزلة، وكان سبب هلاك النصارى غلوهم في عيسى بن مريم وأمه، وابتداعهم شرائع وعبادات ما أنزل الله بها من سلطان.
بعد أن يعرف كلمة الغلو لغويا، (التشدد وتجاوز الحد)، يشير إلى أن التنصيص على النهي عن "الغلو" بلفظه ورد في القرآن الكريم مرتين، بينما ورود الحديث عن الغلو بغير لفظه كثير جدا، في حين نبّه نبينا الكريم إلى المعنى نفسه بلفظ "التنطع"، وخلص الباحث إلى أن نقيض الغلو هو الاعتدال على منهج الوسطية - حسب التوصيف النبوي الكريم- ليس ضعفا ولا ترخصا ولا استهانة بالمهام، بل هو عين الجدية والمسؤولية وتقدير العاقبة. ويعتبر أبو زيد الغلو في الدين قد يكون شاملا أو مقتصرا على جانب دون آخر، أو يكون في اتجاه الرفض أو القبول، التضييق أو التوسيع، التحريم أو التحليل، لكن الغالب بالنسبة إليه أن يكون شاملا أو أن يكون في اتجاه التشدد، بسبب الطابع النسقي والمغلق للغلو.
اسباب الغلو في الدين
يتعلق بالحركة الإسلامية نفسها، فالعامل الفكري/ الإيديولوجي ليس الوحيد المؤدي للعنف، فهناك عوامل أخرى تسهم في إنتاج العنف (كعنف العولمة، عنف دول الهيمنة الغربية، عنف التوظيف السياسي للإرهاب، عنف الاستفراد الأمريكي بالعالم، عنف غياب وتغييب الديمقراطية في العالم العربي، تضييق مساحة الحريات وإقصاء التيارات المعارضة، عنف الاستفزاز العلماني الاستئصالي للحريات والقيم، عنف الفضائيات المتغربة، عنف احتكار الثروة والسلطة، تهميش اللغة العربية، تحالف الأقلية العلمانية والفرنكفونية والشيوعية لمحاصرة منظومة القيم). الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة. أما العوامل الذاتية فأبزها العامل الفكري ودوره في إنتاج العنف داخل الحركات الإسلامية. أما السمات العامة للتوجه العنفي لدى الجماعة الإسلامية بمصر، فيحصرها الكاتب في السمات الأسلوبية، والسمات المنهجية... الأولى، فمن خلال ارتكازها على الكتابات التأسيسية والتي انطلقت من فكر مأزوم يغلب عليها رد الفعل اتجاه قهر السلطة السياسية الاستبدادية بمصر، حمية الصعيد، عدم الالتفات إلى التجارب الحركية السابقة، عدم الالتفات لكسب الدعاة والعلماء من الجيل الحركي الأول، البداوة وسيادة المنطق البدوي في التفكير، والأمانة العلمية.
وإذا كان النَّفَس الغالي يصحبه الانفلات سواءً في الاعتقادات أو العمليات، إذ الورع الفاسد المتشدد أورث الانفلات عن دين الإسلام (ينظر: الفتاوى لابن تيمية 29/312 345، ومنهاج السنة 3/400)، فإن الإغراق في مدافعة الغلو والإيغال في محاربة التشدد، وإهمال ما يضاده من تفريط وجفاء قد يؤول إلى اتخاذ التفريط والإضاعة طريقاً ومسلكاً، كما قد شوهد وجرّب، وإنما المتعيّن تقرير الصراط المستقيم، وتحقيق لزوم السنة النبوية، وترسيخ العلم الشرعي والعدل والوسط بين طرفيّ الغلو والجفاء، ثم يأتي الردّ والمعالجة للإفراط والتفريط دون تهوين أو تهويل، بل يعالج كل انحراف حسب ظهوره وتأثيره. وإذا كان الغلاة يجهلون الشرع المنزل ويبغون على غيرهم، فإن أهل السنة يعلمون الحق ويرحمون الخلق، فهم يظهرون الحق وينصرونه وينشرونه، ويرحمون الخلق ويحبون لهم الخير والنجاة، فشمس الرسالة تمحو الأهواء وتطمس البدع، وبالعدل يتحقق تنزيل الناس منازلهم، ويحصل النصرة والتمكين.. وبالله التوفيق. ظاهرة الغلو في الدين ووسائل علاجها | المجلس الإسلامي السوري. _________________________ [1] ينظر: الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي ص: (110)، ومن اللافت أن للمرأة حضوراً في مذهب الخوارج، فعمران بن حطان تزوج خارجية لأجل أن يردّها إلى مذهب السنة فجذبته وصار داعية خارجياً!
معنى الغلو في الدين
ج: تكفير المسلمين واستباحة دمائهم وطعنهم في الخاصرة ومشاغلتهم عن أعدائهم وحرف بوصلة الثورات والمقاومة
د: تشويه سمعة الإسلام في العالم وتصوير المسلمين على أنهم وحوش وقتلة وأكلة أكباد ولحوم بشر وأن على العالم أن يتعاون للقضاء عليهم. الغلو في الدين سبب من أسباب ظاهرة التكفير | على بصيرة. هـ: وقف حركة الفتوحات الإسلامية أكثر من مرة في الماضي وضرب مشاريع الثورة والمقاومة في العصر الحاضر
خامساً علاج الغلو:
ما دام أن الجهل وعدم اقتفاء السنة النبوية واتباع الهوى هي أسباب الغلو فإن علاجه يكون بمحاولة إزالة هذه الأسباب التي أدت إليه وذلك عن طريق:
1- الاعتصام بالكتاب والسنة على منهج السلف الصالح ، ومجانبة البدع والحذر منها ، وهو أعظم أنواع العلاج ، يقول الله عز وجل: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا ﴾ آل عمران: 103 والاعتصام بحبل الله هو سبيل إلى اجتماع الأمة وعدم تفرقها. وفي حديث ابن عباس قال رضي الله عنه: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا: كِتَابَ اللَّهِ ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ ". 2- لزوم الجماعة ، والسمع والطاعة لولي الأمر في غير معصية كما قال الله عز وجل: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا ﴾ آل عمران:103، وفي الحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ العَمَلِ لِلَّهِ، وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ الدَّعْوَةَ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ ".
13 ربيع ثاني 1441 هـ
عدد الزيارات: 1613
صالح بن حامد الرفاعي أرسل الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، وجعنا أمّة وسطًا قال تعالى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}، والوسط هم الخيار العدول البعيدون عن الإفراط والتفريط، الغلوّ والجفاء؛ فهما من أعظم ما أصيبت به الأمة الإسلاميّة منذ زمن مبكّر من تاريخها، وقد أفرزت ظواهر خطيرة في المجتمع المسلم منها ظاهرة التكفير وهي ظاهرة قديمة جديدة تظهر حينًا وتخبو حينًا آخر. والحديث عن هذه الظاهرة من الأمور المهمّة التي يجب أن يوليها الباحثون عنايتهم؛ حتى يسهموا في بيان أسبابها، ويبرزوا آثارها الخطيرة، ويشاركوا في تقديم الحلول المناسبة لعلاجها ومحو آثارها. خطّة البحث:
يتكوّن البحث من مقدّمة وتمهيد وثلاثة فصول وخاتمة. التمهيد: وفيه بيان سماحه الإسلام. الفصل الأول: وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأوّل: تعريف الغلوّ لغة واصطلاحاً، وذكر الكلمات التي ترد في معناه. المبحث الثاني: الأدلّة من الكتاب والسنّة على ذمّ الغلو والنهي عنه. المبحث الثالث: تعريف التكفير وبيان خطره على الفرد والمجتمع. المبحث الرابع: لمحة عن نشأة الغلوّ وأسبابه. الفصل الثاني: صور من مظاهر الغلو المؤدي إلى ظاهرة التكفير.