هذا وقار. فقال: اللهم زدني وقاراً]]. فمن وقرَّه الله بالشيب، ثم وقع في الفواحش؛ فلن ينظر الله إليه يوم القيامة، ولا يزكيه يوم يزكي الصالحين، وله عذابٌ أليم، فهذا أشيمط أسرف في الخطايا، شيخٌ ومذنبٌ ومسيء، وقد دنى من حفرته ولبس أكفانه! ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم سبب نزولها - موقع موسوعتى. كان سفيان الثوري يقول: [[ يا من بلغ الستين سنة! خذ لك كفناً على أكتافك، واحفر قبرك فإنك بلغت من الموت قاب قوسين أو أدنى]]. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (عائل مستكبر) فهو فقير يتكبر على عباد الله -حشفاً وسوء كيلة- ليس عنده ما يدعوه إلى التكبر، أو يجذبه إلى الزهو والعجب، ثم ينفخ صدره، ويزور بزوره، فهذا ممقوت مبخوس الحظ، فاقد عند الله عز وجل، وإلا فإن الله عز وجل إذا أراد أن يصحح نية العبد جعله من المتواضعين، قال تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً [الفرقان:63]. وأثر عن موسى عليه السلام: [[ أن الله أوحى إليه، فقال: يا موسى! أتدري لماذا اصطفيتك من الناس، واخترتك من بني إسرائيل؟ قال: لا يا رب. قال: نظرت في قلوب بني إسرائيل، فوجدت قلبك يحبني أكثر من كل قلب، ورأيتك ما جلست مع أحد إلا شعرت في نفسك أنك أوضع منه، وأنك أحقر منه]] ومصداق ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: { من تواضع لله رفعه، وحق على الله ألا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه}.
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة البقرة - قوله تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم - الجزء رقم1
[٤]
وقد ورد أنّها نزلت في عبد الله بن رواحة، "كَانَ لَهُ ختن على ابْنَته، فَحلف أَن لَا يبره؛ فَإِذا قيل لَهُ: أَلا تصل ختنك؟ فَقَالَ: حَلَفت وَكَانَ من أقربائه فَنزلت الْآيَة: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا) ، [١] وقيل إنّ معناها عدم الإكثار من حلف اليمين، كما أنّ الله -تعالى- قد ذمّ مَن يُكثر الحلف، قال -تعالى-: ( وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ). [٥] [٦]
تعريف اليمين ومشروعيته
يطلق لفظ اليمين في اللّغة على عدة معان منها: القسم، الجهة اليمنى، اليد المنى، البركة، والقوة، وأمّا في الاصطلاح فهو توكيد حكم ما يراد إثباته؛ بذكر أمر معظم، وبصيغة معينة؛ بحيث تظهر للآخر أهمية ذلك. [٧] وقد جاءت مشروعية اليمين في القرآن الكريم في قوله -تعالى-: ( لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) ، [٨] وفي السنة النبوية الشريفة فقد جاء عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بدَعْواهُمْ، لادَّعَى ناسٌ دِماءَ رِجالٍ وأَمْوالَهُمْ، ولَكِنَّ اليَمِينَ علَى المُدَّعَى عليه).
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة البقرة - الآية 224
بسم الله الرحمن الرحيم
من أسرار القرآن:
(372) - ( وَلاَ تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ...... *)
(البقرة:224).
ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم سبب نزولها - موقع موسوعتى
يقول الله تعالى في كتابه العزيز في الآية رقم 224 من سورة البقرة: "وَ لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَ تَتَّقُوا وَ تُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"، و سوف نعرض تفسير هذه الآية. تفسير السعدي
المقصود من اليمين و القسم هو تعظيم المقسم به و تأكيد المقسم عليه، و يأمرنا الله تعالى بحفظ الأيْمان في كل شيء، و لكن الله تعالى استثنى من ذلك إذا كان البر باليمين يتضمن ترك ما هو أحب إليه، فنهى عباده أن يجعلوا أيمانهم عرضة أي: مانعة و حائلة عن أن يبَروا: أي أن يفعلوا خيرا, أو يتقوا شرا أو يصلحوا بين الناس، فمن حلف على ترك واجب وجب عليه ان يحنث بحلفانه هذا، و من حلف على ترك مستحب استحب له الحنث بيمينه، ومن حلف على فعل محرم وجب الحنث ايضا. أما المباح فينبغي فيه حفظ اليمين عن الحنث، و يستدل بهذه الآية على القاعدة المشهورة أنه " إذا تزاحمت المصالح قدم أهمها" فهنا تتميم اليمين مصلحة و امتثال أوامر الله في هذه الأشياء مصلحة أكبر من ذلك، فقدمت لذلك، ثم ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين فقال: { وَ اللَّهُ سَمِيعٌ} أي: سميع لجميع الأصوات { عَلِيمٌ} بالمقاصد و النيات و منه سماعه لأقوال الحالفين و علمه بمقاصدهم هل هي خير أم شر.
وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224) يقول تعالى: لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها ، كقوله تعالى: ( ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) [ النور: 22] ، فالاستمرار على اليمين آثم لصاحبها من الخروج منها بالتكفير. كما قال البخاري: حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن همام بن منبه ، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة " ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه ". وهكذا رواه مسلم ، عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق ، به. ورواه أحمد ، عنه ، به. ثم قال البخاري: حدثنا إسحاق بن منصور ، حدثنا يحيى بن صالح ، حدثنا معاوية ، هو ابن سلام ، عن يحيى ، وهو ابن أبي كثير ، عن عكرمة ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من استلج في أهله بيمين ، فهو أعظم إثما ، ليس تغني الكفارة ".