اقرأ أيضاً أنواع الأموال الربوية أنواع الربا
تفسير آية (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله)
معاني الكلمات
البث: أي الهم الشديد، وهو التفكير في الشيء المسيء، أما الحزن: فهو الأسف على الفائت، وهما كلمتان بينهما عموم وخصوص، وقد اجتمعتا لسيدنا يعقوب -عليه السلام-؛ فقد كان -عليه السلام- مشغول التفكير في مصير يوسف -عليه السلام- وأحواله في غربته، وكان النبي يعقوب -عليه السلا-م قد أصابه الحزن الشديد أسفاً على فراقه. [١] والبثّ أصعب الهمّ الذي لا يصبر عليه صاحبه فيثيبه إلى الناس وينشره، [٢] وقد ذكر المفسرون أن الإنسان إذا استطاع كتم ما حل به من المصائب فإن ذلك يسمى حزناً، وإن لم يقدر على كتمه سُمّي بثّاً، فالبثّ إذاً: هو أصعب الحزن وأعظمه، وقيل: البث الهم، وقيل: هو الحاجة، فكأنه قال: إنما أشكو حزني العظيم وما دونه من الحزن إلى الله لا إلى غيره من الناس. إنما أشكو بثي وحزني إلى الله. [٣]
التفسير التحليلي للآية
حين رأى أبناء سيدنا يعقوب ما أصاب والدهم من الهم والحزن على فراق يوسف؛ شعروا بالحزن والأسى على حال والدهم، فقالوا له على سبيل الرفق به والشفقة عليه: تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضاً؛ أي ضعيف القوة، أو تكون من الهالكين. [٤] وكانوا يخشون عليه الهلاك لسوء ما وصل إليه حاله من حزنه على يوسف، فأجابهم عما قالوا: إنما أشكو بثي وحزني؛ أي همي وما أنا فيه من الحزن إلى الله وحده، فهو وحده الذي يعلم حالي ووحده من أرجو منه كل خير.
- إنما أشكو بثي وحزني إلى الله
- انما اشكو بثي وحزني لله
- انما اشكو بثي وحزني الى الله خالد الجليل
إنما أشكو بثي وحزني إلى الله
تعبر الآية الكريمة: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) عن الحالة النفسية التي وصل إليها نبي الله الكريم يعقوب عليه السلام من الأحزان المتجددة في نفسه على ابنه يوسف عليه السلام، والشكوى من الألم الذي نزل به حتى أصيبت عيناه بسبب الحزن بغشاوة بيضاء، وكيف لجأ إلى الله الكاشف المضرات، والمذهب للأحزان والمكروهات، متعلقا بحوله وقوته. وهو بهذه الكلمات يرد بالثبات واليقين على أولاده الذين لطالما عاتبوه على إبدائه الأسى والألم على مفارقة ابنه يوسف، وذلك حين قالوا لأبيهم: ﴿قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾ [يوسف: 85]. وكان جواب يعقوب عليه السلام: ما أَشكو مصيبتى التي لا أَستطيع إِخفاءَها، ولا أَشكو حزني لأَحد إِلا إِلى الله، فهو القادر على كشف التفسير، وأَتبع يعقوب كلامه هذا بما يفيد أَمله في رحمة الله فقال:
(وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)
وهو إقرار منه بتوحيد الله في حالة البؤس والحزن، ويقينه في الله ورحمته ما يجهله الناس، فقد كان يحيى بوجدانه النبوى الصادق وبما قام لديه من الأَمارات أَن يوسف حى لم يمت وأَنه وصل أَو سيصل إلى منزلة عظيمة بين الناس، وأَن شمل الأُسرة سوف يجتمع بزعامة يوسف[1].
انما اشكو بثي وحزني لله
إنما أشكو بثي وحزني إلى الله
الحمد لله سامع كل شكوى، ورافع كل بلوى، يعلم السر وأخفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أولي الأحلام والنهى. أما بعد:
فاتقوا الله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. أيها المؤمنون، البشر دائرون بين ضعف فطري وكَبَدِ ابتلاء؛ وغالبًا ما يفوق البلاء تحمُّلَهم، ولا يطيقون كتمانه؛ فيتخذون الشكوى متنفَّسًا لما انطوى في دواخلهم من همٍّ وألمٍ؛ كما قال القائل:
ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة *** يواسيك أو يسليك أو يتوجعُ
ولما كان توحيد الله غاية الخلق، وإفراده بالعبادة والتوجه مقصدَ الوجود - جعل الله الشكوى للخلق مباينةً للشكوى إليه في الحقيقة والأثر؛ فشكوى المخلوق إلى المخلوقين شكوى أرحم الراحمين إلى مَن لا يرحم؛ رأى بعضهم رجلًا يشكو إلى آخر فاقة وضرورة، فقال: يا هذا، تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟!
انما اشكو بثي وحزني الى الله خالد الجليل
قال: كيف لي باسم الصّدِّيقين ، وتعدُّني من المخلصين ، وقد أدخلت مُدْخَل المذنبين ، وسميت في الضالين المفسدين؟ (45) قال: لم يُفْتَتَنْ قلبُك ، ولم تطع سيدتك في معصية ربك ، ولذلك سمَّاك الله في الصديقين ، وعدّك من المخلَصين ، وألحقك بآبائك الصالحين. قال: لك علم بيعقوب أيها الروح الأمين؟ قال: نعم ، وهبه الله الصبر الجميل ، وابتلاه بالحزن عليك ، فهو كظيم. قال: فما قَدْرُ حزنه؟ قال: حزن سبعين ثكلى. قال: فماذا له من الأجر يا جبريل؟ قال: قدر مئة شهيدٍ. قراءة سورة يوسف - Yusuf | نص مكتوب بالخط الرسم العثماني. 19728- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير ، عن ليث ، عن ثابت البناني قال، دخل جبريل على يوسف في السجن ، فعرفه يوسف قال، فأتاه فسلم عليه ، فقال: أيها الملك الطيبُ ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، هل لك من علم بيعقوب؟ قال: نعم. قال: أيها الملك الطيبُ ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، هل تدري ما فعل؟ قال: ابيضَّت عيناه. قال: أيها الملك الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، ممّ ذاك؟ قال: من الحزن عليك. (46) قال، أيها الملك الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، وما بلغ من حزنه؟ قال: حزن سبعين مُثْكِلة. قال: أيها الملك الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، هل له على ذلك من أجر؟ قال: نعم أجر مئة شهيدٍ.
فقال: يا ابن عوف: إنها رحمة ، ثم أتبعها بأخرى، فقال ﷺ: إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون. إنا لله وإنا إليه راجعون، ان العين لتدمع، والقلب ليحزن، وإنا بفراقك يا سماحة الشيخ لمحزونون. إنما أشكو بثي وحزني إلى الله - إسلام أون لاين. رحمك الله، رحمك الله، رحمك الله. إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا، وإن الشيخ من ورثة الأنبياء، الذين حملوا ميراث النبي ﷺ، فبلغه للناس بصدق وإخلاص وتفان وصبر منقطع النظير، فأدعو الله أن تكون ممن قال فيهم: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69]، فرحمك الله رحمة واسعة. إن العلماء يفقدون بقدر ما قدموا لأمة الإسلام من أعمال وتضحيات وتعليم ودعوة، وإن الشيخ قدم من ذلك الشيء الكثير فالناس يحزنون أشد الحزن على الرجال المخلصين لأمتهم عند فقدهم بل إنهم لا ينسونهم مهما طال الزمان، فكم من العلماء ممن توفوا قبل قرون، لا يزالون يعيشون مع الناس في هذا العصر أمثال شيخ الإسلام وغيره، ولقد كان العلامة الشيخ عبد العزيز بن بن باز - رحمه الله - من هذا النوع، فقد بذل حياته لدينه وأمته فعاش بينهم متعلمًا ومعلمًا ومجاهدًا وداعيًا إلى الله على بصيرة.