بل لماذا دخلوا دينَ محمَّدٍ وآمنوا به دون أن يستوقِفهم هذا الخطأ، وفيهم الحاخامات والقساوسة والعلماء والفلاسفة والمؤرِّخون من كل جنس ولون؟! رابعًا: لا جدال أن القرآن ذكر أن عمران أبو مريم؛ ولكن هل هو عمران موسى؟ هذا هو محل الإشكال، فذلك ما لم يصرح به القرآن، والعادة جرت أن الناس في كل زمان يتسمَّون بصالحيهم وفضلائهم، فما الذي يمنع أنه رجل صالح من بني إسرائيل؟! وهارون كذلك، سُمِّيا على من كان قبلهم من الصالحين والأنبياء. شبهات النصارى حول مريم عليها السلام والجواب عنها | مركز سلف للبحوث والدراسات. خامسًا: كيف يَعترض النصارى على تاريخ مريم وهي من هي في دينهم، وأمّ إلههم، مع أن الكتاب المقدس لم يُفرد لها أيّ سفر يختصّ بحياتها ويوثّقها أصلا، فما البديل عن حكاية القرآن عنها؟! سادسًا: عند الرجوع إلى السلف -رحمهم الله- نجد أن تفاسيرهم تصبّ في معنى أن هارون المذكور في الآية ليس هو هارونَ أخا موسى عليهما السلام، وقد صرح بهذا قتادة وكعب الأحبار، ولكعب هذا قصّة في تفسيره هذا التفسير، فقد قالت له عائشة حين سمعت اختياره أنه هارون آخر وليس هو هارون أخا موسى: كذبتَ، قال: يا أمّ المؤمنين، إن كان النبيّ صلى الله عليه وسلم قاله فهو أعلم وأخبر، وإلا فإني أجد بينهما ستّ مئة سنة، قال: فسكتت ( [1]).
ومريم ابنت عمران التى احصنت
بشرى تحملها الملائكة
جاءت البشرى الطيبة لمريم: ".. إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين، ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين، قالت ربّ أنّى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمراً فإنّما يقول له كن فيكون، ويعلّمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، ورسولاً إلى بني إسرائيل أنّي قد جئتكم بآية من ربكم أنّي أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين. مريم بنت عمران - موسوعة المحيط. ومصدقاً لما بين يديّ من التوراة ولأحلّ لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم" (آل عمران 45-51). كانت البشارة متعددة النواحي والأركان فهي بشارة باصطفاء الله عز وجل لها على نساء العالمين، وبشارة بولد وجيه في الدنيا والآخرة ومن المقربين. وتمضي الآيات الكريمات في ذكر صفات هذا النبي ورسالته إلى بني إسرائيل، وذكر المعجزات التي سوف يبعث بها، كما تضمنت بشارة الملائكة أمراً لمريم بكثرة العبادة والقنوت والسجود والركوع لله رب العالمين.
ومريم ابنت عمران التي احصنت فرجها
مند أن بزع فجر الإسلام ليحرر الإنسان من العبودية لغير الله عرفت مسيرته الخيِّرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ بما قدمن من تضحيات، وما سجلن من مواقف مشرفة كان لها أثرها في انتشار رسالة الحق في ربوع العالم. ونحن هنا نقدم نخبة مختارة من النساء الخالدات اللاتي يعتز بهن الإسلام، لنوضح للمرأة المسلمة المعاصرة حجم العطاء المنتظر منها تجاه دينها ووطنها وأسرتها، خاصة في هذا الزمن الذي يموج بتحديات ومشكلات جمة تحاول صرف المرأة عن القيام بدورها الذي رسمه لها دينها الحنيف. خير الختام.. امرأة عظيمة كرمها الله أعظم تكريم، وطهرها واصطفاها على نساء العالمين، ونفخ فيها من روحه لتنجب نبياً ورسولاً من الصالحين. وجعلها وابنها آية إلى يوم الدين. ومريم ابنت عمران. إنها مريم ابنة عمران التي أنزل فيها قرآناً يتلى، يقول سبحانه "إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم، إذ قالت امرأة عمران ربّ إني نذرت لك ما في بطني محرراً فتقبل مني إنك أنت السميع العليم، فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنّى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب" (آل عمران 33-37).
فطلبوا الاقتراع مرة ثالثة، بإلقاء أقلامهم في النهر فمن جرى قلمه على سواء جريان الماء كان الفوز من نصيبه فلما فعلوا جاءت القرعة لمصلحة زكريا عليه السلام، وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى: "ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون" (آل عمران 44). واختار زكريا لمريم مكانًا قصياً في المسجد، لا يدخله أحد سواه، وفي هذا المكان كانت مريم تعيش تذكر الله، وتتعبده وتقوم بما يجب عليها من الخدمة في وقتها. وكان زكريا رجلاً فقيراً، وكان يعولها في حدود ما تسمح به قدراته غير أن الله عز وجل تكفل بزرق مريم وكان رزقها كريماً واسعاً: "كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب" (آل عمران 37). ومريم ابنت عمران التي احصنت فرجها. كان زكريا يدخل على مريم في الصيف فيجد عندها فاكهة الشتاء، ويدخل عندها في الشتاء فيجد لديها فاكهة الصيف، فكان ذلك من عجائب الله. ومن إعجاب زكريا بأحوالها الكريمة وصفاتها الشريفة تمنى أن يكون له ولد من صلبه وكان قد بلغ من الكبر عتيا: ''قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء" (آل عمران 38).