إن إتيانَ الزوجة في الدبر محرم، فقد قال تعالى: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 222]، وقال: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: 223]. ومعناها: مستقبلات أو مستدبرات ما دام في صمامٍ واحد، أي يجوز للزوج أن يأتي زوجته كيف شاء من الأمام والخلف ما دام في موضع الولد، ولا يخفى أن الدبر ليس موضعًا للولد. وعن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأتَه من دُبُرها في قُبُلِها كان الولد أحولَ، فنزلت: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: 223](3). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ائْتِهَا مُقْبِلَةً وَمُدْبِرَةً إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْفَرْجِ» (4). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» (5). القول الفصل في إتيان المرأة في دبرها | لفضيلة الأستاذ الدكتور صلاح الصاوي. وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل هذا فقال: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا» (6). وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْظُرُ الله إِلَى رَجُلٍ أَتَى امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ» (7).
إتيان النساء في الدبر
وقد ثبت في الصحيح أن اليهود كانوا يقولون: إذا أتى الرجل امرأته في قبلها من دبرها جاء الولد أحول. فسأل المسلمون عن ذلك النبي فأنزل الله هذه الآية: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم. والحرث موضع الزرع، والولد إنما يزرع في الفرج لا في الدبر، فأتوا حرثكم - وهو موضع الولد - أنى شئتم - أي من أين شئتم من قبلها ومن دبرها وعن يمينها وعن شمالها. اتيان المراه من الدبر اوضاع. فالله تعالى سمى النساء حرثا، وإنما رخص في إتيان الحروث، والحرث إنما يكون في الفرج.
القول الفصل في إتيان المرأة في دبرها | لفضيلة الأستاذ الدكتور صلاح الصاوي
وقال: ( ومن يولهم يومئذ دبره) أي ظهره، والمرأة تؤتى من قبل ومن دبر... يعني أنها تؤتى من جهة ظهرها في قبلها. أتى امرأته في الدبر في نهار رمضان. اهـ
وعلى فرض ثبوت الخلاف عنهم في ذلك فليس كل خلاف معتبرا عند أهل العلم، وقد أحسن من قال:
وليس كل خلاف جاء معتبراً * إلا خلاف له حظ من النظر. فتسويغ هذا القائل القول بالجواز بناء على وقوع الخلاف مسلك منكر، وفعل قبيح، وتتبع للرخص، وهو سبيل ذمه السلف، وبينوا أنه حال أهل الزندقة، وراجع الفتوى رقم: 21843. ولا يعتبر بهذا مستحلا للحرام استحلالا يخرج به من الإسلام؛ لأنه له في ذلك نوع تأويل، والواجب أن يعلم ويبين له خطورة مسلكه هذا، وأنه قد يؤدي إلى الزيغ والهلاك، قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور:63}، قال الإمام أحمد: أتدري ما الفتنة ؟ الفتنة الشرك ، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك. والله أعلم.
أتى امرأته في الدبر في نهار رمضان
أما بالنسبة لقوله – تعالى -: ( أَنَّىٰ شِئْتُمْ) فيقول الإمام مالك إنها لا تعني إتيان المرأة من الدبر والإيلاج فيه أيضًا وإنما تعني إمكانية إتيان المرأة من قبلها سواء من الخلف أو في وضع الاستلقاء أو الاضطجاع طالما يتم الإيلاج في موضع النطفة والله أعلم. كما أن سبب نزول تلك الآية هو اعتقاد اليهود بأن إتيان الزوجة في قبلها من دبرها أي الإيلاج في عضوها الأنثوي لكن من الخلف ينتج عنه طفل أحول وهذا استنادًا لقول جابر بن عبد الله حيث يقولُ: "كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ: إذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِن دُبُرِهَا في قُبُلِهَا، كانَ الوَلَدُ أَحْوَلَ، فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ}"
فنزلت تلك الآية من الله – عز وجل – لتكذب زعم اليهود وكذبهم وتدلل على إمكانية إتيان الزوجة من قبلها في أي وضع. اقرأ أيضًا: ماذا تفعل الزوجة عندما يهجرها زوجها
دليل الإمام مالك على تحريم نكاح الدبر من السنة النبوية الشريفة
بصدد عرض حكم إتيان الزوجة من الدبر عند المالكية يجب أن نسلط الضوء على حجج الإمام مالك على تحريم إتيان الزوجة من الدبر من السنة النبوية الشريفة.
وعَنْ خُزَيْمَةَ بن ثابت رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ لا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ رواه الإمام أحمد. و عن ابن عباس قال: قال رسول الله (( لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأته في الدبر)) أخرجه ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه.