الشرط الثاني: أن لا تتعلق به حاجة للابن ، فلو كان عند الابن أمَة يتسراها: فإنه لا يجوز للأب أن يأخذها لتعلق حاجة الابن بها ، وكذلك لو كان للابن سيارة يحتاجها في ذهابه وإيابه وليس لديه من الدراهم ما يمكنه أن يشتري بدلها: فليس له أن يأخذها بأي حال. الشرط الثالث: أن لا يأخذ المال مِن أحد أبنائه ليعطيه لابنٍ آخر ؛ لأن ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء ، ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض إذا لم يكن الثاني محتاجاً ، فإن كان محتاجاً: فإن إعطاء الأبناء لحاجة دون إخوته الذين لا يحتاجون: ليس فيه تفضيل بل هو واجب عليه. وعلى كل حال: هذا الحديث حجة أخذ به العلماء واحتجوا به ، ولكنه مشروط بما ذكرنا ، فإن الأب ليس له أن يأخذ من مال ولده ليعطي ولداً آخر. والله أعلم
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 108 ، 109). وهناك شرط رابع مهم وهو أن تكون عند الأب حاجة للمال الذي يأخذه من ولده ، وقد جاء مصرَّحاً بهذا الشرط في بعض الأحاديث. صحة حديث انت ومالك لابيك. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أولادكم هبة الله لكم { يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور} فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها ". رواه الحاكم ( 2 / 284) والبيهقي ( 7 / 480).
- ما صحة حديث: «أنت ومالك لأبيك»؟ - صالح بن فوزان الفوزان - طريق الإسلام
- هل لأبي الحقّ أن يأخذ من مالي ما يشاء - الإسلام سؤال وجواب
- الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله تعالى - ما صحة حديث : أنت ومالك لأبيك " ؟
ما صحة حديث: «أنت ومالك لأبيك»؟ - صالح بن فوزان الفوزان - طريق الإسلام
وروى عمرو بن شُعَيب عن أبيه عن جدِّه قال: جاء رجلٌ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: إنَّ أبي اجتاحَ مالي، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أنت ومالك لأبيك)). ولأنَّ الله - تعالى - جعل الولد موهوبًا لأبيه فقال: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ﴾ [الأنعام: 84]. وقال: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى ﴾ [الأنبياء: 90]. وقال زكريا: ﴿ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴾ [آل عمران: 38]. وقال إبراهيم: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ﴾ [إبراهيم: 39]. وما كان موهوبًا له كان له أخْذ ماله؛ كعبده، وقال سُفيان بن عُيَينة في قوله - تعالى -: ﴿ وَلاَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ﴾ [النور: 61]. ما صحة حديث: «أنت ومالك لأبيك»؟ - صالح بن فوزان الفوزان - طريق الإسلام. ثم ذكر بيوت سائر القَرابات إلا الأولاد لم يذكُرهم؛ لأنهم دخلوا في قوله: ﴿ بُيُوتِكُمْ ﴾، فلمَّا كانت بيوت أولادهم كبيوتهم لم يذكر بيوت أولادهم، ولأنَّ الرجل يَلِي مالَ ولده من غير تولية، فكان له التصرُّف فيه كمال نفسه... "، انتهى كلام ابن قدامة. إنَّ منزلة الوالدين في شريعة الإسلام منزلةٌ رفيعة؛ فالأب هو سبب وجود الإنسان، وهو وأمُّه اللذان تعهَّداه بالرعاية والعناية، ولولا أنْ يقوم الوالدان برعايته وإرضاعه، وتنظيفه ومُداواته - لهلك حتمًا؛ لأنَّه وُلِدَ أضعف ما يكون مخلوق، فأحسَنَا إليه غايةَ الإحسان، فكان عليه أنْ يُقابِل هذا الإحسان بالبرِّ والطاعة؛ يقول الله - تعالى -: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلاَّ الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60].
هل لأبي الحقّ أن يأخذ من مالي ما يشاء - الإسلام سؤال وجواب
وألاّ يأخذَ من مال ولده فيُعطيَه لآخر. وروى البيهقي في الدلائل والطّبراني في الصّغير الأوسط بسند فيه من لا يعرف عن جابر: أن رجلاً أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يشكو إليه والده بأنه أخذ ماله، فأرسل خلفه ـ استدعاه ـ فجاءَ إلى النبي، وسأله عمّا يقوله ولده ،فقال: سَلْه، هل أُنفقه إلا على إخوتِه وعمّاته؟ وبعد أن سمع منه أبياتًا[1] "انظرالجزء الخامس من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام" قال النبي لابنه: "أنتَ ومالُك لأبيك" وجاء في تفسير الزمخشري "الكشاف" أن الولَد غَنِيٌّ، وأن أباه صار عاجِزا يتوكّأ على عصا، وأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بَكَى لمَنظره وأنه قال: "ما مِن حَجَر ولا مَدَرٍ يسمع هذا إلا بَكَى". الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله تعالى - ما صحة حديث : أنت ومالك لأبيك " ؟. ولكن مخرّج أحاديث الكشاف قال: لم أجده فالحديث ضعيف. ولما كان بعض الآباء يتحرّج من أخذ شيء من مال أولاده؛ لأنه مال للغير، جاء النّص الذي يُطيِّب النفس بأخذ ما يحتاج إليه منه، ففي الحديث "إِنَّ أولادَكم من أطيبِ كسبِكم، فكُلوا كَسْب أولادكم" رواه أبو داود وأحمد وابن ماجه،وهو صحيح ذكره السيوطي في "الجامع الصغير" والبغوي في "مصابيح السنة" وابن القيم في "إعلام الموقعين" وفي زاد المعاد "ج 4 ص 164".
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله تعالى - ما صحة حديث : أنت ومالك لأبيك &Quot; ؟
ثبَّتَنا الله على الحقِّ، ووفَّقنا إلى ما يُرضِيه. والحمد لله ربِّ العالمين. [1] انظر: "الروض الداني إلى المعجم الصغير للطبراني" 2/152-153 برقم 947، و"المعجم الأوسط"؛ للطبراني 7/293-294-295 برقم 6566. أقول: أورد أبو الفرَج في "الأغاني" الأبيات وعَزاها إلى أمية بن أبي الصلت وهو شاعرٌ جاهلي حكيم، تُوفِّي بالطائف سنة خمسٍ للهجرة، ويبدو أنَّ الشيخ ردَّد الأبيات في نفسه قبل أنْ يحضر مجلسَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - هذا إنْ صحَّت القصة، والله أعلم. وانظر: "مختار الأغاني" 1/66-67. هل لأبي الحقّ أن يأخذ من مالي ما يشاء - الإسلام سؤال وجواب. [2] "الكشاف" 2/514. [3] "المغني" 8/272. [4] وذكر ابن قدامة حجتهم ثم قال: "ولنا"؛ أي: نحن الحنابلة، والحديث أخرجه أبو داود برقم 3529، وأخرج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده حديثًا مقاربًا برقم 3530، والترمذي برقم 1358، وابن ماجه 2137، وانظر: "المقاصد الحسنة"؛ للسخاوي 100-101-102، و"صحيح الجامع الصغير"؛ للألباني 1498، والمراجع التي ذكرناها في تضاعيف هذه الكلمة.
وعلى كل حال: هذا الحديث حجة أخذ به العلماء واحتجوا به ، ولكنه مشروط بما ذكرنا ، فإن الأب ليس له أن يأخذ من مال ولده ليعطي ولداً آخر. والله أعلم. " فتاوى إسلامية " ( 4 / 108 ، 109). وهناك شرط رابع مهم وهو أن تكون عند الأب حاجة للمال الذي يأخذه من ولده ، وقد جاء مصرَّحاً بهذا الشرط في بعض الأحاديث. حديث انت ومالك لابيك ابن باز. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها. رواه الحاكم ( 2 / 284) والبيهقي ( 7 / 480). والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2564) ، وقال:
وفي الحديث فائدة فقهيَّة هامَّة وهي أنه يبيِّن أن الحديث المشهور " أنت ومالك لأبيك " ( الإرواء 838) ليس على إطلاقه بحيث أن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء ، كلا ، وإنما يأخذ ما هو بحاجة إليه. والله أعلم.