تفسير سورة البقرة
وهي مدنية بسم الله الرحمن الرحيم الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون
تقدم الكلام على البسملة. (1) وأما الحروف المقطعة في أوائل السور ، فالأسلم فيها، السكوت عن التعرض لمعناها من غير مستند شرعي ، مع الجزم بأن الله تعالى لم ينزلها عبثا بل لحكمة لا نعلمها. (2) وقوله ذلك الكتاب أي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة ، المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين والمتأخرين من العلم العظيم والحق المبين؛ فـ لا ريب فيه ولا شك بوجه من الوجوه، ونفي الريب [ ص: 35] عنه، يستلزم ضده، إذ ضد الريب والشك اليقين، فهذا الكتاب مشتمل على علم اليقين المزيل للشك والريب. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة البقرة - الآية 13. وهذه قاعدة مفيدة، أن النفي المقصود به المدح، لا بد أن يكون متضمنا لضده، وهو الكمال، لأن النفي عدم، والعدم المحض، لا مدح فيه. فلما اشتمل على اليقين وكانت الهداية لا تحصل إلا باليقين قال: هدى للمتقين والهدى: ما تحصل به الهداية من الضلالة والشبه ، وما به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة، وقال هدى وحذف المعمول، فلم يقل هدى للمصلحة الفلانية، ولا للشيء الفلاني، لإرادة العموم، وأنه هدى لجميع مصالح الدارين، فهو مرشد للعباد في المسائل الأصولية والفروعية، ومبين للحق من الباطل، والصحيح من الضعيف، ومبين لهم كيف يسلكون الطرق النافعة لهم، في دنياهم وأخراهم.
إسلام ويب - تفسير السعدي - تفسير سورة البقرة- الجزء رقم1
فلهذا لما ذكر صفات المؤمنين حقا، ذكر صفات الكفار المظهرين لكفرهم، المعاندين للرسول، فقال:
سورة البقرة تفسير السعدي الآية 285
تفسير الآية 184
تفسير أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ۚ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ۚ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
ولما ذكر أنه فرض عليهم الصيام, أخبر أنه أيام معدودات, أي: قليلة في غاية السهولة. ثم سهل تسهيلا آخر. القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة البقرة - الآية 102. فقال: { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وذلك للمشقة, في الغالب, رخص الله لهما, في الفطر. ولما كان لا بد من حصول مصلحة الصيام لكل مؤمن, أمرهما أن يقضياه في أيام أخر إذا زال المرض, وانقضى السفر, وحصلت الراحة. وفي قوله: { فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ} فيه دليل على أنه يقضي عدد أيام رمضان, كاملا كان, أو ناقصا, وعلى أنه يجوز أن يقضي أياما قصيرة باردة, عن أيام طويلة حارة كالعكس. وقوله: { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} أي: يطيقون الصيام { فِدْيَةٌ} عن كل يوم يفطرونه { طَعَامُ مِسْكِينٍ} وهذا في ابتداء فرض الصيام, لما كانوا غير معتادين للصيام, وكان فرضه حتما, فيه مشقة عليهم, درجهم الرب الحكيم, بأسهل طريق، وخيَّر المطيق للصوم بين أن يصوم, وهو أفضل, أو يطعم، ولهذا قال: { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} ثم بعد ذلك, جعل الصيام حتما على المطيق وغير المطيق, يفطر ويقضيه في أيام أخر [وقيل: { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} أي: يتكلفونه، ويشق عليهم مشقة غير محتملة, كالشيخ الكبير, فدية عن كل يوم مسكين وهذا هو الصحيح]
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة البقرة - الآية 102
وقوله: وما أنزل من قبلك يشمل الإيمان بالكتب السابقة، ويتضمن الإيمان بالكتب الإيمان بالرسل وبما اشتملت عليه، خصوصا التوراة والإنجيل والزبور، وهذه خاصية المؤمنين يؤمنون بجميع الكتب السماوية وبجميع الرسل فلا يفرقون بين أحد منهم. ثم قال: وبالآخرة هم يوقنون و " الآخرة "اسم لما يكون بعد الموت، وخصه بالذكر بعد العموم، لأن الإيمان باليوم الآخر، أحد أركان الإيمان; ولأنه أعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل، و " اليقين "هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل. إسلام ويب - تفسير السعدي - تفسير سورة البقرة- الجزء رقم1. (5) أولئك أي: الموصوفون بتلك الصفات الحميدة على هدى من ربهم أي: على هدى عظيم، لأن التنكير للتعظيم، وأي هداية أعظم من تلك الصفات المذكورة المتضمنة للعقيدة الصحيحة والأعمال المستقيمة، وهل الهداية الحقيقية إلا هدايتهم، وما سواها مما خالفها ، فهو ضلالة. وأتى بـ " على " في هذا الموضع، الدالة على الاستعلاء، وفي الضلالة يأتي بـ " في " كما في قوله: وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين لأن صاحب الهدى مستعل بالهدى، مرتفع به، وصاحب الضلال منغمس فيه محتقر. ثم قال: وأولئك هم المفلحون والفلاح هو الفوز بالمطلوب والنجاة من [ ص: 38] المرهوب ، حصر الفلاح فيهم; لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم، وما عدا تلك السبيل، فهي سبل الشقاء والهلاك والخسار التي تفضي بسالكها إلى الهلاك.
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة البقرة - الآية 13
وقوله " وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا " هذا التزام من المؤمنين, عام لجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة, وأنهم سمعوه سماع قبول وإذعان وانقياد. ومضمون ذلك, تضرعهم إلى الله في طلب الإعانة على القيام به, وأن الله يغفر لهم ما قصروا فيه من الواجبات, وما ارتكبوه من المحرمات, وكذلك تضرعوا إلى الله في هذه الأدعية النافعة. والله تعالى قد أجاب دعاءهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فقال " قد فعلت ". فهذه الدعوات, مقبولة من مجموع المؤمنين قطعا, ومن أفرادهم, إذا لم يمنع من ذلك مانع في الأفراد. وذلك أن الله رفع عنهم المؤاخذة, في الخطأ والنسيان, وأن الله سهل عليهم شرعه غاية التسهيل. ولم يحملهم من المشاق, والآصار, والأغلال, ما حمله على من قبلهم, ولم يحملهم فوق طاقتهم, وقد غفر لهم ورحمهم, ونصرهم على القوم الكافرين. فنسأل الله تعالى, بأسمائه وصفاته, وبما من به علينا من التزام دينه, أن يحقق لنا ذلك, وأن ينجز لنا ما وعدنا على لسان نبيه, وأن يصلح أحوال المؤمنين. تفسير سورة البقرة السعدي. ويؤخذ من هنا, قاعدة التيسير, ونفي الحرج في أمور الدين كلها. وقاعدة العفو عن النسيان والخطأ, في العبادات, وفي حقوق الله تعالى.
2 2. دل قوله: {مَوْلُودٌ لَهُ}
أن الولد لأبيه, لأنه موهوب له, ولأنه من كسبه، فلذلك جاز له الأخذ من ماله, رضي أو لم يرض. 23. { ألَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ الله مُوتُوا}
الأسباب لاتنفع مع القضاء والقدر،وخصوصا التي تترك بها أوامر الله. 24. { قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا}
الحق كلما عورض وأوردت عليه الشبه ازداد وضوحا وتميز وحصل به اليقين التام كما جرى لهؤلاء. 25. { وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ}
العلم والرأي مع القوة المنفذة بهما كمال الولايات. 26. { الْحَيُّ الْقَيُّومُ}
هذان الاسمان الكريمان يدلان على سائر الأسماء الحسنى دلالة مطابقة وتضمنا ولزوما،
ولهذا قال بعض المحققين: إنهما الاسم الأعظم. 27. { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}
في عظمة هذه المخلوقات تحير الأفكار وتكل الأبصار، فكيف بعظمة خالقها ومبدعها. 28. آية الكرسي
هذه الآية بمفردها عقيدة في أسماء الله وصفاته، متضمنة لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلى. 29. { فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ}
أي: بالدين القويم الذي ثبتت قواعده ، والمتمسك به على ثقة من أمره.