[١٢]
الإقبال عليها من أسباب دُخول الجنَّة، ولو كان ذلك بصلاة ركعتين، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما مِن مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عليهما بقَلْبِهِ ووَجْهِهِ، إلَّا وجَبَتْ له الجَنَّةُ) ، [١٣] كما أنَّ الخُشوعَ فيها سببٌ لِنَيل المغفرة والأجر الكبير، وسببٌ للِنّجاح والفوز والسعادة في الدُّنيا والآخرة، لقول الله- تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ). ص180 - كتاب تفسير القرآن الكريم اللهيميد من الفاتحة إلى النساء - واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون - المكتبة الشاملة. [١٤] [١٥]
الصلاة أوّلُ ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة ، فإن كانت الصلاة صالحة، كانت فوزاً لصاحِبِها، كما أنّها من سُنن الهُدى، وهَدي النبي -عليه الصلاة والسلام- وشريعته لأُمته، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَلَّمَنَا سُنَنَ الهُدَى، وإنَّ مِن سُنَنَ الهُدَى الصَّلَاةَ في المَسْجِدِ الذي يُؤَذَّنُ فِيهِ). [١٦] [١٧]
الصلاة سببٌ لرؤية المُسلم وجه ربِّه في الجنَّة، قال الله -تعالى-: (لِلَّذينَ أَحسَنُوا الحُسنى وَزِيادَةٌ). [١٨] [١٩]
فضل الصبر
إنَّ للصبر العديد من الفضائل، وهي فيما يأتي: [٢٠] [٢١]
البِشارة من الله -تعالى- للمسلم الصابر عند المُصيبة بالصِّلاة والرَّحمة، وكذلك الهِداية، لقول الله -تعالى-: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
- استعينوا بالصبر والصلاة - الكلم الطيب
- ص180 - كتاب تفسير القرآن الكريم اللهيميد من الفاتحة إلى النساء - واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون - المكتبة الشاملة
استعينوا بالصبر والصلاة - الكلم الطيب
الصلاة الصلاة.. آخر وصية من النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحياة؛ لِعِلمهِ أنَّ الأمةَ بعده ستضلُها الفتنُ، وتكثرُ عليها المحنُ، ويستكبرُ القويُّ، ويقهرُ الضعيف، ولا مخرج منها ولا تَغَلُّب عليها إلا بالصبر على الصلاة. ثبت الإمامُ أحمدُ يوم المحنةِ، وصبر على السياط؛ لأن الصلاة وقودُه.. قَالَ ابنه عَبْدُاللهِ: كَانَ أَبِي يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيلةٍ ثَلَاثَمائَةِ رَكْعَةٍ، فَلَمَّا مَرِضَ مِن تِلْكَ الأَسواطِ، صَلَّى كُلَّ يَوْمٍ وَليلَةٍ مائَةً وَخَمْسِينَ رَكْعَةً. هنا نعلمُ قيمةَ الصلاةِ في الشدائدِ.. فهي النبعُ الذي لا يغيضُ، ومفتاحُ الكنزِ الذي يُغني ويُقني ويَفِيض.. استعينوا بالصبر والصلاه. إنها الروح والندى والظلال في الهاجرة، إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود. أخرج ابن أبي شيبة وأصله في صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ احْتَمَلْتُهُ أَنَا وَنَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي غَشْيَةٍ حتى أسفر، فجعلنا نناديه فلا يجيب، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّكُمْ لَنْ تُفْزِعُوهُ بِشَيْءٍ إِلَّا بِالصَّلَاةِ، فَقُلْنَا: الصلاةَ الصَّلَاةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ!
ص180 - كتاب تفسير القرآن الكريم اللهيميد من الفاتحة إلى النساء - واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون - المكتبة الشاملة
معنى الآية الكريمة:
نادَى الرَّبُّ تعالى عباده المؤمنين وهم أهل مِلَةِ الإسلام؛ ليرشدهم إلى ما يكون لهم عَوْنًا على الثبات على قِبْلَتهم التي اختارها لهم، وعلى ذكر ربهم وشكره وعدم نسيانه، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا.... ﴾ [البقرة: 153]؛ أي: على ما طُلِبَ منكم من الثبات والذِّكر، والشكر وترك النسيان، والكفر، بالصبر الذي هو توطين النفس وحملها على ما أمر الله تعالى به، وبإقام الصلاة، وأَعْلَمَهُم أنه مع الصابرين يَمُدُّهم بِالْعَوْنِ والقُوَّة، فإذا صبروا نالهم عَوْنُ اللهِ وتقويته، والآية التي تليها رقم 154. فقد تضمنت نهيه تعالى لهم أن يقولوا: إن من قتل في سبيل الله ميت؛ إذ هو حَيٌّ في البَرْزَخ، وليس بميت، بل هو حي يرزق في الجنَّة؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرواح الشهداء في حَواصِل طيور خُضْر تَسْرَح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى قَناديل مُعَلَّقَة تَحْتَ العَرْشِ). استعينوا بالصبر والصلاة - الكلم الطيب. حَواصِل: جمع حوصلة، فلذلك لا يقال لمن قُتِلَ في سبيل الله: مات، ولكن اسْتُشْهِد، وهو شَهِيدٌ، وَحَيٌّ عند ربه، حياة لا نَحسُّها ولا نَشْعُر بها، لِمُفارَقَتها للحياة التي في هذه الدَّار.
النداء الثاني للمؤمنين في القرآن
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [سورة البقرة: 153].