ومنها حب من أحب النبي - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار ، وعداوة من عاداهم، وبغض من أبغضهم وسبهم ، فمن أحب شيئاً أحب من يحبه ، فقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( لا تسبوا أصحابي ، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)( البخاري). ومن مظاهر محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - الشفقة على أمته ، والنصح لها ، والسعي في مصالحها ، ورفع المضارّ عنها ، كما كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم – بالمؤمنين ، فقد قال الله تعالى عنه: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}(التوبة:128). ومن أهم علامات محبته - صلى الله عليه وسلم: متابعته والاقتداء به ، يقول القاضي عياض - رحمه الله -:
" اعلم أن من أحب شيئاً آثره وآثر موافقته ، وإلا لم يكن صادقاً في حبه ، وكان مدّعياً، فالصادق في حب النبي - صلى الله عليه وسلم - من تظهر علامة ذلك عليه ، وأولها الاقتداء به ، واستعمال سنته ، واتباع أقواله وأفعاله ، والتأدب بآدابه في عسره ويسره ، ومنشطه ومكرهه ، وشاهد هذا قول الله تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(آل عمران:31).
محبه النبي صلي الله عليه وسلم بالتشكيل
اهـ. وهذا الذي فهمه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب؛ فعن السائب بن يزيد قال: "كنتُ قائمًا في المسجد، فحصبني رجل، فنظرتُ فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فأتني بهذينِ، فجئته بهما، قال: مَن أنتما؟ أو مِن أين أنتما؟ قالا: مِن أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم"؛ رواه البخاري (470). محبه النبي صلي الله عليه وسلم انشوده. عباد الله، مَن تأمَّل النفع الحاصل له من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي تسبَّب في إخراجه مِن ظلمات الكفر إلى نور الإيمان - عَلِمَ أنه سبب بقاء نفسه البقاء الأبدي في النعيم السرمدي، وعلم أن نفعَه بذلك أعظم من جميع وجوه الانتفاعات، فاستحق لذلك أن يكونَ حظُّه مِن محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - أوفر من غيره؛ لأنَّ النَّفْع الذي يثير المحبة حاصل منه أكثر من غيره، والناس يتفاوَتُون في ذلك بحسب استحضار ذلك والغفلة عنه؛ فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى - جَعَلَنَا الله جميعًا منهم - ومنهم مَن أخذ منها بالحظِّ الأدنى، وهو المستغرق في الشهوات المحجوب في غفلته في أكثر الأوقات. إخوتي:
مِن أسباب زيادة محبَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - في القلوب: إيثاره على غيره، وطاعته في أمره ونَهْيه - كما تقدم.
محبه النبي صلي الله عليه وسلم مزخرف
[9] سورة الحشر آية (7). [10] سورة آل عمران آية (31). [11] أخرجه مسلم في صحيحه (7 / 152) برقم 6512، وأخرجه أحمد في مسنده (4 / 422) برقم 19799. [12] سورة الأحزاب آية (36). [13] أخرجه أحمد في مسنده (4 / 422) برقم 19799.
محبه النبي صلي الله عليه وسلم انشوده
الشاهد الأول
الحرص على رؤيته وصحبته صلى الله عليه وسلم حيّا وميتا. من أحب حقا رغب في صحبته ورفقته
في الدنيا والآخرة لو خُيّر بين نعيم الدنيا وبين رؤيته ما اختار شيئا على رؤيته الشاهد الثاني
بذل النفس والمال دونه صلى الله عليه وسلم. فكل محب صادق يترقب فرصة يتمكن فيها من بذل روحه
وما ملكت يمينه لمن أحب وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم ذاك الرجل
ومَن بعدهم يجدون الحسرة في قلوبهم لفوات تلك الأمنية فيبذلونها لنصرة شريعته وسنّته جعلنا الله وإياكم منهم الشاهد الثالث امتثال أوامره واجتناب نواهيه صلى الله عليه وسلم { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} الحشر7
من أحب محمدا صلى الله عليه وسلم كان هواه تبعا لما جاء به وكان صورة متحركة للإسلام
يتجلى الإسلام في جميع تصرفاته.
فقال بن هانئ لا آمن عليك يا أبا عبد الله
قال: افعل لو فعلت أفدتك
قال بن هانئ فطلبت له موضعا آخرا فلما خرج قلت الفائدة يا إمام
قال: لقد اختفى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثة أيام ثم تحول
وليس ينبغي أن يُتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرخاء ويترك في الشدة
=**=**=**=**=**=**=**=**=**=**=**=**=**=**
معشر الأحبة:
بتلك المحبة سارت الأمة على اسم الله في نهار ضاحك وضّاح
فصارت مثلا في المبادئ ساميا وذكرا في الأفواه ذائعا وثناءً على الشفاه شائعا
وكانوا أزكى وأبقى على الأرض من أثر الغمام المنهل. بمثل هذه المحبة ترتفع راية الله في أرض الله ويومها يفرح المؤمنون بنصر الله
اللهم إنّا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن ترزقنا محبة صادقة لنبيك صلى الله عليه وسلم
ننال بها رضاك وتوردنا بها حوضه وتجمعنا بها معه في جنتك بمّنك وكرمك ورحمتك
منقول بتصرف.