[تفسير قوله تعالى: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم)] قال الله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:44]. أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم تفسير. قال المصنف رحمه الله: [يقول تعالى: كيف يليق بكم يا معشر أهل الكتاب وأنتم تأمرون الناس بالبر -وهو جماع الخير- أن تنسوا أنفسكم فلا تأمرونها بما تأمرون الناس به، وأنتم مع ذلك تتلون الكتاب، وتعلمون ما فيه على من قصر في أوامر الله، أفلا تعقلون ما أنتم صانعون بأنفسكم فتنتبهوا من رقدتكم، وتتبصروا من عمايتكم، وهذا كما قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ} [البقرة:44] قال: كان بنو إسرائيل يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه وبالبر ويخالفون، فعيرهم الله عز وجل]. فعيرهم، يعني: عابهم وذمهم، وهذا ليس خاصاً ببني إسرائيل، بل هو عام لبني إسرائيل ولهذه الأمة، ولهذا قال بعضهم: مضى القوم ولم يعن به سواكم، أي: أن المراد هذه الأمة؛ لأن بني إسرائيل قد مضوا، والله تعالى إنما ذكر هذا ليحذرنا من أن نفعل مثل فعلهم، فيصيبنا ما أصابهم. فالواجب على الإنسان إذا أمر بالمعروف أن يكون أول المؤتمرين به، وإذا نهى عن منكر أن يكون أول المنتهين عنه، ولا شك أنه قبيح بالإنسان أن يأمر الناس بالخير ويتخلف عنه، ولكن كما سيأتي أن الإنسان عليه واجبات: الأول: واجب العمل، والثاني: واجب الدعوة.
- اتامرون الناس بالبر وينسون انفسهم
- أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم
- أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم تفسير
- اتامرون الناس بالبر وتنسون انفسكم
اتامرون الناس بالبر وينسون انفسهم
قول الله تعالى: "أتأمُرونَ الناس بالبرِّ وتنسَون أنفُسكم وأنتم تتلُونَ الكتاب" - الشيخ صالح المغامسي - YouTube
أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم
قال سعيد بن جبير: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر، ومن يعظ العاصين بعد محمد صلى الله عليه وسلم؟! والأغلب أن الناس عصاة، فليس هناك من كمل في صفاته وأخلاقه غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الإمام مالك بن أنس: وصدق سعيد بن جبير: من ذا الذي ليس فيه شيء؟ وقال العلامة الشيخ السعدي: فمن أمر غيره بالخير ولم يفعله، أو نهاه عن الشر فلم يتركه دل على عدم عقله وجهله، خصوصاً إذا كان عالماً بذلك قد قامت عليه الحجة، وهذه الآية وإن كانت قد نزلت في بني إسرائيل فهي عامة لكل أحد، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ [الصف:2]. يقول: وليس في الآية أن الإنسان إذا لم يقم بما أمر به أن يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنها دلت على التوبيخ بالنسبة إلى الواجبين: واجب الأمر بالمعروف، وواجب فعل هذا المعروف، وإلا فمن المعلوم أن على الإنسان واجبين: أمر غيره ونهيه، وأمر نفسه ونهيها، فترك أحد الواجبين لا يكون رخصة في ترك الآخر، والكمال أن يقوم الإنسان بالواجبين، والنقص الكامل أن يتركهما، وأما قيامه بأحدهما دون الآخر فليس في رتبة الأول وهو دون الأخير.
أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم تفسير
اتأمرون الناس بالبر - YouTube
اتامرون الناس بالبر وتنسون انفسكم
علي بن زيد هو علي بن زيد بن جدعان المذكور في السند الأول. قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأخرجه ابن حبان في صحيحه وابن أبي حاتم وابن مردويه أيضاً من حديث هشام الدستوائي عن المغيرة -يعني ابن حبيب ختن مالك بن دينار - عن مالك بن دينار عن ثمامة عن أنس بن مالك قال: (لما عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقوم تقرض شفاههم، فقال: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم أفلا يعقلون؟! اتامرون الناس بالبر وينسون انفسهم. )]. قوله: (ختن) يعني: صهره زوج ابنته. وهذه الأحاديث قد يقال: إنها يشد بعضها بعضاً، فالسند هذا يشد السند الآخر إذا لم يكن فيه ضعيف شديد.
هذا كلام الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي. الصبر وأنواعه
الجهاد مراحله وأنواعه
وجهاد النفس أربع مراتب: العلم، والعمل، والدعوة، والصبر على أذى الناس، وجهاد الشيطان، وجهاد الشهوات التي يزينها الشيطان لك، ثم بعد ذلك جهاد الشبهات التي يلقيها عليك الشيطان، وجهاد الشهوات يكون بالصبر، أما جهاد الشبهات فيكون باليقين في آيات الله عز وجل، ثم بعد ذلك جهاد المبتدعة باللسان، ثم بعد ذلك جهاد المنافقين باللسان: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [التوبة:73]، فأي زنديق يطعن في دين الله عز وجل، أو يتكلم في دين الله عز وجل، أو يطعن في الصلاة التي هي أساس دين الله عز وجل فعليك أن تجاهده، وتبين عواره للناس. ثم جهاد الكفار، ويكون بالسيف واللسان كذلك، وقد مر الجهاد بمراحل في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمرحلة الأولى: هي مرحلة الكف، وفيها لم يؤمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال أي رجل من الكافرين في مكة، ثم بعد هذا جاء الإذن بقتال من قاتله، قال تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا [الحج:39]، ثم بعد هذا جاء الأمر بوجوب قتال من قاتلك، وأما من سالمك من الكفار فلا تقاتله، ثم أتت المرحلة الرابعة: وهي مرحلة السيف، فابدأ بالقتال لكل الناس حتى يسلموا لله عز وجل، أو يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
وقال في آية أخرى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، فـ ابن تيمية يقول: إن الآية الأولى منسوخة بالآية الثانية، أي: مبينة ومفسرة لمعنى الآية الأولى؛ ولذا قال العلماء: إن آية السيف ليست ناسخة وإنما هي ناسئة، كما في قوله عز وجل: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا [البقرة:106]، ومعنى الكلام كما قال بعض أهل العلم: أن على المسلمين العمل بآيات الصفح والعفو في زمن الاستضعاف، والعمل بآية السيف في حال القوة والتمكين. مهاجمة المسلمين لعدوهم من غير فرض جزية، وجواز موادعة الكفار عند الضعف والحاجة
وقد سئل الإمام الشافعي: هل يجوز للمسلمين أن يهاجموا عدوهم من غير فرض جزية؟ قال: يجوز لهم هذا. بل قال الشافعي: ويجوز لهم عند الضرورة أن يعطوا المشركين مالاً إذا خشي الإمام استئصال شأفة المسلمين. يعني: دمار المسلمين دماراً نهائياً. هل آية {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ} خاصة أم عامة؟. والدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى غطفان بأن يرحلوا عن المدينة مقابل أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة -إذاً: فالمسألة جائزة شرعاً- فقال سيدنا سعد بن عبادة: والله يا رسول الله! لقد كنا كفاراً وما كنا نعطيهم تمرة واحدة من ثمار المدينة، والذي بعثك بالحق لا نعطيهم إلا السيف.