"وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها".. تفسير الشعراوي لسورة النحل - الحلقة 5 - YouTube
- وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ۗ إن الله لغفور رحيم
- وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها - أحمد كمال قاسم - طريق الإسلام
- "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها".. تفسير الشعراوي لسورة النحل - الحلقة 5 - YouTube
- عرض وقفة أسرار بلاغية | تدارس القرآن الكريم
وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ۗ إن الله لغفور رحيم
د. محمد المجالي
مِن توجه العبد الصادق إلى الله إقراره بنعمه وفضله عليه سبحانه، فهو الخالق والقادر والرازق، وهو بذلك الجدير بأن يتوجه العبد إليه وحده، فليس من يخلق كمن لا يخلق، فمن يعطي بلا مقابل، وينعم على المؤمن وغيره، حقيق بأن يأنس العبد به، وأن يركن إليه وحده.
وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها - أحمد كمال قاسم - طريق الإسلام
وقال الشوكاني - رحمه الله -: (ومعلومٌ أنه لو رَامَ فردٌ من أفراد العِباد أنْ يُحصي ما أنعمَ اللهُ به عليه في خَلْقِ عُضوٍ من أعضائه، أو حاسَّةٍ من حواسِّه، لم يقدر على ذلك قط، ولا أمكنه أصلاً، فكيف بما عدا ذلك من النِّعم، في جميع ما خَلَقَه اللهُ في بدنه، فكيف بما عدا ذلك من النِّعمِ الواصلةِ إليه في كلِّ وقتٍ، على تَنَوُّعِها واختلافِ أجناسِها). وقال أيضاً: (إنَّ كلَّ جزءٍ من أجزاء الإنسان لو ظَهَرَ فيه أدنى خَلَلٍ، وأيسرَ نَقْصٍ لَنَغَّصَ النِّعمَ على الإنسان، وتمنَّى أنْ يُنفِقَ الدنيا لو كانت في مُلكِه حتى يزول عنه ذلك الخَلَل، فهو سبحانه يُدير بَدَنَ هذا الإنسان على الوجه الملائم له، مع أنَّ الإنسانَ لا عِلْمَ له بوجود ذلك، فكيف يُطِيقُ حَصْرَ بعضِ نِعَمِ اللهِ عليه، أو يَقْدِرُ على إحصائها، أو يتمكَّن من شُكْرِ أدناها؟). الخطبة الثانية
الحمد لله... وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها. أيها الكرام.. خُتِمَت الآيةُ السابقة بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ فهذا طبعُ الإنسان، كفورٌ غير شكور، ظلومٌ لنفسه، كفَّارٌ لنِعَمِ الخالق جلَّ وعلا، يجترئ على المعاصي، ويُقصِّر في حقوق الله تعالى، وبمقدار كثرةِ نِعَمِ الله تعالى يكثر كُفْرُ الكافرين بها، فهم يُعرِضون عن عِبادة المُنعِم، ويعبدون ما لا يملك لهم ضَرًّا ولا نَفْعاً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نُشوراً، ولا يَشكر نِعَمَ اللهِ تعالى إلاَّ القليل؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].
&Quot;وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها&Quot;.. تفسير الشعراوي لسورة النحل - الحلقة 5 - Youtube
18) التنبيه على أنَّ الإنسان في محلِّ التقصير في شُكر تلك النِّعم. 19) أنَّ الله يَغفر له تقصيرَه في أداء شُكر نِعَمه، ويَرحمه ببقائها، مع تَقصيره في شُكرها. 20) أنَّه بمقدار كَثرة النِّعَم يَكثر كُفر الكافرين بها؛ إذ أعرضوا عن عِبادة المنعِمِ، وعبَدوا ما لا يُغني عنهم شيئًا، فأمَّا المؤمنون، فلا يَجحدون نِعَمَ الله، ولا يَعبدون غيرَه. وإن تعدوا نعمة الله. 21) عِظَم رحمة الله عزَّ وجل، وسَعَة فضلِه؛ فهو ينعِم على المطيع والعاصي، والمؤمنِ والكافر، ومع ذلك تُنسب إلى غيره، وهو المستحقُّ وحده دونما سواه لذلك. 22) تَجلِّي آثار كمال رَحمته عزَّ وجل في خلقه وهدايتهم وإنعامه عليهم؛ وهذا يَقودنا بالتالي إلى فَهْم ولو شيئًا يسيرًا قليلًا من معنى قوله عزَّ وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18]. 23) أنَّ المنعِم عزَّ وجلَّ علينا بكل هذه النِّعَم هو الموصوف بصِفات العظمة والكمال، والعزَّةِ والجلال. 24) أن المنعِم عزَّ وجلَّ لم يطالِبنا بشكر جميع نِعَمه؛ لِعجزِنا عن القيام بذلك، ولم يأمُرنا به؛ لضعفِنا وعدم المواظبة عليه، ولو أنَّه عزَّ وجلَّ عذَّبَنا لعذَّبنا وهو غير ظالمٍ لنا، ولكنَّه عزَّ وجلَّ غفور رحيم؛ يَغفر الكثيرَ، ويجازي على اليسير.
عرض وقفة أسرار بلاغية | تدارس القرآن الكريم
والمصدر المؤوّل (أن تأكلوا.. ) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (سخّر). والمصدر المؤوّل (أن تبتغوا... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (سخّر) لأنه معطوف عليه. جملة: (هو الذي... ) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (سخّر البحر... ) لا محلّ لها صلة الموصول (الذي). وجملة: (تأكلوا... ) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر. وجملة: (تستخرجوا... ) لا محلّ لها معطوفة على جملة تأكلوا. وجملة: (تلبسونها... ) في محلّ نصب نعت لحلية. وجملة: (ترى الفلك... ) لا محلّ لها اعتراضيّة. وجملة: (تبتغوا... ) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر الثاني. وجملة: (لعلّكم تشكرون... عرض وقفة أسرار بلاغية | تدارس القرآن الكريم. ) لا محلّ لها تعليليّة، وهي معطوفة على التعليل المتقدّم المستعمل له اللام. وجملة: (تشكرون) في محلّ رفع خبر لعلّ. الواو عاطفة (ألقى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق ب (ألقى) مضمّنا معنى خلق (رواسي) مفعول به منصوب- صفة لموصوف محذوف أي جبالا رواسي- ومنع من التنوين لأنه جمع على صيغة منتهى الجموع (أن) حرف مصدريّ ونصب (تميد) مضارع منصوب، والفاعل هي (الباء) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تميد).
ثانيا: إرشاد العِباد إلى طلَب النِّعَم والتزوُّد منها من الله عزَّ وجلَّ لا من أحدٍ سواه. ثالثا: أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد أسبغ على جميع خلقه وعباده هذه النِّعَم ظاهرةً وباطنة. رابعا: أنَّه لا سبيل له إلى ضَبط أجناس هذه النِّعم ، فضلًا عن أنواعها أو عن أفرادها، خامسا: أنَّ النِّعمة من جِنس الإحسان؛ بل هي الإحسانُ، والله عزَّ وجلَّ إحسانه على البَرِّ والفاجِر، والمؤمِن والكافِر، وأمَّا الإحسان المطلَق، فهو للَّذين: ﴿ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]. سادسا: أنَّ هذه النِّعَم ليس لأحدٍ – كائنًا مَن كان – أن يحصيها غير اللهِ؛ لكثرتها عليهم، وجهلِهم بها. وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ۗ إن الله لغفور رحيم. سابعا: الحثُّ على التفكُّر والتدبُّر في تلك النِّعَم الكثيرة والمتنوعة، التي لا نَستطيع إحصاءها، ولا نطيق عدَّ أنواعها، فضلًا عن أفرادها. ثامنا: التنبيه إلى الشُّكر وبيان أهميَّتِه، وأنَّه من أعظم الأسباب – إن لم يكن أعظمها – لاستدامَةِ النِّعَم. تاسعا: أنَّ الله يَغفر له تقصيرَه في أداء شُكر نِعَمه، ويَرحمه ببقائها، مع تَقصيره في شُكرها. عاشرا: عِظَم رحمة الله عزَّ وجل، وسَعَة فضلِه؛ فهو ينعِم على المطيع والعاصي، والمؤمنِ والكافر، ومع ذلك تُنسب إلى غيره، وهو المستحقُّ وحده دونما سواه لذلك.
بقي أن أذكر أن الشكر عمل لا مجرد قول، فحين يقول الله تعالى: "لئن شكرتم لأزيدنكم"، فالشكر عمل، وكل نعمة حسب طبيعتها، فشكر المال صدقة، وشكر الصحة عبادة، وشكر الجاه إصلاح، وهكذا، ومن هنا قال الله تعالى: "اعملوا آل داود شكرا، وقليل من عبادي الشكور"، فكن من هذه القلة، لتفي ولو الحد الأدنى من حق الله عليك، ولتنال وعده بأن يزيدك من فضله سبحانه، هو حسبنا ونعم الوكيل".