والثانية: أن الله تعالى أمر عباده بالصلاة على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وجعلها قربة يُتقرب بها إليه سبحانه، وهذا تشريف لم ينله رسول ولا ملك. ثم نقل عن الحافظ السخاوي ما يشير إلى أن الملائكة لا يحصي عددهم إلا الله، وذكر أنواعهم، ثم قال: ومعلوم أن الجميع يصلون على سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنص القرآن حيث كانوا وأين كانوا، وهذا مما خصه الله به دون سائر الأنبياء والمرسلين [7]. ] معنى الصلاة والسلام على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [. وقال الإمام العز بن عبد السلام - رحمه الله -: ليست صلاتنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - شفاعة منا له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكن الله أمرنا بالمكافأة لمن أحسن إلينا وأنعم علينا، فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء، فأرشدنا الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه، لتكون صلاتنا عليه مكافأة بإحسانه إلينا، وأفضاله علينا، إذ لا إحسان أفضل من إحسانه - صلى الله عليه وسلم - [8]. يقول القاضي عياض - رحمه الله -: وأما التسليم الذي أمر الله تعالى به عباده فقال القاضي أبو بكر بن بكير: نزلت هذه الآية على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر الله أصحابه أن يسلموا عليه، وكذلك من بعدهم أمروا أن يسلموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند حضورهم قبره وعند ذكره، وفى معنى السلام عليه ثلاثة وجوه:
أحدهما: السلامة لك ومعك، ويكون السلام مصدرًا كاللذاذ واللذاذة.
] معنى الصلاة والسلام على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [
الثاني: أي السلام على حفظك ورعايتك متول له وكفيل به، ويكون هنا السلام اسم الله. الثالث: أن السلام بمعنى المسالمة له والانقياد كما قال ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65] [9]. إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكرم الخلق على الله تعالى، وأعظم رسول إلى بني آدم، فهو سيد المرسلين وخاتم النبيين كما صح عنه بأبي هو وأمي: " « أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ » [10]. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ما خلق الله ولا ذرأ ولا برأ أكرم عليه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما أقسم بحياة أحد قط إلا بحياة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وما ناداه ربه إلا بلقبه تعظيمًا لمكانته، وإظهاراً لشرفه وعلو قدره. لذا فحق النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذه البشرية عظيم وعلى هذه الأمة – أمة الإجابة خاصة- أعظم. فمن حقوقه الاعتقاد الجازم والإيمان الراسخ بأنه مُرسل من ربه جل وعلا، والتصديق بعموم رسالته إلى الجن والإنس كما في "صحيح مسلم" عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» [11].
القسم: